عضو بالكونغرس الأمريكي: تجديد اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء يعكس ثبات الموقف الأمريكي    مجلس النواب يستعد لافتتاح الدورة الثانية من السنة التشريعية 2024 – 2025    بووانو يسائل وزير التشغيل والكفاءات عن حيثيات وأضرار الهجوم السيبراني على وزارته    تأكيد الولايات المتحدة مجددا اعترافها بسيادة المغرب على صحرائه، دعم "كبير" على أعلى مستوى على الصعيد الدولي (خبير إسباني)    أحزاب المعارضة تطالب بجلسة برلمانية للتضامن مع فلسطين    نهضة بركان يلاقي أسيك ميموزا وعينه على تعزيز انتصار الذهاب لمواصلة رحلة كأس "كاف"    مبابي يتوعد آرسنال ب"ريمونتادا" في إياب دوري أبطال أوروبا    التحرض على العنف والتشهير يقود شابة للاعتقال بمراكش    بعد 30 سنة من العطاء.. الدوزي يشارك تجربته الفنية بجامعة هارفارد    أكادير تحتضن المنتدى الدولي الأول للصناعة والخدمات    أجواء سيئة تغلق الميناء في بوجدور    مغاربة يلفتون أنظار "الرقابة الأجنبية" بشراء عقارات باريسية فاخرة    دوري أبطال أوروبا.. باريس سان جيرمان ضد أستون فيلا وبرشلونة أمام دورتموند    وزارة الانتقال الرقمي في ورطة بعد "فضيحة" تسريب بيانات ملايين المغاربة على يد هاكرز جزائريين    الذهب يرتفع واحدا في المائة مع تراجع الدولار الأمريكي    الجديدة جريمة قتل إثر شجار بين بائعين متجولين    الشارقة تحتضن أول اجتماع لمجلس الأعمال المغربي-الإماراتي    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض    المنتخب الوطني المغربي سيدات ينهزم أمام نظيره الكاميروني    فنانون مغاربة يطلقون نداء للتبرع بالكبد لإنقاذ حياة محمد الشوبي    الأزمة التونسية المغربية إلى أين؟    حين تحدّث الملك فاهتزت الإمبراطورية    هل فشل المبعوث الأممي دي ميستورا في مهمته؟    الترويج لوجهة المغرب: المكتب الوطني المغربي للسياحة يطلق جولة ترويجية كبرى بتورنتو وبوسطن وشيكاغو    بعد أن فضحتها المهندسة المغربية ابتهال.. انتقادات من الداخل والخارج ل "مايكروسوفت" بسبب دعمها إسرائيل    الطرق السيارة بالمغرب تتعزز بخط جديد يربط مراكش بآسفي    كيوسك الأربعاء | تخفيض جديد في أسعار بعض الأدوية منها المسخدمة لعلاج السرطان    من بنجرير وبغلاف مالي بلغ مليار الدرهم.. إطلاق البرنامج الوطني لدعم البحث والابتكار    رابطة العلماء تواصل حملة "تمنيع" السجناء ضد التطرف العنيف في سياق "مصالحة"    الهزيمة القاسية تغضب أنشيلوتي    السعدي يفتتح جناح "دار الصانع" في معرض "صالون ديل موبايل ميلانو 2025"    عوامل الركود وموانع الانعتاق بين الماضي والحاضر    من قال: أزمة السياسة "ليست مغربية"؟    لحسن السعدي يفتتح جناح "دار الصانع" في معرض "صالون ديل موبايل ميلانو 2025"    طقس الأربعاء.. أجواء غائمة بمعظم مناطق المملكة    الصين تتوعد باتخاذ "تدابير حازمة وشديدة" ردا على رسوم ترامب الجمركية    "سلة الفتح" تفوز على الملعب المالي    ماكرون يدين استهداف إسرائيل لطواقم الإسعاف في غزة    البايرن ميونخ والهزيمة الغير المتوقعة أمام الانتر    ديكلان رايس نجم أرسنال ضد الريال    تيرازاس: الأزياء في المشاهد السينمائية ليست ترفا.. وعمل المصممين معقد    معرض الطاهر بنجلون بالرباط.. عالمٌ جميلٌ "مسكّن" لآلام الواقع    حادث اصطدام عنيف بين ثلاث سيارات يُخلف مصابين باكزناية    دينامية شبابية متجددة.. شبيبة الأحرار بأكادير تطلق برنامج أنشطتها بروح المبادرة والتغيير    الهجرة الجديدة من "بلاد كانط".. خوف من المستقبل أم يأس من التغيير؟    