تقدم الحزب الشعبي المعارض اليوم، بمقترح ليناقشه البرلمان تؤكد الحكومة من خلاله وبقوة على الطابع الإسباني لمدينتي سبتة ومليلية المحتلتين. ويأتي عرض هذا الاقتراح المثير، بعد مرور أيام قلائل على المباحثات التي أجراها في مراكش عباس الفاسي رئيس الحكومة المغربية وقياديين من الحزب الشعبي، على هامش اجتماع قادة أحزاب الأممية الديمقراطية، حيث آثر أمين عام حزب الاستقلال عدم إثارة موضوع سبتة ومليلية وكذا الرسالة الاحتجاجية التي كان قد بعثها ،لرئيس الحزب الشعبي، ماريانو راخوي الذي زار في شهر أغسطس الماضي مدينة مليلية، ما اعتبره الفاسي في حينه استفزازا لمشاعر بلاده خاصة وأن زيارة راخوي، سبقتها بأيام زيارة استعراضية أخرى قام بها رئيس الحزب السابق خوصي ماريا أثنار، إضافة إلى قياديين آخرين في الحزب الشعبي آخرهم، خافيير أريناس، أمين عام فرع الحزب الشعبي في إقليم الأندلس. ووفقا لما بثته وكالة "إيفي" شبه الر سمية اليوم، فإن الفريق النيابي الشعبي، ألح على إصدار موقف حاسم وصارم من الحكومة الاشتراكية حيال مطالب المغرب باسترجاع المدينتين وكذا إزاء ما تقوم به جمعيات حقوقية مغربية. وقال المتقدمون بالاقتراح إنه يجب التأكيد على أن المدينتين لن تكونا وتحت أي ظرف، لا في الحاضر ولا في المستقبل، موضوعا للتفاوض بين بلادهم والمغرب، بل وصفوا في بيان باسم الحزب ، ما يقوم به المغرب من تحركات ومطالب بأنه يشكل "استفزازا". وأضاف بيان الحزب الشعبي أن إقامة علاقات تعاون اقتصادي وتجاري وسياسي مع المغرب، ينبغي أن تتأسس على ما أسماه بالشفافية بحثا عن الانسجام الإيجابي في المواقف. وتطرقت مبادرة الحزب الشعبي إلى الأحداث الأخيرة التي شهدتنها ضواحي مدينة مليلية، في شهر أغسطس الماضي حيث يقول الجانب الإسباني إن الناشطين الحقوقيين المغاربة المحتجين على الجانب الأخر من المعبر المفضي إلى مليلية، عرقلوا دخول الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والخضر والفواكه والأسماك القادمة من المغرب والمتوجهة نحو أسواق المدينة والمحتلة. وأوضح البيان أن تأخر أعضاء الحكومة الإسبانية في الجواب في وقت مبكر على التصرفات المغربية ما أدى إلى تدخل الملك، خوان كارلوس، لدى العاهل المغربي الملك محمد السادس، كل ذلك جعل قطاعات واسعة من الرأي العام في بلادهم يتشككون في الفتور وعدم الحماس الذي اتخذته الحكومة حيال تلك القضية. يذكر أن الحكومة الاشتراكية ، تمسكت بضبط النفس خلال أزمة الصيف بل تقبلت كثيرا من الانتقادات الموجهة إليها من المغرب، وأوفدت إلى الرباط وزير الداخلية وهو الشخص المؤثر في الحكومة، ومهد لزيارته مدير الأمن العام والحرس المدني، حيث اتفق الطرفان في ختام مباحثاتهما على طي صفحة الملف واستئناف التعاون بينهما في المجالات الحيوية كالإرهاب والمخدرات والهجرة السرية. ويأتي هذا الموقف غير الودي المعلن من الحزب الشعبي الذي يسيطر على الحكومتين المحليتين في سبتة ومليلية، وسط أجواء تواجه خلالها الحكومة الاشتراكية مصاعب جمة أدت إلى تراجع تأييدها من قبل الرأي العام الإسباني المتضرر من الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، حيث أصبح الفارق في شعبية الحزبين الرئيسيين الاشتراكي العمالي والشعبي اليميني، حوالي 13 نقطة لصالح الأخير وهو فارق لم يسجل في السنوات الماضية. وإذا اضطرت الحكومة الاشتراكية إلى الدعوة لانتخابات تشريعية سابقة لأوانها، فإنه سيكون من الصعب عليها الاحتفاظ بالسلطة، ما يفتح علاقات المغرب بجاره الشمالي على كافة الاحتمالات.