وجه حزب التقدم والاشتراكية، اليوم الثلاثاء، رسالة لرئيس الحكومة عزيز أخنوش انتقد فيها بشدة حصيلة نصف الولاية الحكومية، والنقائص والاختلالات والإخفاقات الكثيرة التي اكتنفتها، وما صاحب مناقشة الحصيلة بالبرلمان من خطاب استعلائي غابت عنه الموضوعية، وافتقَدَ إلى التواضع والنقد الذاتي. وقال الحزب في رسالته إن خطابَ الحكومة ينطوي على خطورة مؤكدة، لأنه يَفتقدُ إلى الاتزان المطلوب، ويتَّسِمُ بالانفصامِ عن الواقع، ولا يُراعي هُمُومَ وآلامَ معظم الناس لتفادي استفزازهم بتضخيمِ مُنجزاتٍ لا يلمسون أثرها على حياتهم. كما أنه خطابٌ يتنافى مع حالة الاختناق التي تعيشها المقاولاتُ، ويُشكِّكُ عملياًّ في مقاصد ومصداقية التقارير والمعطيات المقلقة، اقتصاديًّا واجتماعيًّا، التي تُدلي بها مؤسساتٌ رسمية.
وأولى الانتقادات التي سجلها الحزب؛ التجاهل الخطير من الحكومة لواقع المشهد السياسي والديمقراطي والحقوقي، مما يعني أنها غير معنية لا ببلورة الدستور، ولا بتوطيد الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان، ولا بمعالجة أعطاب الفضاء السياسي، ولا بالتصدي للتراجعات المسجَّلة في الحقل السياسي والحقوقي، حيث عجَزتْ عن اتخاذ أيِّ خطوة لاستعادة ثقة المغاربة في المؤسسات المنتخبة، وتجرأتْ على المساس بمبدأ استقلالية الصحافة، ولم تُحَرِّكْ ساكناً أمام أيِّ تراجعٍ أو مساسٍ بحرية التعبير. كما توقفت الرسالة على التفاقم الخطير وغير المسبوق لمعدلات البطالة، وبلوغ عدد الشباب الذين يُوجدون خارج فضاءات التعليم والشغل والتكوين 4.3 مليون شابًّا، وانخفاض معدل مشاركة النساء في سوق الشغل، ما يعكس الفشل الذريع في المقاربات الاقتصادية للحكومة. ورصد "التقدم والاشتراكية" فشل الحكومة في تحقيق نسبة النمو التي وعدت بها (4%)، مع إفلاس أزيد من 27 ألف مقاولة صغرى ومتوسطة، دون احتساب عشراتِ آلاف المقاولات الأخرى التي تختنقُ في صمت، خلال سنوات تدبير حكومة أخنوش، فضلا عن الفشل المسجل على مستوى الاستثمار، وفي تنقية مناخ الأعمال من الممارسات غير المشروعة، إذ تراجع المغرب في مؤشر إدراك الفساد وفي مؤشر الحرية الاقتصادية. كما أن الحكومة، حسب الرسالة، فشلت في ضمان السيادة الصناعية، والسيادة الطاقية، وفي توفير السيادة الغذائية، وتحقيق الأمن المائي، في ظل السياسة الفلاحية المصدرة للماء رغم الأزمة، كما فشلت في الحد من الاقتراض المفرط، حيث وصلت نسبة الدين العمومي 86% من الناتج الداخلي الخام. ونبه الحزب أخنوش إلى عجز حكومته عن مواجهة الغلاء وإيقاف تدهور مستوى معيشة الأسر المغربية، حيث انزلق حواليْ 3.2 مليون مواطن نحو دائرة الفقر والهشاشة، في الوقت الذي أغنَتْ فيه الحكومة، بملايير الدراهم من المال العام، أربابَ النقل ومستوردي الأبقار والأغنام، وسمحت بأن تُواصِلَ شركاتُ المحروقاتِ ممارسة التواطؤات، في استنزافٍ لجيوب المواطنين ومراكمةٍ للأرباحٍ الخيالية، على الرغم من قرارات مجلس المنافسة على عِلاَّتِها، وعجزتْ عن مكافحة المضاربات وتَضارُبَ المصالح. وإلى جانب ذلك، انتقدت الرسالة عدم مباشرة الحكومة الإصلاح الجبائي الشامل والعادل، وفشلها في إدماج القطاع الاقتصادي غير المهيكل، وفس إصلاح صندوق المقاصة في اتجاه الاستفادة الحصرية للمحتاجين إلى الدعم، وغيرها من الإخفاقات. ودعا الحزب أخنوش إلى إعطاء نَفَسٍ ديموقراطيٍّ للفضاء السياسي وتنقيته من الفساد، والرجوع إلى توصيات النموذج التنموي الجديد، وتكريس دور الدولة المُنَمِّيَّة، لتحقيق إقلاعٍ اقتصادي حقيقي، والاعتماد على تصنيعٍ قوي وحديث، وإجراء إصلاح جبائي عادل وشامل، والمراجعة الجذرية للسياسات الفلاحية، بما يَجعل السيادة الغذائية والأمن المائي أوْلى الأولويات، مع إقرار العدالة الاجتماعية والمجالية، وتسريع إصلاح منظومتيْ الصحة والتعليم ارتكازا على المستشفى العمومي والمدرسة العمومية.