«1800 جنيه (نحو 300 دولار) شهريا.. هو حلمنا الذي تحقق على يد القيادة الجديدة في وزارة الأوقاف المصرية»، وعلى الرغم من ضآلة هذا المبلغ في مواجهة أعباء الحياة اقتصاديا فقد استقبل الشيخ سعيد رجب إمام وخطيب في وزارة الأوقاف، قرار محمد مختار جمعة وزير الأوقاف باعتماد كادر الدعاة الجديد بالفرح. الشيخ رجب مثله مثل المصريين، يحاول توفير عيشة سعيدة لأسرته، لذلك قرر في السابق القيام بعمل آخر - إلى جانب عمله بالأوقاف - لتوفير نفقات بيته، حيث كان راتبه في السابق لا يتعدى 800 جنيه (نحو 120 دولارا).. ويقول رجب «كيف لأسرة أن تعيش بهذا الراتب الضعيف؟». ما فعله الشيخ رجب فعله كثير من أئمة وزارة الأوقاف، فمنهم من عمل سائقا ل«توك توك» (وهي مركبة شعبية صغيرة للأجرة في شوارع مصر)، ومنهم من عمل على سيارة أجرة، ومن اضطر للقيام بدروس خصوصية، أو العمل كعامل زراعي. لكن جاء الوزير وقرر أن يتكفل بمعيشة الدعاة. وأن يوفر لهم حياه كريمة.. براتب يستطيع من خلاله أن يؤدي رسالته الوسطية والوفاء باحتياجات أسرته المعيشية. ومشروع الكادر الجديد الذي تتجه الحكومة لإقراره خلال ساعات، يكون فيه إجمالي الدخل للإمام على الدرجة الوظيفية الثالثة 1800 جنيه، والدرجة الثانية 2000 جنيه، والدرجة الأولى 2200 جنيه. وهدد الأئمة في سبتمبر (أيلول) الماضي بالامتناع عن خطب الجمع بالمساجد، للمطالبة بتحسين أوضاعهم المادية والأدبية. وسبق أن تعهد الرئيس المعزول محمد مرسي بإصلاح أحوال الدعاة الرسميين في مصر، خلال احتفالية العيد الأول للدعاة وتلبية مطالبهم المعنوية والمادية. الشيخ رجب (40 عاما) يبهرك من الوهلة الأولى حين ترى زيه الأزهري الذي يحاول أن يحتفظ بلبسه، رغم الظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها في حياته. ويتابع الشيخ رجب، والابتسامة تعلو وجهه، قائلا: «مشروع الكادر هو حلم للأئمة منذ عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك»، مؤكدا أن «السلطات وفرت للأئمة ما يسمى بحالة تحسين معيشة في عهد مبارك، وكان الإمام يتقاضى 350 جنيها.. وجرى إلغاؤها. ووصل راتب الإمام بجميع مشتملاته ما يقترب من 750 جنيها.. فكيف له أن يعيش بهذا المبلغ؟!». ويشعر رجب بالأسى بعد انتشار الدعاة من أنصاف المتعلمين وحاملي الأفكار المتشددة، ومن غير المتخصصين الذين لم يدرسوا في مدرجات الأزهر، على منابر المساجد. لكنه قال إن «مشروع الكادر سيكون حافزا معنويا للأئمة لمن يرغب في الحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه، كما سيكون له أثر إيجابي في تنشيط الدعوة وتكثيف المحاضرات واللقاءات إذا تفرغ الإمام للمسجد والدعوة». وقررت السلطات إبعاد الأئمة الذين لا يحملون تراخيص عن إلقاء خطب في المساجد، وذلك لقطع الطريق على أنصار التيارات الإسلامية ممن يسعون لاستخدام منابر المساجد للعمل السياسي، خاصة من جانب دعاة التيار السلفي وجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي. كلام الشيخ رجب لم يختلف كثيرا عن كلام الشيخ محمد عبد الله، وهو إمام مسجد بحي عين شمس (شرق القاهرة)، والذي وصف مشروع كادر الدعاة بقوله: «إنه ضروري كي يتفرغ الإمام لمسجده». وأوضح عبد الله أن الأئمة في حاجة لتطبيق مشروع الكادر منذ زمن بعيد لكونه يعينهم على التفرغ للدعوة من خلال شراء الكتب والمراجع، ليخرج الداعية مادة علمية ينتفع بها المصلي.. لأن نجاح الداعية ومن قبله الدعوة يترتب على طرح الموضوعات التي تتناسب مع الواقع والظروف، ومن هنا ينعكس الكادر بالإيجاب على الدعوة قبل الداعية. وقال مصدر مسؤول في وزارة الأوقاف، المشرفة على المساجد في مصر، إن «مشروع الكادر سيعفي الإمام من العمل في مكان آخر بهدف تحسين دخله، ويكون دافعا له للنظر في المادة العلمية وكتبه ومحاضراته بالمسجد ويهتم بمسجده، ولما كان بحث الإمام عن تنمية الدخل اتجه إلى عمل آخر، لكن مشروع الكادر يدفعه للنظر إلى العمل الدعوي ومن هنا ينعكس المشروع بالإيجاب على الدعوة كونه سيسعى إلى شراء المراجع التي يحتاجها فينظر إلى تحضير الخطبة بدلا من تكرار الخطبة ويهتم بالمحاضرات المقررة عليه بالمسجد بدلا من إهمالها». وعلق مسؤول في الحكومة قائلا إن «مجلس الوزراء سوف يقر المشروع خلال ساعات بعد أن قدمه لوزارة المالية، لتوفير المبالغ المطلوبة».