دروس ما وراء جبهة الحرب التجارية    «طيف» لبصيرو «مائدة» العوادي يتألقان في جائزة الشيخ زايد للكتاب    في افتتاح الدورة 25 لفعاليات عيد الكتاب بتطوان: الدورة تحتفي بالأديب مالك بنونة أحد رواد القصيدة الزجلية والشعرية بتطوان    آيت الطالب يقارب "السيادة الصحية"    دراسة: السكري أثناء الحمل يزيد خطر إصابة الأطفال بالتوحد واضطرابات عصبية    تقليل الألم وزيادة الفعالية.. تقنية البلورات الدوائية تبشر بعصر جديد للعلاجات طويلة الأمد    إشادة واسعة بخالد آيت الطالب خلال الأيام الإفريقية وتكريمه تقديراً لإسهاماته في القطاع الصحي (صور)    دراسة: أدوية الاكتئاب تزيد مخاطر الوفاة بالنوبات القلبية    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



null
نشر في لكم يوم 14 - 09 - 2011

هذا الأسبوع أقدم شاب مغربي من ضحايا الإرهاب عام 2007 بالدار البيضاء على إرجاع رسالة ملكية للملك بعدما اقتنع أنها حبر على ورق وأن مضمونها لا يسمن ولا يغني من جوع أمام ماكينة الفساد.
قبل ذلك، عندما نشرت المواقع الالكترونية رسالة المهندس أحمد بن الصديق التي وجهها للملك معلنا خلع البيعة احتجاجا على الظلم الذي عاناه و لايزال من عصابات المخزن الفاسدة، الممسكة برقاب العباد وزمام الأمور في البلاد، والحريصة على بقاء هذا الوطن الجميل مزرعة خاصة من عرشه إلى فرشه، و مستنكرا صمت الملك و صمت المؤسسات، خرج علينا أحد كهنة الراعي المنافقين، والذي عرف بتخصصه في فتاوى السيكسولوجي مع الأحياء والأموات، ليذكرنا بأن: "من يخلع بيعة السلطان من عنقه يرتد عن الدين ويخرج من الملة، وإذا مات، مات ميتة الجاهلية الأولى"...
طبعا لا يمكن أن يصدق اليوم هذه الخزعبلات البالية المستوردة من ثقافة القبور، إلا جاهل أو متخلف عقليا، بعد أن أدركنا ولو متأخرين جدا، أن الرسول (ص) و هو المبلغ عن ربه، لا يأتي بشيء من عنده، وقطعا لا يمكن أن يسن لأمته أحاديث تكرس الظلم والعبودية والاستبداد، والاستسلام للأمر الواقع اتقاء نار الفتنة كما يدعي تجار الفتاوى السلطانية.. وهو (أي الرسول عليه السلام) من بعثه الله خصيصا ليحدث ثورة في الوعي بمحاربته للجهل بكل ألوانه، وثورة في القيم بمقاومة الظلم والاستبداد بكل أشكاله، وثورة في العقيدة بنزع القداسة عن فراعنة وملوك الأرض وردها لصاحبها في السماء. ثورة تلو ثورة لتحرير الإنسان من عبودية أخيه الإنسان، إلى فضاء رحمة الله التي وسعت كل شيء حبا واحتراما وجمالا...
لقد أدركنا متأخرين أن كمَّا هائلا من الأحاديث التي وصلتنا اليوم ميتا عن ميت، هي أحاديث مدسوسة على رسول الله (ص)، وأننا بدل الاهتمام بكلام الله الحي الذي لا يموت، تركنا القرآن في رفوف المساجد، نقرأ ما تيسر منه للتبرك في رمضان أو من جمعة إلى أخرى (إلا من رحم ربك)، ونبحث في ثقافة الأموات التي ازدهرت منذ زمن بني أمية، بهدف تكريس الجهل وتدجين عقول الناس والسيطرة على مقدراتهم والتحكم في مصيرهم.
