البعض يصفها ب"مدينة التسامح حد التناقض" تيزي وزو (الجزائر)- رمضان بلعمري تبعد ولاية تيزي وزو عن العاصمة الجزائرية بحوالي 80 كلم، ويعيش فيها أكثر من مليون و300 ألف شخص. وكثيراً ما ارتبط اسمها بالتوتر السياسي مع النظام القائم في الجزائر على خلفية الهوية الأمازيغية، بينما يعتبرها مراقبون مدينة "التسامح حد التناقض"، لكونها المدينة التي أنجبت غلاة العلمانية في الجزائر، على رأسهم الدكتور سعيد سعدي، كما أنها المدينة التي تحتضن، أيضاً، مقر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بزعامة عبد المالك درودكال، المكنى بأبي مصعب عبد الودود. مدينة المساجد ويؤكد الباحث في التراث الأمازيغي محند أرزقي فرّاد، أن "ولاية تيزي وزو تضم لوحدها ما يفوق 500 مسجد، وأكثر من 50 زاوية لا تزال عامرة لحد الآن، وهي بذلك تحتل المرتبة الأولى على المستوى في عدد المساجد، علما أن الجزائر تحصي 15 ألف مسجدا". ويقول فرّاد، وهو أمازيغي من منطقة تيزي وزو، وأحد أشد المدافعين عن اللغة العربية، إن "الصورة النمطية السلبية عن تيزي وزو سببها تخلي المثقفين المغتربين عنها، مقابل استماتة المثقفين المفرنسين في الدفاع عن الترويج للغة الأمازيغية بالحرف اللاتيني". ويشير الباحث، في حديثه ل"العربية.نت"، إلى أن جمعية العلماء المسلمين، تكون أغلب إطاراتها في زوايا منطقة القبائل كما هو شأن البشير الإبراهيمي والفضيل الورتيلاني، وحتى رئيسها الحالي الشيح عبد الرحمن شيبان، وهو أمازيغي من منطقة القبائل. معقل حملات التنصير في المقابل، اتخذ المنصّرون تيزي وزو كمعقل رئيسي للترويج للمسيحية منذ بدايات مجيئهم للمنطقة، حيث بنوا كنيسة "واضية" التي تعتبر إحدى أكبر قلاع المسيحية في الجزائر، لدرجة أنها تملك أراض وقف يتغذى منها نشاط التنصير في المنطقة. إلى جانب هذه الكنيسة المعتمدة، توجد العديد من "الفضاءات" غير المرخصة للتنصير، كما هو شأن كنيسة "ثافاث" التي أقدم مجهولون على حرقها في الأيام القليلة الماضية، بسبب إقامتها في حي سكني بوسط مدينة تيزي وزو. ويذكر فرّاد أن "حملات التنصير في المنطقة تعود أساسا إلى الحقبة الاستعمارية، حين شيّد الكاردينال لافيجري عددا من الكنائس بالمنطقة، وكان الغرض منها مزاحمة الدين الإسلامي باللعب على وتر الهوية الأمازيغية بدل الهوية الإسلامية العربية". مدينة المتناقضات كذلك تمثّل تيزي وزو منشأ "غلاة التعصب العرقي" للأمازيغية، وأغلبهم ينشط في مجالي الفن والثقافة، كلشأن المغني معطوب الوناس الذي اغتيل عام 1998، والمغني فرحات مهني، الزعيم الانفصالي الذي ينادي منذ سنوات بإقامة ما يسميه الدولة القبائلية". كما انها المدينة التي أنجبت أحد كبار حملة مشروع التعريب في الجزائر، وهو مولود قاسم نايت بلقاسم. وأيضاً تضم الكثير من حفظة للقرآن الكريم، حيث فاز أحد أبنائها وهو ياسين أوعمران بجائزة فارس القرآن لسنة 2008. وخرج منها أيضاً، زعيم حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" سعيد سعدي، وهو الحزب الذي قارع الإسلاميين وأوصل إحدى مناضلاته، وهي خليدة تومي مسعودي، إلى منصب وزيرة الثقافة الآن. لكن لم يمنع هذا المحيط من أن تكون جبال سيد علي بوناب، المحيطة بتيزي وزو، معقلا رئيسيا لزعيم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وعناصره، حيث دأب منذ سنوات على "تسيير" نشاطاته الإرهابية وعقد اجتماعات مع أمراء التنظيم انطلاقا من هذه المنطقة بعد تضييق الخناق عليه في أماكن أخرى.