شد اللقاء الكروي بين المغرب والجزائر يوم السبت المنصرم ، أنظار جل المغاربة إليه ، في مشهد بهيج من مشاهد تعلق المغاربة بكل ما هو وطني ، بكل ما يحسون أنه منهم وأنه يمثلهم ، شعور لا غنى لكل مجتمع عنه ، إذ ينمي الإحساس بالهوية والانتماء ، ويوجد قواسم مشتركة ضرورية بين أطراف المجتمع . لا شك أن المغاربة جميعهم تابعوا باهتمام كبير هذه المقابلة ، على اختلاف انتماءاتهم وتموقعاتهم السياسية ، ولا شك أن الجميع كان يتمنى فوز المغرب ، ولا شك أن الجميع فرح بالانتصار ، فعبر المغاربة عن ذلك بمشاهد فرح كبيرة جابت شوارع المدن . غير أن الملاحظ البسيط ، لبعض مشاهد هذا الفرح من قبيل شعارات أصر البعض على حملها ، وإغراق مشاهد الفرح بها ، في تحرك للركوب على هذه المشاهد العفوية والمطلوبة، عبأت له أطراف رسمية ومقدمين وشيوخ وغيرهم ، لا يجد عناء في إدراك حجم الهزيمة الأخلاقية التي انهزمها المخزن ، شهداء يقتلون في شوارع الاحتجاجات لأنهم طالبوا بإسقاط الفساد والاستبداد ، وشباب تمنع تظاهراتهم "غير المرخصة" وتقمع إلى حد تهشيم الرؤوس والأطراف ..، واستهزاء متواصل بالحراك الشبابي ومطالبه بدعم حكومة مفلسة على جميع الأصعدة و " عين ميكة" على رموز الفساد الذين رفعت صورهم في مسيرات 20 فبراير، ومحاولات التفافوتدجين ، وغيرها من مظاهر الاستهزاء المتواصل من أطراف لا تريد أن تصدق أن الشعب تحرك ، في مقابل إصرار في مشهد يذكرنا بمسارح روما وملهيات صراع الأسود والعبيد، على احتقار الشعب المغربي والاستهانة به وبمطالبه ، كما حدث في مهرجان موازين، وكما حدث البارحة في مسيرات الفرح بالفوز على المنتخب الجزائري، هذا الاستغلال للمسيرات الفرحة بالفوز برفع شعارات سياسية ترد على الحراك الشبابي تطرح أسئلة عن مدى قدرة القوى المناهضة للتغيير والمصرة على شعار "العام زين" ودعوى الاستثناء المغربي ، على تعبئة الشارع وحشده لدعم هذه الدعوى وتثبيت ذلك الشعار، فبعد إلغاء مسيرات " الحب "، قيل بسبب تحدي التنظيم ونظرا للاستجابة المنقطعة النظير ، ها هي تلك القوى تتجيش للركوب على فوز كروي ليس الأول من نوعه ولا هو من الحجم الذي يبرر هذا التجييش ، مع التأكيد على أنه للمغاربة جميعا ، فما أحوجنا إلى فرق رياضية في جميع المجالات ترفع المغرب إلى منصات الفوز العالمية ، بدل أن يظل المجال الرياضي المغربي مجال فساد ورشى وتخلف ، مما دفع بالعديد من الطاقات الرياضية إما إلى الانسحاب وإيثار الهامش ، أو الفرار وتغيير الجنسية .. إنها الهزيمة الأخلاقية في أبهى صورها ، وإنه المجهول يقودنا إليه قوم يصرون على استحمار المغاربة ، وتشتيت أمل المغاربة في مغرب أفضل ، مغرب الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ، مغرب يدافع عن علمه وقميصه شباب مغاربة حتى النخاع ، لا حاجة لإتخامهم مالا ليفوزوا ، ولا لاستيراد مدرب يتقاضى عشرات الملايين ، ليرقص ملايين الأميين الجياع رقصة العبد الذي لا يدري أن بعد انتهاء الرقصة سيدخل الساحة الأسد .. أمسينا السبت على فوز ، ونصبح الأحد 5 يونيو على الفوز ، الفوز بالشهادة أوصناعة التاريخ.