لاغرو أن الجميع يدرك الاهمية الكبيرة لوثيقة " تصميم التهيئة " ؛ و التي تعتبر من أهم وثائق التخطيط الحضري ؛ بحث انها تشكل العمود الفقري للتخطيط العمراني بالمغرب لما تراكم حولها من تجارب لدى الادارة علي مدى اكثر من قرن من الزمن ؛ بالاضافة الى تدخل عدد مهم من الادارات العمومية و المؤسسات و السلطات الاقليمية و المجالس الجماعية في عميلة اعدادها و تنفيذها . فاعتبارا لدورها المحوري في اقرار تنمية محلية متوزنة و مستدامة ؛ و في تهيئة و تنظيم المجال الحضري و التحكم في توسعه ؛ فقد اولاها المشرع المغربي اهمية كبيرة بحيث انها اول وثيقة تعميرية يعرفها قانون التعمير ؛ اذ نظمها أول نص قانون و هو ظهير 16 أبريل 1916 ؛ ثم ادخل عليها بعد ذلك عدة تعديلات بهدف تجاوز العيوب و الثغرات التي ابانت عنها ؛ بدءا بظهير 30 يوليوز 1952 ؛ ثم ظهير 17 يونيو 1992 الذي افرز لها 14 مادة ( من المادة 18 الى المادة 31 من قانون التعمير ) . و مرد كتابة هذا المقال هو الشروع في مناقشة مشروع " تصميم التهيئة بمدينة العرائش و الجدل الكبير الذي صاحبه بخصوص عدة نقاط و التي ارتأينا تناولها من باب تنوير الرأي العام المحلي من جهة و ايضا بهدف تسليط الضوء على عدد من الملاحظات التي رصدناها بهذا الخصوص و التي نعتقد انها تشكل تهديدا صريحا لخصوصية المدينة و لحق ساكنتها في التنمية المستدامة و بيئة متوازنة ؛ و في الحفاظ على الموروث الثقافي و العمراني للمدينة و لعل من اهمها : * اشيع بين المهتمين بالشأن المحلي ان تصميم التهيئة الذي يناقش بالمجلس الجماعي لا يطابق التصميم الموجود بالوكالة الحضرية من دون ان تكلف الجهات الوصية و المسؤولة نفسها عناء التوضيح و التكذيب ؛ اعتبارا لخطورة هذا المعطى ان كان صحيحا سواء على المستوى القانوني او المؤسساتي . يتفق الجميع ان مرحلة الاعداد لتصميم التهيئة لم تحظى بالاشراك الكافي للمنظمات المجتمع المدني والاحزاب و الساكنة عموما و في أخذ وجهة نظرها و اقتراحاتها؛ و هو ما نعتبره عيبا قانونيا و تقصيرا مؤسساتيا من الجهات الوصية على اعداد هذه الوثيقة . * يتداول المهتمون بالشأن المحلي عدد من الفضائح التي ترافق نقاش تصميم التهيئة و لعل من اطرفها " الاسثتناء العجيب " الذي حظيت به المنطقة الممتدة من ساحة المانوزي الى ساحة مكة بخصوص بناء عمارات بستة طوابق و هو ما نعتبره مؤشرا حقيقيا على ان هذا التصميم قد فصل على مقاس بشكل يضمن مصالح لوبي العقار و الانتخابات .( دون ان نغوص في اسماء المستفيدين من هذه الفضيحة ) * بخصوص المحطة الطرقية فكيف يعقل للمهندسين و المجلس الجماعي ان يغفل و هو يقرر هدمها انه امام معلمة و موروث عمراني يميز مدينة العرائش فهي تعكس خصوصية العمران بمدينة العرائش ما بعد حصول المغرب على استقلاله ؛ و ان كان هدمها تفرضه الضرورة فاعتقد ان كل مكونات المدينة سبقت لها ان ناشدت في اكثر من مناسبة المسؤولين على هذه المدينة في استغلال فضاء المحطة الطرقية لبناء مركب ثقافي و رياضي متعدد التخصصات . * لعل الجميع من قادته الصدفة للاطلاع على مشروع تصميم التهيئة قد لاحظ ان الذي يطغى عليه هو كلمة" الستة طوابق "التي ستغير لامحالة خصوصية المدينة و تميزها العمراني ؛ و هي اللعنة التي لم تسلم منها حتى مدخل المدينة الذي كنا قد استبشرنا به خيرا. * يبدو ان لعنة رحف الاسمنت على هذه المدينة مستمرة من خلال هذا المشروع ؛ الذي لم يعر اي اهتمام بالمساحات الخضراء و فضاءات الترفيه ؛ لتستمر بذلك معاناة العرائشيين و العرائشيات . خلاصة القول ان كل من اطلع على مشروع تصميم التهيئة سيخرج بقناعة واحدة و هي ان مستقبل مدينة العرائش ستتحكم فيه مصالح لوبي العقار الذي يتضح ان نفوذه كبير و كلمته مسموعة ؛ و سيخلص ايضا ان هذا المشروع يعكس بجلاء افلاس المجلس الجماعي اغلبية و معارضة ؛ و بعدم قدرته على الدفاع عن مصالح الساكنة و حماية تاريخ و حاضر المدينة ؛ اما مستقبلها فاتمنى ان يتحمل الجميع من ساكنة و جمعيات و احزاب و ايضا سلطات محلية مسؤوليتهم- كل من موقعه - في تصحيح كل العيوب و الفضائح التي جاء بها هذا المشروع املا في عرائش افضل ؛ عرائش التنمية المستدامة .