يواصل المغرب تنفيذ أحد أكبر مشاريعه الاجتماعية منذ الاستقلال، والمتمثل في تعميم الحماية الاجتماعية على جميع فئات المواطنين، في إطار الورش الملكي الذي أطلقه الملك محمد السادس بهدف ضمان الولوج العادل إلى الرعاية الصحية لكل مغربي ومغربية، دون تمييز أو إقصاء. وفي صلب هذا المشروع، يضطلع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) بدور محوري في تنزيل نظام التأمين الإجباري عن المرض (AMO)، الذي بات يشمل مختلف الفئات الاجتماعية، سواء النشيطة أو غير النشيطة. أربع فئات مستفيدة يغطي نظام التأمين الإجباري عن المرض جميع المواطنين الموزعين على أربع فئات رئيسية : AMO تضامن (Tadamon) يعد هذا النظام بديلا لنظام المساعدة الطبية السابق (RAMED)، حيث يوفر تغطية أوسع وأكثر تكاملا للأشخاص غير قادرين على تحمل الاشتراكات. يتم تحديد أهلية الاستفادة من النظام عبر السجل الاجتماعي الموحد (RSU)، وتتحمل الدولة أداء اشتراكاتهم كاملة. AMO العمال غير الأجراء (TNS) يشمل هذا النظام فئة العمال غير الأجراء، ويوفر تغطية للعاملين في مهن كانت سابقا خارج منظومة الحماية الاجتماعية، مثل التجار، الحرفيين، الفلاحين، السائقين، وأصحاب المهن الحرة، مقابل أداء اشتراكات يتم تحديد مبلغها بموجب مرسوم تطبيقي حسب دخل كل فئة. تؤدى هذه الاشتراكات شهريا أو كل ثلاثة أشهر، وتعد شرطا أساسيا لافتتاح الحق في الاستفادة من النظام والحفاظ عليه. AMOالأجراء (TS) يشمل هذا النظام فئة الأجراء والمتقاعدين في القطاع الخاص. وتظل استفادتهم من هذا النظام رهينة بالتصريح بهم وأداء الاشتراكات الخاصة بهم من طرف المشغل. AMOالشامل (Achamil) وهو نظام جديد لفائدة الأشخاص القادرين على أداء اشتراكاتهم رغم عدم مزاولتهم لأي نشاط مهني. يتم الانخراط فيه عبر أداء اشتراك شهري يحتسب بناء على النقطة المحصل عليها في السجل الاجتماعي الموحد. (RSU) وبالتالي يتيح نظام التأمين الإجباري عن المرض لأي مواطن، حتى وإن كان بدون عمل، الاستفادة من تغطية صحية لائقة ومتكافئة، مما يساهم في تقليص الفوارق، والوقاية من الهشاشة الصحية، وتعزيز التماسك الاجتماعي. نحو ولوج متكافئ للعلاج يهدف تعميم التأمين الإجباري عن المرض إلى ضمان تغطية صحية شاملة لجميع المواطنين تشمل الاستشارات الطبية، التحاليل، العمليات الجراحية، خدمات الاستشفاء والأمومة، إلى جانب استرجاع مصاريف الأدوية والعلاجات الأساسية. ويُعتبر هذا التحول أحد ركائز المشروع الملكي لإرساء دولة العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني. تعبئة شاملة داخل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي قام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بتعبئة كافة موارده البشرية والتقنية من أجل تسريع وتيرة التعميم، عبر تبسيط المساطر الإدارية، ورقمنة الخدمات، وتوسيع شبكة استقبال المواطنين في مختلف المدن والمناطق القروية. كما عززت المؤسسة آليات التواصل والتحسيس لضمان انخراط جميع الفئات المستهدفة في هذا النظام. إصلاح هيكلي ورؤية ملكية ويرى مراقبون أن هذا الورش الاجتماعي يمثل إصلاحًا هيكليًا عميقًا يعيد رسم علاقة الدولة بالمواطن، ويجعل من الحق في الصحة حجر زاوية في التنمية البشرية المستدامة. فمن خلال هذا المشروع، يسعى المغرب إلى تعميم التغطية الصحية تدريجيًا على كافة السكان، بما يعكس إرادة سياسية قوية في جعل الحماية الاجتماعية حقًا للجميع، وليست امتيازًا لفئة محدودة.