تختلف طرق ولوج عالم الشغل باختلاف مجال البحث عن الوظيفة من القطاع الخاص إلى العام و من النطاق الوطني إلي التوظيف خارج التراب الوطني, سواء بالدول الأجنبية آو المنظمات الدولية الحكومية أو غير الحكومية. لقد نص الدستور الجديد في الفصل 31 على انه " تعمل الدولة و المؤسسات العمومية و الجماعات الترابية على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنات و المواطنين على قدم المساواة من الحق في ... - ولوج الوظائف العمومية حسب الاستحقاق..." كما أن تكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون و العدالة الاجتماعية من الحقوق و الحريات الأساسية التي رسختها الوثيقة الدستورية الجديدة كل هذا يقتضي من الفاعلين في مجال التشغيل مراعاة هذه المبادئ لكي لا تتناقض معها الممارسة المتبعة في هذا الإطار. إلا انه في الآونة الأخيرة بدأت تتفشى ممارسات - سواء من طرف القطاعات الحكومة آو من طرف طالبي الشغل- لا تمت إلى هذه المبادئ بصلة حيث تم إدماج ما يقارب 4300 فرد من حاملي الشواهد خلال سنة 2011 إلا أن السؤال الذي يطرح هو ما هي المعايير التي تم اعتمادها لتوظيف هؤلاء الإجابة على هذا السؤال ليست عسيرة لسبب بسيط هو انه بتمحيص المجموعات التي تم إدماجها مباشرة في الوظيفة العمومية لا يمكن استنتاج أي معيار كأساس لهذه العملية فلم يتم الاستناد إلى معيار السن لأنه تم إدماج حديثي السن ما دون 30 سنة ولم يتم إدماج البالغين من العمر 40 سنة فما فوق خاصة وان هذه الفئة مهددة بالتقدم في العمر و بالتالي الإقصاء بحكم القانون من الولوج إلى الوظيفة العمومية, كما تم إدماج حاصلين على الشواهد أواخر سنة 2010 في حين لم يتم إدماج حاملي شواهد و دبلومات انتظروا سنوات و لا زالوا ينتظرون. و ما يمكن استنتاجه بشدة أن المعيار الوحيد المعتمد لإدماج حاملي الشواهد هو ضرورة التسجيل بمجموعة من المجموعات التي " تناضل" و التي تصادق عليها الجهات المكلفة بالتشغيل رغم أن هذه المصادقة في النهاية لا حجية لها ما دام المسئولون عن المجموعات يقصون من يشاءون إقصائه و يقحمون من يشاءون إقحامه تحت مبررات شتى .رغم وجود استثناءات اذ قامت الحكومة بإدماج بعض حاملي الشواهد غير المدرجين في المجموعات فان هناك عدد هائل لم يشملهم الحل لكونهم فضلوا طريقة أخرى لطلب الوظيفة هي إيداع طلباتهم بالوزارات و القطاعات الحكومية و لدى الجهات الرسمية المشرفة على التوظيف. إن كل هذه الممارسات تكريس لقناعات خاطئة و التي مفادها أن من" يناضل" يتم إدماجه و من "يعتصم " و" يقتحم" يحصل على وظيفة و من يختار الوسائل الأخرى فان مصيره الإقصاء و البطالة. الانخراط في مجموعة بداية أمر سهل بإمكان أي احد من حاملي الشواهد اللجوء إليه إلا أن الأمر يتعلق يقناعات ومحاولة الابتعاد عن ممارسات لا تمت إلى المنطق و الوعي بصلة فأول ما يفرض على المنخرط للمرة الأولى هو مبلغ 100 درهم كواجب التسجيل و ما أن يمر أسبوع حتى يصبح أداة يتم إحضاره للتظاهر و الاعتصام و ترديد الشعارات و إن لم يمتثل يدخل دوامة الابتزاز إما عن طريق أداء الغرامات عن الغياب أو عن طريق شراء أدوات النضال الصدريات الأبواق , كل ذلك تحت تهديدات الإقصاء . خاصة و أن توقيع ممثلي الحكومة لمحاضر التوظيف مع مسئولي المجموعات يعطي لهؤلاء سلطات تتمثل في التلويح بالإقصاء في كل من تهاون في الحضور إلى ساحة "النضال" أو تهاون في دفع الإتاوات أو" الغرامات" مستغلين في ذلك الحاجة الماسة لحاملي الشواهد للوظيفة و كذا الآمل الذي يلوح في الأفق بعد توقيع محضر التوظيف , الأمر الذي أصبح معه ممثلي المجموعات و أعضاء المكاتب هم أصحاب الكلمة الفصل فهم من يملكون سلطة إبقاء الشخص مسجلا بالمجموعة وبالتالي إدماجه و هم كذلك من يملكون سلطة إقصائه تحت ذريعة الغياب عن الساحة أو عدم دفع الإتاوات أو "الغرامات" ان استخلاص الغرامة تقوم به السلطة العامة تحت إشراف و رقابة أجهزة مخول لها الرقابة بحكم القانون , في حين نجد المكلفين بجمع هذه "الغرامات" الإتاوات يراكمون من حاملي الشواهد مبالغ هامة دون معرفة مآل هذه المبالغ كل ذلك تحت التهديد إما الدفع أو الإقصاء. لقد بادرت الجهات الحكومية خلال الأسبوع المنصرم إلى اتخاذ إجراء من شانه أن يحد من خطورة هذه الممارسات و ذلك بتوقيعها محضرا للتوظيف مع 17 مجموعة لا تدخل في نطاق المجموعات المناضلة و هو أمر لم يرق للمجموعات الأخرى التي تسمي نفسها "مناضلة" لا لشيء إلا لكون هذا الإجراء يقطع مع الممارسات المتفشية لدى هذه الأخيرة , إلا انه ما زالت الجهات الحكومية مطالبة بإيجاد حل للملفات الفردية التي اكتفى أصحابها بإيداعها دون التسجيل ضمن مجموعات و يتمنون أن لا يكون مصير ملفاتهم سلة المهملات كما وقع في السابق. تلك هي بعض الممارسات التي أساءت إلى ملف التوظيف المتعلق بحاملي الشهادات و التي دفعت البعض إلى المناداة بإقرار نظام المباراة و اللجوء لمعيار الاستحقاق مادام لم يتم احترام مبدأ المساواة و تكافؤ الفرص بالنسبة للجميع دون استثناء.