قمت بزيارة لموريتانيا في الآونة الأخيرة وليتني ما قمت بها. كنت أريد أن ازور بعض معارفي هناك والتقي ببعض الفعاليات الصديقة من طبقة المثقفين والفنانين. لكن فوجئت إن الكثير من تلك الوجوه الباسمة دائما قد عبست في وجهي، وان الكثير من الدعابات الموريتانية اللطيفة قد قَلًّتْ، وكأنني لست في موريتانيا التي تتنفس الدعابة وخفة الروح وتطرب للعب بالكلمات. في الحقيقة كان هناك بعض العتب الموريتاني المخفي ببراعة في ثنايا اللغة : بعض الموريتانيين في غاية الغضب من كتابات وتصريحات السيدة الأولى في "لجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية"خديجة حمدي. ففي لقاء لي في نواقشوط مع موريتاني صديق قادم المخيمات قال لي بالحرف الواحد أن خديجة ظنته صحراويا فقالت أمامه: "أن موريتانيا والمغرب متفقان دائما على تقسيم الصحراء". هذا قد لا يكون عجبا بما انه صدر من سيدة ديكتاتورية لا تؤمن بالديمقراطية وهي جزائرية ولا تعرف عمق العلاقة الصحراوية مع موريتانيا ولا تفكر إلا في السلطة والتسلط،وهي ضد كل ما هو حضاري. إن الذي ستطيع إن نقوله لهذه السيدة وللموريتانيين الذين استمعوا إليها هو أننا نحن الصحراويين براء من دمنا أمامهم ، لكن للأسف هذه السيدة لا تؤمن إلا بزوجها فهو في نظرها الديمقراطية والعدل والبطولة والوطنية اما الباقون فهم كلهم مغاربة حين يتعلق الأمر بالخروج عن مظلة البوليساريو وخط عبد العزيز. إن تصرف خديجة هذا المعادي للديمقراطية يضحكني كثيرا ويذكرني بقصة هيلاري كلينتون مع زوجها بيل، فهي لا تنظر إليه على أساس أنه زوج، بل تنظر إليه على أساس انه سُلم تصعد من خلاله إلى السلطة. إن هيلاري لا يهمها كثيرا خرجات زوجها وعلاقاته الغرامية مع كل من هب ودب، فلو كانت شريفة كانت أنهت كلما يربطها معه منذ زمن، لكنها كانت تحلم بشيء واحد: السلطة، السلطة ولو على حساب الشرف. خديجة قامت بنفس الفعلة، فهي مرتبطة مع رجل جاهل لا يعرف كتابة اسمه وهي الجامعية الخريجة من أحسن الجامعات الجزائرية. إن حلم خديجة هو حشد مزيدا من السلطات في يدها، بل أنها تفكر أن تصبح وريثة زوجها بعد أن تمكنت من وزارة الثقافة والإعلام واتحاد الكتاب الصحراويين. من جهة أخرى وفي أحاديثي مع الموريتانيين قالوا لي بالحرف الواحد أنهم غاضبون أيما غضب من تصريحات وكتابات خديجة التي خرجت فيها عن اللياقة المعهودة وراحت تصم جام غضبها على موريتانيا والموريتانيين. فحسب الموريتانيين "فإن السيدة المذكورة كانت كل مرة تغمس قلمها وتحشر أنفها في الشأن الموريتاني وتتطاول على هذا الشعب الشقيق والصديق للشعب الصحراوي. وفي الواقع لم يكن عندي – بصفتي صحراوي- ما أدافع به عن السيدة المذكورة، فالذين ينتقدونها في موريتانيا هم كُثر ويتكاثرون بسرعة وما لم يلجم الصحراويون "سيدتهم الأولى" ويسكتونها فإن موريتانيا كلها ستنقلب على الصحراويين في يوم من الأيام وينفرون من التضامن معهم. فحين كنت أتكلم مع الموريتانيين وأحاول أن أدافع عن شعبي بعصبية بديهية كان الموريتانيون يخرجون لي الدلائل ويوقفونني عند حدي. فحسب الإخوة في موريتانيا فإن السيدة المذكورة قد بلغ بها الحمق أقصاه حين راحت تُشهر بأكبر شاعر موريتاني – حمدو ولد عبد القادر- على الصحف وفي المنابر لسبب زلة لسان بسيطة هو لا يتذكرها أصلا. وبسبب ذلك الهجوم الكبير على الشاعر الجبل من طرف امراة – خديجة-جاهلة بعمق العلاقات الموريتانية، امراة هي أصلا سيدة جزائرية أو مغربية لا تعرف شيئا عن البيظان ولا عن ثقافتهم، كان على الشاعر الكبير أن ينزل من فوق حصانه. كان الشاعر العملاق أذكى منها بكثير؛ لقد كان يستطيع أن يقول لها أنها لم تفهم مغزى قوله أو لا يرد عليها أصلا، لكنه خاف أن يحدث شرخ بين شعبين هم أصلا شعب واحد. كان عليه أن يسقط من عليائه الشعري وينزل من فوق حصانه ليترجل ويكتب اعتذار في مواقع وجرائد كثيرة