10 مارس, 2017 - 02:39:00 ترفع ثلاثة أحزاب سياسية أساسية تعتبر المعنية الأولى بالمشاورات الحكومية (حزب العدالة والتنمية، والتجمع الوطني للأحرار، والاستقلال)، من درجة تأهبها، لعقد مؤتمراتها الوطنية خلال الأسابيع المقبلة، وكلها تأتي في ظرف سياسي "استثنائي"، فبعد مرور ما يزيد عن خمسة أشهر من الأزمة السياسة أو ما بات يٌعرف ب"البلوكاج'' الحكومي، أوصل البلاد إلى حالة إنسداد الأفق، بعد فشل الأحزاب السياسية المعنية بالمشاركة في الحكومة المقبلة في الوصول إلى "صيغة توافقية" لتشكيل الأغلبية، تجد ثلاثة أحزاب رئيسية نفسها أمام استحقاقات داخلية تنظيمية جديدة قد تفرض عليها إعادة ترتيب أوراقها والاستعداد لمرحلة ''ما بعد البلوكاج". وفي هذا السياق، سيعقد حزب "التجمع الوطني للأحرار"، مؤتمره الوطني يومي 19 و20 ماي المقبل، بحسب ما كشف عنه اجتماع المكتب السياسي للحزب المنعقد أمس الخميس، وهو مؤتمر يثير الكثير من التساؤلات بخصوص رهاناته السياسية وتوقيته، الذي يأتي بعد انتخاب عزيز أخنوش، رئيسا بالإجماع خلال المؤتمر الخامس "الطارئ" الذي عقده الحزب مباشرة بعد تشريعيات 7 أكتوبر، بعدما قدّم صلاح الدين مزوار، استقالته من رئاسة الحزب ليفسح المجال أمام أخنوش، وهو ما يطرح أكثر من تساؤل حول الهدف من استعجال عقد مؤتمر جديد فيما لم تمر سوى سبعة أشهر على المؤتمر الخامس. أما حزب "العدالة والتنمية"، الذي سيعقد هو الآخر مؤتمره الوطني، بعد انتهاء ولاية عبد الإله بنكيران، التي تم تمديدها سنة، خصيصا حتى يدخل إلى المعترك الانتخابي ويشكل أغلبية تمكنه من قيادة الحكومة لمدة خمس سنوات مقبلة، يجد الإسلاميين أنفسهم مرة أخرى أمام "فيتو" القوانين الداخلية للحزب، التي تمنع على بنكيران الترشح للأمانة العامة لمرة ثالثة، فهل سيتشبث "الإسلاميون'' ببنكيران ليقود الحزب في المرحلة المقبلة رغم أن ذلك يعارض القانون الأساسي للحزب؟ إلى ذلك سيدخل حزب "الاستقلال" مؤتمره الوطني المزمع تنظيمه في ماي وهو على صفيح ساخن، بعد استبعاد الحزب من الحكومة، بسبب تصريحات أمينه العام حميد شباط حول موريتانيا، ونشوب صراعات داخلية بين شباط وأعضاء من اللجنة التنفيذية التي باتت تلوّح بورقة "الانشقاق"، فهل سيتمسك الحزب بشباط، الذي لم تعد جهات نافذة داخل الدولة تريده على رأس أعرق حزب سياسي مغربي، أم أنها ستقدمه قربانا لضمان استمرار وحدة الحزب المهدد بالانشقاقات؟ بنكيران وحده القادر على مواجهة "التحكم" محمد شقير، الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، اعتبر أن "المؤتمر القادم لحزب "العدالة والتنمية"، سيتخلى بموجبه بنكيران عن الأمانة العامة، سواء إذا نجح في تشكيل الحكومة أم لم يشكلها، لأنه قانونيا، لن يتم تجديد "القيادة" لبنكيران بحسب ما ينص عليه قانون الحزب. وأورد شقير في تصريحه لموقع "لكم" أن "قيادات الحزب كانت ذكية لأنها لم تحدد توقيت المؤتمر ما جعل باب التأويلات مواربا، وحتى لا يعطي للخصوم إمكانية الرهان على الزمن السياسي لكي لا تكون هناك فرصة للتشويش على الوضع الداخلي للحزب، معتبرا أن "بنكيران يعيش لحظاته الأخيرة من الوقت الإضافي، حيث تمّ لي عنق النظام الأساسي للحزب على اعتبار أن اللحظة السياسية تتطلب أمينا عاما قويا قادرا على تجاوز مطبات المشاورات والحكومة، وهو الأمر الذي وجدته قيادات الحزب في بنكيران". ولفت شقير إلى أن "بنكيران حيوان سياسي مناور