شكل إحداث صندوق لدعم الإعلام الخاص "المستقل" من صحف ورقية وإلكترونية في موريتانيا منعطفا مهما على درب إصلاح وتأهيل المنظومة الإعلامية برمتها والارتقاء بالممارسة الإعلامية إلى أسمى مدارج الديموقراطية ومزيد تكريس حرية التعبير في بلد المليون شاعر. وكان من تجليات هذا الإصلاح الذي شهده قطاع الإعلام٬ إلى جانب إحداث هذا الصندوق٬ تحرير حقل الإعلام السمعي البصري وصدور قانون خاص بالصحافة الإلكترونية٬ المنظمة في إطار تجمع مهني أكد في أكثر من مناسبة استعداده التام لمواكبة التحولات العميقة التي يشهدها القطاع حتى يفرز صحافة "راقية وواعية ومنظمة ومشاركة في التنمية" خاصة وأن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز ما فتئ يشدد على ضرورة اضطلاع الصحافة بدورها كاملا كسلطة رابعة٬ لكن في كنف احترام القانون وأخلاقيات المهنية، وفق تقرير لوكالة الأنباء المغربية من توقيع محمد بن الشريف. ويذكر ٬ في هذا السياق٬ أن موريتانيا تصدرت العالم العربي في مجال حرية التعبير وحلت في المركز 67 عالميا٬حسب التصنيف العالمي لسنة 2011 الصادر عن المنظمة الدولية (مراسلون بلا حدود). وحسب أحمدو مبيريك ولد محمد عبد الله رئيس لجنة تسيير هذا الصندوق٬ الذي أقرته الحكومة مؤخرا لدعم الصحافة المستقلة٬ فإن الهدف من إنشاء هذا الصندوق هو "تطوير الصحافة من خلال منحها الوسائل الضرورية للقيام بعملها ٬ موضحا أن الدولة أرادت أن يكون هذا الصندوق مستقلا من خلال تنوع أعضاء لجنة تسييره إذ تضم ممثلين عن قطاعات المالية والاتصال والسلطة العليا للصحافة المكتوبة والسمعية البصرية وثلاثة أعضاء من الصحافة وتجمعاتها. وصادقت لجنة تسيير صندوق الدعم العمومي للصحافة المستقلة٬ الذي رصد له مبلغ 200 مليون أوقية من ميزانية الدولة لسنة 2012 (نحو 700 ألف دولار)٬ على تخصيص 32 بالمائة من ميزانية الصندوق لدعم الصحف في مجال الطباعة٬ و15 بالمائة لتكوين الصحفيين٬ و25 بالمائة لاقتناء التجهيزات المعلوماتية وتوزيعها على الصحف المؤهلة للدعم٬ و15 بالمائة كرواتب للمحررين الصحفيين٬ و5 بالمائة للضمان الاجتماعي للصحفيين٬ و3 بالمائة لدعم إيجار مقار كل من تجمع الصحافة الموريتانية (الناشرون) ورابطة ونقابة الصحفيين وتنظيمات نقابية أخرى ٬ و5 بالمائة للمساهمة في تشييد دار وطنية للصحافة. واختارت اللجنة 62 مؤسسة صحفية من أصل 108 مؤسسة تقدمت بملفات للاستفادة من موارد الصندوق. والمؤسسات المستفيدة من الدعم هي سبع مجموعات إعلامية٬ و32 صحيفة من أصل 63 ٬ و23 موقعا إلكترونيا استوفت الشروط من أصل 38 تقدمت بطلبات دعم. وأقرت اللجنة ستة معايير للاستفادة من هذا الدعم وتتمثل في التصريح بالنشر لدى النيابة العامة٬ ووجود مقر دائم٬ وأقدمية في الصدور لا تقل عن 12 شهرا٬ والتوفر على حساب بنكي باسم المؤسسة٬ ومستوى التصفح بالنسبة للمواقع الإلكترونية٬ ووجود ثلاثة صحفيين على الأقل لدى المؤسسة يتوفرون على عقد يتماشى والاتفاقية الجماعية للشغل٬ لاسيما وأن العنصر البشري هو أساس ومنطلق كل إصلاح يروم تطوير القطاع وتأهيله. وإلى جانب توفر هذه المعايير تم اعتماد سلم للترتيب يأخذ بعين الاعتبار وضعية العمال ودورية الصدور ودرجة الانتظام والتصفح ومستوى التنوع. وأكد مدير الصحافة الإلكترونية بوزارة الاتصال والعلاقات مع البرلمان عبد الله حرمة الله ٬ أحد أعضاء اللجنة٬ في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء٬ أن اللجنة تقيدت في اختيار المؤسسات المؤهلة للاستفادة من دعم الصندوق الحكومي بالمعايير التي وضعتها بتشاور وتنسيق مع التجمعات والروابط والنقابات الصحفية٬ مبرزا أن إقصاء بعض المؤسسات إنما يعود أساسا لعدم التزامها واستيفائها للشروط المنصوص عليها. ولئن كانت الأغلبية الساحقة للمؤسسات الصحافية قد رحبت بنتائج التقييم والفرز التي أشرفت عليها اللجنة ٬فإن بعض المؤسسات الصحفية التي لم تستفد من هذا الدعم الحكومي شعرت بنوع من الغبن وكالت سيلا من الاتهامات للجنة من قبيل اعتماد "ازدواجية المعايير" و"تسييس" الملف٬ و"الإخلال" بالمعايير المتفق عليها٬ بل أن الأمر وصل إلى حد القذف كوصف بعض الصحف المستفيدة من هذا الدعم السخي ب "صحافة البشمركة" مقابل "إقصاء"ما وصفتها ب "الصحف الجادة". غير أن ذات المسؤول اعتبر هذه الاتهامات واهية ومجانبة للصواب تماما لأن تلك المؤسسات لم تستجب بكل بساطة للشروط التي تم تحديدها بشكل توافقي٬ مؤكدا أنه تم البت في كل ملفات الترشيح بكل تجرد ونزاهة وشفافية بحيث أن هناك صحفا محسوبة على الحكومة حرمت من هذا الدعم وأخرى معارضة استفادت منه٬ مؤكدا أن القانون يتيح فرصة الطعن في قرارات اللجنة لدى المحكمة الإدارية. وتجدر الإشارة إلى أن حوالي ثلاثين صحيفة تصدر بشكل منتظم من أصل نحو ثمانمائة صحيفة مسجلة لدى الدوائر الرسمية في البلاد. تعليق الصورة: بعض عناوين الصحف الموريتانية.