وكان من نتيجة اجترار هذه الثقافة الهجينة و الأحاديث المفبركة على مقاس السلطة برغم تعارضها مع صريح القرآن، أن هجر الناس كتاب الله بحجة صعوبة فهمه، وتمسكوا بسنة بعض الفقهاء، فتحولوا بإرادتهم واختيارهم من أكرم خلق الله إلى رعية (خمًّاسة) في مزرعة الراعي المستبد.. تعيش بخوف وترحل في صمت، تعيش لتأكل كالأنعام بدل أن تأكل لتعيش بعزة وكرامة، وتنتج بإبداع، وتعمر بوفرة وجمال، كبقية خلق الله في شمال الأرض، فتقدمت الأمم وتخلفنا عن ركب الحضارة، والحداثة، والعلم، والتكنولوجيا، والثقافة.. كما أضعنا القيم والأخلاق، فخسرنا الدنيا، وقعدنا نشحد الخلاص من الفقهاء، ونبحث عن الجنة في خطبهم، ونجتهد في طاعة الملوك والأمراء، كي لا نموت ميتة الجاهلية وليس في رقبتنا حبل يربطنا بأحد المستبدين كعبيد طائعين، خانعين، منبطحين و مستسلمين...و لم ننتبه إلى أن الرسول (ص) قد يتبرأ منا يوم القيامة، بدليل قوله تعالى: ( وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً )، ونسينا كيف وصف القرآن قوم فرعون عندما قبلوا بالذل : ( فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ ).
عندما فجر المهندس أحمد بن الصديق ملفين كبيرين في وجه السلطان، كاشفا عن اختلالات تهم سلامة وصحة المواطنين وصرف الأموال العمومية و التلاعب بالموروث الحضاري و قرصنة الأفكار و تلفيق التهم الباطلة، و تزييف قرارات الملك، و كل هذا يتعدى المظلمة الشخصية و تداعياتها المأساوية، كنا ننتظر من الملك بصفته الضامن للعدالة في البلاد، والساهر على إحقاق الحق وحماية مقدرات البلاد وكرامة العباد (حسب الدستور)، أن يتخذ بسرعة الإجراء الطبيعي و الواجب الذي تقتضيه الظروف وتفرضه المسؤولية، بدءا باستجلاء الحقيقة، نظرا لأهمية وحجم القضايا المثارة، خاصة مع تصاعد احتجاجات الشارع المطالبة بمحاربة الفساد ومحاكمة الفاسدين.. لكن شيئا من هذا لم يحدث على الإطلاق.. وكنا ننتظر كذلك - من باب أضعف الإيمان - أن يبادر ممثلو الأمة في البرلمان، إلى تشكيل لجنة تقصي للحقائق مدعمة بالخبراء، ليتسنى لهم الوقوف على حقيقة ما أثاره المهندس المذكور في وثائقه الوفيرة، والتأكد من صحتها أو زيفها، و استدعاء كل الأطراف، ويتخذوا على ضوء ذلك القرارات السياسية المناسبة، والإجراءات الادارية الملزمة، والمساطر قضائية، بحكم مسؤوليتهم كممثلين للأمة، لكي يُحاسب كل من تجب محاسبته بما في ذلك ابن الصديق، لكن شيئا من ذلك لم يحدث أيضا..
بدل ذلك، خرج علينا كاهن المخزن ليذكرنا بخطورة الخطوة فلم يتحدث عن جوهر القضية المتمثل في الظلم الكبير و لا عن واجب الاستماع للأطراف الأخرى المذكورة في الرسالة، ولا عن الفساد الذي ينخر أجهزة البلاد ويفقر العباد فتلك قضية لا تعنيه وفق تصريحه، لكنه خرج بهدف واحد وحيد هو تحويل النقاش العام من قضية سياسية تدور حول الفساد و خاصة الذي يحتمي بالسلطة حتى أصبح هو السلطة، إلى قضية دينية تتعلق بالبيعة.. أي أن الخطر الحقيقي الذي يهدد البلاد ليس الفساد في حد ذاته، بل أولئك الذين لا يحترمون ثوابت الأمة، ويتطاولون على رمزها الديني.
