أصدرت محكمة الاستئناف بأكادير، مساء الثلاثاء، أحكاماً قاسية تراوحت بين 3 و15 سنة سجناً نافذاً في حق 16 شاباً من المعتقلين على خلفية ما عُرف ب"أحداث القليعة" وإنزكان، التي تخللتها أعمال عنف وتخريب خلال موجة احتجاجات "جيل زد" التي تشهدها مدن مغربية منذ نهاية شتنبر الماضي. وقالت مصادر من هيئة الدفاع إن المحكمة قضت بالسجن 15 سنة في حق ثلاثة متهمين، و12 سنة في حق واحد، و10 سنوات في حق تسعة آخرين، بينما نال اثنان أحكاماً بخمس وأربع سنوات نافذة على التوالي، وثلاثة آخرون ثلاث سنوات لكل واحد منهم.
وتوبع المتهمون أمام محكمة أكادير بتهم وُصفت ب"ثقيلة"، من بينها "تخريب مبانٍ ومنقولات في جماعات أو عصابات باستعمال القوة"، و"إضرام النار في منقول غير مملوك لهم"، و"العنف في حق رجال القوة العمومية باستعمال السلاح"، و"العصيان وعرقلة الطريق العمومية". وكانت المحكمة نفسها قد أصدرت الأسبوع الماضي (7 أكتوبر) حكماً بالسجن عشر سنوات نافذة في حق شاب أدين بالمشاركة في الهجوم على مركز للدرك الملكي بمدينة القليعة، في إطار الملف ذاته. وتأتي هذه الأحكام في سياق سلسلة من المحاكمات التي تشهدها عدة محاكم مغربية ضد أكثر من 400 شاب يتابعون على خلفية احتجاجات "جيل زد"، من بينهم من يحاكمون في حالة سراح، وآخرون صدرت بحقهم أحكام وُصفت ب"القاسية"، مثل تلك الصادرة مؤخراً عن محكمة الاستئناف بسلا في ملفات مشابهة. وتعود هذه القضايا إلى أحداث عنف شهدتها مدن إنزكان والقليعة وتيزنيت وآيت عميرة خلال الأسابيع الماضية، حيث وقعت مواجهات بين محتجين وقوات الأمن تخللتها عمليات تخريب وإضرام النار في ممتلكات عامة وخاصة. وشهدت بعض الاحتجاجات، خاصة في إنزكان وآيت عميرة، توتراً كبيراً، وفي القليعة اضطر الدرك الملكي إلى إطلاق النار بعد هجوم محتجين في مركزهم، ما أدى إلى مقتل شابين وإصابة آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، وفق مصادر محلية وشهود عيان. وقد أثار الحادثان موجة غضب في صفوف النشطاء الحقوقيين، الذين طالبوا بفتح تحقيق "شفاف" حول ظروف إطلاق النار. تأتي هذه التطورات في ظل استمرار دعوات شباب "جيل زد" إلى الخروج وتنظيم احتجاجات سلمية في أغلب المدن للمطالبة بالعدالة الاجتماعية وتحسين أوضاع التعليم والصحة وفرص الشغل. وبينما تصر السلطات على تطبيق القانون ضد من تصفهم ب"المتورطين في أعمال عنف وتخريب"، يحذر حقوقيون من "مقاربة أمنية مفرطة" قد تؤدي إلى مزيد من الاحتقان، مطالبين بإطلاق حوار وطني شامل مع الشباب المحتج.