وببساطة. لقد أثرت تلك الواقعة – تطاول خديجة على الشاعر العربي- كثيرا على العلاقات بين الشعبين الصحراوي والموريتاني. إن الشعب الموريتاني مستاء كثيرا من تلك الفعلة الشنيعة التي قامت بها المسماة خديجة ولن يغفرها لها ولا لنا كصحراويين. ولا يقف الموريتانيون عند الإهانة التي الحقتها خديجة بشارعهم الكبير وشاعر العرب، بل يسوقون أمثلة أخرى من قبيل انه سبق لها أن تطاولت على مفكر موريتاني أخر هو ددي ولد السالك بسبب تصريح له في "لجزيرة" ويتساءلون هل يستحق هؤلاء هجمة شرسة من طرف السيدة الأولى في بلد مجاور شقيق. إن كلمات- الكلام دائما للموريتانيين- صادرة عن شخص عادي غير رسمي لا تعبر بالضرورة عن رأي شعب، لكن حين تصدر عن سيدة مسئولة وزيرة فهي طبعا تعبر عن رأي الصحراويين الرسمي. والمشكلة حسب الإخوة الموريتانيين إن السيدة المذكورة لم تكتب ولم نقرأ لها أنها كتبت ولو مرة واحدة عن المحتل المغربي أو قامت بتشويه شخصية مغربية رسمية بسبب تصريحاتها حول الصحراء الغربية. إنه امر يدعو إلى الاستغراب حقا، أم أن هذه السيدة مكلفة رسميا من طرف بلدها وزوجها بملف موريتانيا ومهاجمتها. لماذا، إذا كانت كاتبة حقا، إن تكتب كتابا عن المملكة المغربية والأسرة الملكية وتنشره على الناس ليعرفون حقا أنها كاتبة تدافع عن مصلحة شعبها. لماذا تنشر كتاباتها عن موريتانيا وشخصياتها التي لا تستحق وتسكت عن المغرب الذي يستحق. إن الذي دفعني وبقوة إلى كتابة هذا المقال هو ما قرأته مؤخرا على موقع ما يسمى باتحاد الكتاب الصحراويين الذي ترأسه خديجة شخصيا وتتحكم فيه جنبا على جنب مع وزارة الثقافة ووزارة الإعلام. ففي الموقع المذكور تقول خديجة في مقال لها ( لحظة " صدق") أنها لا تريد أحدا ا ينظر إليها على أساس أنها مسئولة في الدولة الصحراوية، بل ينظر إليها على خلفية أنها كاتبة وشاعرة. إن المقال المذكور يشم منه أن السيدة المذكورة وصلتها أخبار إن موريتانيا كلها غاضبة عليها بسب تهجمها عليها وعلى رموزها. إن الذي أقوله هنا للموريتانيين والصحراويين على حد سواء إن السيدة المذكورة ليست بكاتبة ولا بشاعرة، إنما هي كاذبة وكاذبة، فكل ما كتبت وتكتب هو سياسي محض تريد من ورائه خداع الجهلاء من الصحراويين والموريتانيين. فمنذ دخولي إلى الثانوية في سنة 1988 وأنا اسمع أن خديجة شاعرة وكاتبة، لكن إلى حد الآن لم تنشر علينا كتابا واحدا. وحين بدأتُ افهم في الكتابة وبعض الشعر مع تخرجي من الجامعة سنة 1995 وبدأت اقرأ كتابات السيدة المذكورة المنشورة هنا وهناك أدركت أنها ليست كاتبة ولا شيء، وان كل ما كتبت هو ترهات لا أكثر ولا اقل. كيف إن شخصا دعي نه كاتب وشارع منذ سنة 1988 ولم يصدر له اى حد الآن أي كتاب. إن الذي تكتبه المسماة خديجة هو بعض الخطابات السياسية الفارغة المراد منها لفت الانتباه إلى شخصيتها لتصل في يوم من الأيام لتصبح وزيرة وبعد ذلك رئيسة. وليس الموريتانيون وحدهم من هم في اشد الغضب من السيدة المذكورة، بل إن الصحراويين أيضا مستاءون مستاءون من تصرفاتها. فحين كنت في المخيم في الأشهر القليلة الماضية سمعت الصحراويات يقلن أنها أرغمتهن على بناء الخيام في مهرجان الثقافة وانها هددت أي مواطنة لم تبن خيمة في المهرجان بقطع مصدر رزقها عنها. وفي الحقيقة دفعت المواطنات المسكينات ثمن تهديدات خديجة الديكتاتورية. اولئك اللاتي رفضن بناء الخيام التقليدية لم يستفدن من حصتهن التموينية التي كانت مخصصة لهن طيلة شهرين مع العلم إن التموين لا يخرج من هلال زوجها عبد العزيز، لكن من عند المنظمات الدولية. إن على المواطنات اللاتي تهددهن خديجة بقطع التموين عنهن إن يعتصمن أمام مقر الأممالمتحدة للمطالبة بحقهن. وفي الختام نقول للأخوة الموريتانيين أننا نحن الصحراويين براء من خديجة، وأنها لا تمثلنا وان كل ما تقوله أو تكتبه من الآن فصاعدا ليس له علاقة الصحراوين ولا بقضيتهم.