كشف دبان حميد، الجندي المغربي المتقاعد، والأسير السابق لدى "البوليساريو" في مخيمات تيندوف لأكثر من خمسة وعشرين سنة، عن ذراعيه وظهره وبطنه وساقيه، مشيرا إلى أثار التعذيب التي مازالت ماثلة للعيان. فقد تم بتر أصابع يديه،أثناء التعذيب الذي تعرض له "في ضيافة "جبهة البوليساريو التي تطالب باستقلال الصحراء عن المغرب. ويحكي حميد دبان ل "مغارب كم" بحزن شديد، كيف كانت الحصة اليومية من التعذيب قاسية جدا، وبدون رحمة أو شفقة، وكأنه ليس إنسانا، له إحساس وكرامة ومشاعر يتعين مراعاتها:"كانوا يربطونني بسلك إلى عمود طيلة ساعات النهار تحت الشمس، بدون قطرة ماء واحدة، تروي عطشي، وكلما طالت مدة وقوفي كان الوثاق يشتد حول يدي، ويلتف أكثر حول جسدي فينزف دما." ويتأسف حميد دبان بأسف بالغ عن الحالة المؤلمة التي يعيشها اليوم، بعد عودته من الأسر إلى حضن وطنه الأب، فليس هناك أي مردود مادي يكفي لتلبية متطلبات حاجيات أسرته اليومية، بل مجرد مدخول شهري هزيل عن تقاعده. وحميد دبان واحد من حوالي ألف أسير سابق في مخيمات الحمادة بتنيندوف، يعتصمون حاليا في الساحة المقابلة لبناية البرلمان، أملا في سماع أصواتهم إلى ممثلي الشعب للدفاع عنهم. لقد رفعوا عدة لافتات بيضاء على جذوع أشجار النخيل المزروعة في الساحة، متضمنة لمطالب، هي في الغالب ذات بعد اجتماعي يروم إنصافهم، وتسوية أوضاعهم، وإعادة الاعتبار لهم، وجبر الضرر النفسي لهم عن السنوات التي أمضوها في"سجون الجزائر وزنازن البوليساريو"، لمدة تقارب 25سنة. من بين المعتصمين أيضا الحسين حيزون، الذي قال ل"مغارب كم" إنه وجه شكاية إلى رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، كجندي متقاعد من القوات المسلحة الملكية، بوصفه أسيرا سابقا، تعرض "لمختلف انواع التهديد والتعسف والضرب والشتم والسب بمختلف أشكاله"، حسب تعبيره، الشيء الذي أثر على نفسيته مما جعله يعاني من العديد من الأمراض النفسية والصحية. يضيف الحسين أحيزون، في طلبه المرفوع إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إنه يطالب بحقوقه، والتعويض على مدة الأسر، وتوفير السكن، ورخصة سياقة الأجرة، والترقية، ورد الاعتبار. ويؤكد سمير عبد الله، عضو اللجنة التنسيقية لأسرى حرب الصحراء في سجون البوليساريو، وضابط الصف سابقا في القوات المسلحة المغربية، إن العدد الإجمالي للأسرى السابقين هو 2400 شخص، يتوزعون على امتداد خريطة البلاد من طنجة إلى الكويرة، ومن بينهم جنود من مختلف الرتب، إضافة إلى مواطنين مدنيين تم اختطافهم من بيوتهم، والزج بهم في مخيمات جبهة البوليساريو. وحين يتحدث ضابط الصف السابق عن ذكرياته في سجون البوليساريو تتغير نبرات صوته، وتغطي ملامحه سحابة من الحزن، مستعرضا بعض الحالات التي عاشها عن قرب، ومنها حالتان: الحالة الأولى للملازم موزون، رحمه الله، الذي تم شنقه في الساحة العامة،أمام أنظار الجميع،لا لشيء سوى لأن زميلا له هو الربان المحجوب المعطاوي استطاع الهرب من المخيمات. الحالة الثانية للأسير عبد الرحمان جرى حرقه، بعد صب الوقود على جسده، لأنه رفض التحدث إلى بعض مسؤولي البوليساريو. ويخلص سمير عبد الله، في الختام إلى القول،إن زملاءه ضجروا من الوعود التي منحت لهم في السابق أكثر من مرة، دون أن تجد طريقها إلى التنفيذ، وكان الهدف من ورائها هو تهدئتهم لكسب مزيد من الوقت، ولذلك فإنهم عازمون على مواصلة اعتصامهم المفتوح في العراء، ليلا ونهارا، أمام البرلمان، ولن يفكوه إلا بعد أن يلمسوا أن هناك إرادة حقيقية لدى المسؤولين المغاربة لتحقيق المطالب التي ينادون بها، وهي حق الترقية، والإدماج الاجتماعي للأسرى، وتعويضهم عن مدة الأسر، والاهتمام بأحوال أرامل وأيتام الأسرى، وتحسين ظروفهم الاجتماعية والمعيشية، وتعميم رخص سياقة الاجرة على الجميع بدون استثناء، وتوفير السكن، خاصة وان الكثيرين منهم مازالوا يعيشون في بيوت الكراء.