يلعب على كل الواجهات، وهو الوحيد القادر على مواجهة الخصوم، وترويض "البلوكاج" الذي سينتهي بعد عودة الملك، إذ سيتم إشراك (الاتحاد الاشتراكي)، الذي يترأس مجلس النواب، وهذا لا يخرج عن المنطق السياسي". وعن الأسماء البارزة التي قد تعوض بنكيران على رأس الأمانة العامة ل"البيجيدي"، يرى شقير أن "الرباح والرميد يحظيان كلاهما بثقة الإسلاميين، لكن الرميد كان صرح أنه لا يريد الترشح لمنصب الأمانة العامة، يبقى الأمر مفتوحا على كل التأويلات، الرباح هو الآخر يحاول فرض نفسه احتراما للديمقراطية، كورقة لها وزنها داخل العدالة والتنمية". شباط انتهى.. والرهان على "عائلة آل فاسي" أما بخصوص، مؤتمر حزب "الاستقلال" الذي يأتي في سياق سياسي وصفه شقير بالساخن، فإن من أهم معالمه "انتحار" حميد شباط، الأمين العام الحالي للحزب، سياسيا، بعد دخوله في حرب خرج منها خاسراً ومنهكاً، يقول شقير، الذي عاد إلى التأكيد على أن "شباط انتهى، فهو الآن في مواجهة مفتوحة مع القيادي الاستقلالي حمدي ولد رشيد، وعبد الصمد قيوح، اللذان يعتبران أحد أهم ركائز الحزب في الصحراء وسوس، وكذا تيار (بلا هوادة)، وهذا يُظهر أن قيادات الحزب ستقطع الطريق على "زعيم الاستقلاليين"، وستحاول فرض أسماء لها هي الأخرى وزنها داخل حزب "علال الفاسي". واعتبر شقير في التصريح ذاته، أن "المراهنة على شباط من جديد ستدفع حزب "الاستقلال" إلى السكتة القلبية"، لأنها شخصية فقدت مصداقتيها وبريقها وآلية توصيفها من طرف جهات خارج الحزب"، ويشير شقير إلى أن "الاستقلاليين سيدفعون بنزار بركة إلى رئاسة الحزب، حتى تعود القيادة إلى عائلات "آل فاسي" وترجع الأمور كما كانت في السابق، وسيتم طي صفحة شباط نهائيا"، يقول شقير. أخنوش يلعب دور "المنقذ" وبخصوص مؤتمر "الأحرار" الذي هو الآخر يأتي في ظرف سياسي "طارئ"، الذي سيعقد يومي 19 و20 ماي 2017 بمدينة الجديدة، رغم أن الحزب كان عقد مؤتمره الوطني الخامس قبل شهور قليلة ماضية، حيث تم انتخاب أخنوش بالإجماع ليقود الحزب بعد تقديم مزوار استقالته، مباشرة بعد انتخابات 7 أكتوبر، وهو مؤتمر يعتبره المحلل السياسي، علي السيجاري، تكتيكي سيحاول من خلاله أخنوش إظهار نفسه على أنه "سياسي مجدّد"، فهو لا يحتاج للبحث عن شرعية ثانية، لأنه حصل عليها خلال المؤتمر الخامس. وأورد السيجاري في تصريح لموقع "لكم" أن "المؤتمر وأشغاله لا يؤثر على الحزب، اللهم إذا تعلق الأمر بتغييرات جذرية بخصوص التحالفات والعلاقات مع الفرقاء السياسيين"، مضيفا بأن "أخنوش يحاول إعطاء صيغة جديدة خاصة به، وإحداث قطيعة مع الاتجاهات القديمة، خصوصا وأن الحزب أصله نخبوي له رصيد تقنوقراطي يريد الانفتاح على المجتمع". وبحسب السيجاري فإن "الأحرار يحاول خلط الأوراق، من خلال البحث عن مخارج أخرى، فهو بذلك في حاجة إلى (إشهار سياسي) حتى يستمع لآراء المواطنين، فهو معروف وحاضر فقط عند النخبة الاقتصادية والسياسية". ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة أكدال أن "أخنوش سيعوض ما كان يُأمل في (البام)، لأن هذا الأخير فشل في تحقيق ما كانت تصبو إليه الجهات التي خلقته، ووضع استراتيجية على المدى القصير، وخضع لديكتاتورية الزمن الظرفي"، أما أخنوش، فيضيف السنجاري، فهو "عكس ذلك يحاول تجديد اللعبة السياسية، لذلك فهو يقوم بجولات مكوكية في جهات المملكة حتى يعطي الانطباع على أن حزبه قادر على تحمل المسؤوليات الكبرى".