سجلت أسعار الذهب أكبر تراجع لها خلال 13 سنة الماضية، حيث تدنت إلى حوالي 1206 دولار للأوقية بنسبة انخفاض بلغت 29%، قبل أن تسترجع مكاسب قليلة، لتظل مع ذلك في مستويات ضعيفة بعد أن عرفت الأسعار خلال أكثر من عشرية زيادة متواصلة. لم تسجل أسعار المعدن النفيس في البورصات العالمية منحى تنازليا بمثل هذه الدرجة التي عرفها خلال اليومين الماضيين منذ 1981، وتسبب انهيار سعر الذهب في تراجع محسوس لمعادن مرتبطة به مثل الفضة التي انخفضت بدورها بنسبة 36% إلى 19.44 دولار للأوقية. وكان الذهب الذي تمتلك منه الجزائر مخزونا استراتيجيا يقدر ب173 طن وبقيمة تتجاوز 11 مليار دولار، قد تحول في زمن الأزمة إلى مادة ملجأ يتم التوظيف فيها لضمان المدخرات، إلا أن مؤشرات تحسن الوضع الدولي العام في البلدان الصناعية والدول الصاعدة وغياب التضخم دفع المستثمرين إلى أصول أكثر مخاطرة ولكن أكثر ربحية أيضا على غرار الأسهم، وكان نتيجة ذلك انهيار المنتجات المالية المرتبطة بمخزون الذهب بنسبة 33% العام الماضي، ويرتقب أن تعرف السنة الحالية حسب الخبراء انكماشا متواصلا، مع توقعات ببقاء سعر الأوقية من الذهب، وهي وحدة قياس تعادل 24 و33 غراما، في حدود 1200 دولار، وهي مستويات دنيا حينما نعلم أن معدلات السعر ظلت تتراوح ما بين 1300 و1350 دولار للأوقية على الأقل منذ سنوات، بل إن بنك الأعمال "غولمان ساتش" أبدى تشاؤما أكبر من خلال توقع سعر يصل مع نهاية العام إلى 1050 دولارا، ويعاني الذهب أيضا من تباطؤ وتيرة نمو الصين والهند التي تبقى أيضا من بين البلدان المستهلكة، وأثر هذا التباطؤ في العديد من المعادن النفيسة والهامة مثل النحاس والزنك والألومنيوم، حيث سجلت هذه المواد ارتفاعا في العرض مقابل تراجع في الطلب. ورغم استعادة أسعار الذهب لبعض مكاسبه بتسجيله زيادة بحوالي 25 دولارا للأوقية، إلا أن سعره يتجه إلى أسفل لأول مرة منذ 13 سنة، وهو ما من شأنه أن يؤثر سلبا في قيمة احتياطي الذهب الجزائري الذي يقوم بنك الجزائر بتسييره، سواء على مستوى المخزون العام المقدر ب173 طن أو المخزون المحلي المقدر بحوالي 20 مليون دولار، وسيضاف ذلك إلى تراجع نسب مردودية احتياطي الصرف البالغ حوالي 192 مليار دولار مع نهاية السنة الماضية، بالنظر إلى طبيعة التوظيفات الجزائرية الحذرة التي لا يتعدى نسبة فوائدها 1.4 إلى 1.9% على شكل سندات خزينة أمريكية وأوروبية، سواء على مستوى البنوك المركزية الأمريكية أو الأوروبية، وأصول وسندات على مستوى مؤسسات مالية ذات تقدير عال، علما أن بنية الاحتياطي الجزائري مكون من الدولار بنسبة 61% والأورو ب28% والباقي عبارة عن جنيه استرليني وين ياباني، وموزعة عبر صناديق سيادية بنسبة 65% ومؤسسات حكومية بنسبة 12.9% ووكالات لمؤسسات دولية بنسبة 14.2% وبنك التسوية الدولية بنسبة 6% التي يعد بنك الجزائر عضوا فيها، وتمتلك الهيئات الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك العالمي والبنك الأوروبي للاستثمار والبنك الإفريقي للتنمية والبنك الإسلامي للتنمية نسبة 21.8% من الودائع، بينما تقدر التوظيفات في الولاياتالمتحدة بقرابة 40%.
