رغم «الانفراج السياسي» في تونس أخيراً بعد الاتفاق على تكليف مهدي جمعة تشكيل حكومة كفاءات، سادت مشاعر الإحباط والغضب بين المواطنين خلال مناسبة إحياء الذكرى الثالثة لانطلاق الثورة، والتي أقيمت في محافظة سيدي بوزيد (وسط غرب البلاد) أمس، وذلك بسبب عدم تحقيق المطالب التي ثاروا من أجلها وفي مقدمها تحسين الظروف المعيشية وتوفير فرص عمل للشباب. وكان لافتاً غياب كل من الرئيس المنصف المرزوقي ورئيس الحكومة علي العريض ورئيس المجلس التأسيسي (البرلمان) مصطفى بن جعفر عن المناسبة «لأسباب أمنية». واكتفى الرؤساء الثلاثة بإحياء الذكرى في القصر الرئاسي في قرطاج. وطالب المرزوقي في خطاب، المجلس التأسيسي بالمصادقة على الدستور بأسرع وقت ممكن. وتحدث عن تحقّق عدد من مطالب الثورة، منها: «مضاعفة ميزانية التنمية التي وصلت أحياناً إلى عشر مرات حجم الميزانية المعتمدة قبل الثورة، وانطلاق المئات من المشاريع وعودة العجلة الاقتصادية إلى الدوران بعد التوقف الكلي خلال ثلاث سنوات». ورأى أنه يجب على الحكومة الانتقالية التي ستحل محل الحكومة التي تقودها حركة «النهضة» الإسلامية، البدء بعملها «في مهلة لا تتجاوز شهراً». وأضاف أن «الحكومة الانتقالية ستسهر على فرض الأمن وستنشّط الاقتصاد وستحقق كل الظروف الموضوعية لكي تنظم في تونس في أقرب فرصة، الانتخابات التي تنهي مرحلة وتؤسس لمرحلة جديدة». وتُعتبر سيدي بوزيد «مهد» الثورة التونسية التي اندلعت في 17 كانون الأول (ديسمبر) 2010 بعدما أضرم البائع المتجول محمد البوعزيزي (26 سنة) النار في نفسه أمام مقر الولاية، احتجاجاً على مصادرة شرطة البلدية عربة الخضار والفاكهة التي كان يعتاش منها. ويعيش سكان سيدي بوزيد البالغ عددهم حوالى 418 ألف شخص، حالاً من الإحباط، إذ تبلغ نسبة البطالة في المحافظة الفقيرة 24.4 في المئة وهي الأعلى في البلاد، ويشكّل خريجو الجامعات ومؤسسات التعليم العالي نسبة 57.1 في المئة من مجموع العاطلين عن العمل فيها. في غضون ذلك، تظاهر المئات من أنصار التيار الإسلامي (حزب التحرير وأنصار الشريعة وحزب جبهة الإصلاح السلفي، المنضوية تحت لواء مجلس دعم الثورة) أمام قصر الحكومة في منطقة القصبة في العاصمة التونسية، مطالبين بإقامة دولة «الخلافة» وتطبيق الشريعة ومحاسبة «فلول» النظام السابق والكشف عن «قتلة شهداء الثورة»، منددين ب «التدخل الأجنبي في الشأن الداخلي للبلاد». ورفع المشاركون في التظاهرة التي رافقتها إجراءات أمنية مشددة، شعارات: «الإسلام هو الحل» و»دولة الخلافة لازمة» و»لا راحة ولا استستلام حتى يحكم الإسلام». كما ندد المتظاهرون بتصنيف «أنصار الشريعة»، كتنظيم إرهابي، وطالبوا بضرورة تجريم الاعتراف بإسرائيل والتطبيع معها. من جهة أخرى، أثنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون أمس، على «التطورات المشجعة» في تونس بعد التوافق على جمعة (51 سنة) لرئاسة حكومة غير حزبية تقود البلاد إلى انتخابات عامة، داعية الى تشكيل الحكومة المستقلة بسرعة.