من يعرف المخزن وأدوات اشتغاله يدرك أن الكاهن لم يخرج خرجته المفاجأة غيرة على الدين وحرصا على تعاليمه، ولا شفقة بالمهندس المسلم من المصير الذي سيلاقيه يوم الدين نتيجة إقدامه على ردته. بل كانت خرجته بأمر من المخابرات التي أدركت خطورة ما أقدم عليه بن الصديق على وعي الأمة، فخافت من أن تتحول الفعلة إلى ظاهرة يقتدي بها الأحرار من المغاربة. فأرادت تدارك الأمر في مهده لتغيير مسار القضية من الحديث عن الظلم والفساد إلى التخويف من خطورة خلع بيعة الأمير المستبد بأمر الله، وعقوبة ذلك عند الفقهاء الذين يتكلمون باسم الله، فيصبغون الإيمان على من وافقهم، ويرمون بالكفر من خالفهم...
وبحكم المجرى الذي اتخذه نقاش رسالة ابن الصديق (و ليس قضيته وحده لأنها قضية وطن بأكمله)، لم نسمع أن أحدا غيره تجرأ وأعلن خلع البيعة من عنقه، وبذلك انتهي النقاش الديني حول البيعة، وسد النقاش السياسي حول الفساد قبل أن يبدأ و بدأت الأحزاب حملتها الانتخابية قبل الأوان بعد أن نجحت السلطة في اجتياز هذه المحنة أو هكذا توهمت.
أما حركة 20 فبراير، باعتبارها حركة نضالية قامت أساسا لمناهضة الفساد و الاستبداد، فلقد قصرت في تبني هذه القضية العادلة، ولم توليها ما تستحقه من اهتمام.. وأصبحنا نقرأ على الفيسبوك، أن تنسيقية القنيطرة مثلا وبعد موافقتها على الخروج في مسيرة جديدة يوم 11 من شتنبر، على غرار بقية تنسيقيات المدن والقرى المغربية التي أعلنت عودة الربيع المغربي إلى وهجه وزخمه من جديد، قررت خلال جمعها العام الأخير رفع شعارات اجتماعية من قبيل: "الشعب يريد تخفيض أسعار الماء والكهرباء وتذاكر الطوبيسات".. فلا فساد، ولا استبداد، ولا دستور، ولا ملكية برلمانية، ولا هم يحزنون..
لكن الرياح تجري بما لا تشتهي سفينة المخزن، حيث ما أن تنفست المخابرات الصعداء بعد مرور قضية المهندس المتمرد مرور الكرام، وبدأت حركات الاحتجاجات تفقد شيئا فشيئا من حدتها بسبب بعض الخلافات بين اليسار والإسلاميين بتخطيط من المخابرات، حتى تفجرت قضية جديدة تثير الدهشة والاستغراب، وتكشف عمق وحجم الفساد المستشري في أجهزة دولة العصابات وفي أعلى المستويات... قضية أقل ما يستنتج من معطياتها الأولية أن أوامر الملك في هذا الوطن المغتصب، لا تجد من ينفذها، وأن رسالة رسمية صادرة عنه وموقعة باسمه الشخصي وصفته ك"أمير للمؤمنين"، لا تلقى من مسؤولي الدولة و لو ذرة من احترام، لأن مصداقية الدولة و رئيس الدولة لا تخامر أذهانهم.
ملخص القضية يا سادة، وفق رسالة المواطن رشيد قنانبي المنشورة على موقع هسبريس بتاريخ 08/09/2011، أنه ونتيجة لتصديه لمحاولة انتحارية من قبل أحد الإرهابيين بحي الفرح بالدار البيضاء عام 2007، فقد هذا الشاب المغربي السمع كليا، والبصر بالعين اليسرى، و جزءا من حركة رجله اليسرى. فزاره الملك بالمستشفى، وأكد له بأن بابه مفتوح، وفق ما يؤكد رشيد قنباني في شكايته. بل أكثر من ذلك، فقد أرفق احتجاجه بنسخة من رسالة خاصة بعث له بها الملك، تتضمن أوامر محددة وواضحة لوزير الداخلية، يأمره فيها بتعويض المواطن البطل والضحية في نفس الوقت، عن الأضرار الجسيمة التي أصابته، والتكفل بعلاجه، وتلبية احتياجات أسرته التي كان يعيلها.
نكتفي بهذا القدر حتى لا نطيل، على أن نعود لرسالة المواطن رشيد قنانبي بالتحليل في مقال لاحق قريبا إن شاء الله.
هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.