لا يزال الغضب يسود في الأوساط النقابية بسبب عدم عقد الحكومة لجولة الحوار المتفق عليها في شهر شتنبر الماضي، وتمريرها لمشاريع قوانين إلى البرلمان دون التوافق حولها على طاولة الحوار الاجتماعي كما جرى الاتفاق عليه، وعلى رأسها مشروع القانون التنظيمي للإضراب، الذي ورغم مصادقة لجنة القطاعات الاجتماعية عليه أمس الأربعاء، إلا أنه لا يزال يثير الكثير من الانتقادات بسبب مضامينه التي تعتبرها الكثير من الهيئات "تكبيلية" لهذا الحق الدستوري. الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إحدى المركزيات النقابية المشاركة في الحوار الاجتماعي، وبعد عدة بلاغات استنكارية لتراجع الحكومة عن التزاماتها، أعلنت عن مرورها إلى التصعيد، عبر برنامج احتجاجي ينطلق بتجمعات احتجاجية يومي 14 و15 دجنبر الجاري بمختلف الأقاليم.
وتأتي الاحتجاجات، حسب الكونفدرالية، استنكارا لعدم التزام الحكومة بالاتفاقات الموقعة، بعد إحالتها للقانون التنظيمي للإضراب على البرلمان دون توافق في إطار الحوار الاجتماعي، واستقوائها بأغلبيتها البرلمانية في موضوع يقتضي أولا المصادقة على الاتفاقية الدولية رقم 87، واحترام الحريات النقابية وفض النزاعات الاجتماعية، ويقتضي كذلك توافقا مجتمعيا واحتراما للمرجعية الدستورية والمواثيق الدولية ذات الصلة. واعتبرت الكونفدرالية أن التعديلات التي أدخلتها لجنة القطاعات الاجتماعية على القانون التنظيمي للإضراب لم تغير جوهر النص ومضامينه التكبيلية، ولم تتجاوب مع رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ورأي لجنة الحريات النقابية بمنظمة العمل الدولية حول القوانين الضامنة للحق في الإضراب. وإلى جانب مشروع قانون الإضراب، أكدت المركزية على أن انفراد الحكومة بطرح مشروع قانون دمج CNOPS في CNSS خارج مؤسسة الحوار الاجتماعي ضرب لميثاق المأسسة ولاتفاق 30 أبريل 2022، واستهداف خطير لحقوق ومكتسبات المؤمنين. وتطالب الكونفدرالية الحكومة بعقد جولة الحوار الاجتماعي واستكمال التفاوض حول القانون التنظيمي للإضراب، ومناقشة كل القوانين الاجتماعية والقضايا والملفات المطلبية العالقة. وإلى جانب ذلك، تعتبر الكونفدرالية أن الإعفاء التدريجي للمعاشات من الضريبة على الدخل لم يحقق إنصاف المتقاعدين نتيجة عدم التجاوب مع مطلب الرفع من الحد الأدنى للمعاشات والزيادة في المعاشات وربطها بنسبة التضخم. وإلى جانب احتجاجاتها التي تنطلق نهاية الأسبوع المقبل، أعلنت الكونفدرالية عن خوضها أيضا لكل المبادرات النضالية لمواجهة محاولة الإجهاز على الحق في الإضراب، في إطار جبهة الدفاع عن الحق في ممارسة الإضراب التي تم تشكيلها من عدة هيئات سياسية وحقوقية ونقابية، والتي تستعد لإعلان مبادرات احتجاجية وترافعية ضد هذا المشروع.