كان مفاجئا للكثيرين التحول الذي بدأت تعرفه العلاقات الثنائية بين المغرب والجزائر، خاصة إعلان وزارة الخارجية الجزائرية أن وزير الخارجية مراد مدلسي التقى نظيره المغربي الطيب الفاسي الفهري في الرباط واتفقا على ضرورة عقد اجتماع «عاجل» لمجلس وزراء اتحاد المغرب العربي. وقال المتحدث باسم الخارجية الجزائرية عمار بلاني لوكالة فرنس برس إن الوفدين الجزائري والمغربي اعتبرا أن «اجتماع مجلس وزراء اتحاد المغرب العربي أصبح أمراً عاجلاً لتقييم الوضع في المنطقة وأفق التعاون المغاربي» ، وعلى نفس المنوال مضت الخارجية المغربية يوم الخميس حيث صرح وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي الفهري لفرانس برس أن الرباط ترغب في «تطبيع كامل» للعلاقات مع الجزائر معتبرا انه «ليس من الطبيعي أن لا تكون علاقتنا طبيعية» مع هذا الجار. وأضاف الوزير « أيا كانت الخلافات فانه ليس من الطبيعي أن لا تكون علاقتنا طبيعية مع بلد جار» مثل الجزائر. واعتبر الطيب الفاسي الفهري أن الرباطوالجزائر «تأخرتا كثيراونحن نعرف موقف كل من الطرفين بشأن بعض الملفات وأيضا الخلاف حول قضية الصحراء المغربية» كما إلى تعاون واسع بين البلدين معربا عن الأسف «لاستمرار إغلاق الحدود» البرية بسبب هذه الخلافات، وللتذكير فالحدود المغربية الجزائرية مغلقة منذ 1994 ، وهي بذلك تكون إستثناءا على المستوى العالمي كأطول مدة إغلاق للحدود البرية في فترة السلم... كما اعتبر وزير الخارجية المغربي في نفس التصريح أنه إذا سارت عملية التعاون التي بدأت أخيرا في العديد من القطاعات بين المغرب والجزائر على ما يرام فإنه يعتقد أنها ستسفر عن تطبيع كامل للعلاقات بين البلدين. يذكر أن هذه المتغيرات جاءت في لقاء يحمل أكثر من رمزية وهو منتدى التعاون التركي العربي الذي جرى الأربعاء (16 نونبر 2011) في الرباط بمشاركة وزراء خارجية دول الجامعة العربية ، ورمزيته تتمثل على مستويين ، الأول يتجسد في التطور النوعي للدور المغربي على الساحة الدولية في الشهور الأخيرة والذي توج بحصول المغرب على مقعد غير دائم في مجلس الأمن لمدة سنتين ، المستوى الثاني هو أن إجتماع الرباط كان هو أول فرصة لتطبيق قرار الجامعة العربية تعليق عضوية سورية في أنشطة الجامعة ، حيث لم يحضر وزير الخارجية السوري وليد المعلم تنفيذا لقرار الجامعة ، وهذا ما كلف المغرب إعتداء « عصابات الأسد « على سفارته بدمشق ،هذا الموضوع يهم الجزائر بصفة مباشرة فدينامية التحولات في المنطقة حقيقية وأنها تحمل من الطاقة ما لا يمكن أي نظام أن يصمد في وجهها ، وأن العامل الدولي يعتبر عاملا حاسما في كل التحولات التي حصلت سواء على المستوى الإعلامي أو الديبلوماسي أو العسكري ، حيث برز الدور الخارجي بشكل كبير ، ويبدوا أن الجزائريين إنتبهوا جيدا للخطاب الملكي ل 6 نونبر 2011 والذي يعتبر طوق نجاة للقيادة الجزائرية ، عندما دعا الملك محمد السادس إلى نظام مغاربي جديد، ويبدوا أن حكام الجزائر بدؤوا مرحلة النقد الذاتي لقرائتهم الخاطئة لمجمل الأحداث التي عرفتها شمال إفريقيا والشرق الأوسط منذ نهاية السنة الماضية ، وخاصة تورطهم في دعم نظام معمر القذافي في ليبيا. البعض يقول بأن تجاوب المغرب مع الجزائر في هذه المرحلة هو مكسب للجزائر وإنقاذ لها كنظام سياسي ، والواقع يقول أنه من مصلحة المغرب أن تكون الجزائر مستقرة وأن تحدث بها التحولات السياسية الديمقراطية بنوع من التوافق الوطني الهادئ ، أما إنفلات الوضع في بلد كبير كالجزائر له حدود كبيرة مع المغرب وتضم أراضيه قوتين مسلحتين لاشك في عدائهما للمغرب وهما مليشيات البوليساريو وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ،إضافة إلى ممرات التهريب الموجود على الحدود المالية والموريتانية ، فإنه لن تكون له سوى إنعكاسات سلبية وخطيرة على بلادنا.