في أوج الاضطرابات التي يشهدها العالم العربي والإسلامي تطرح مسالة وجود عقيدة خاصة بأوباما في المنطقة بينما يشكك خبراء في المبادئ التي عددها الرئيس الأمريكي، معتبرين أنها ليست سوى سياسة برغماتية. وعندما سئل تحديدا عن "عقيدته"، الخميس 3 مارس 2011، أثناء مؤتمر صحافي أكد باراك أوباما انه إزاء الانتفاضات التي تهز الشرق الأوسط "إن مقاربتي (...) كانت أولا رفض العنف ضد المدنيين, وثانيا إننا ندعم الحرية والديمقراطية". وتبقى مثل هذه المبادئ بعيدة عن تشكيل فلسفة صلبة وصارمة يمكن أن تقود موقف الولاياتالمتحدة في الأزمات التي حصلت مؤخرا في تونس ومصر وتشهدها حاليا ليبيا ويمكن أن تحصل في أماكن أخرى. وقال جوليان زليزر الأستاذ في جامعة برينستون "أكثر ما يشبه سياستنا، هو ترك مختلف الثورات تجري بوتيرتها الذاتية وبعدم تدخلنا سوى عبر تصريحات عامة لدعمها". وقد اقترنت أسماء رؤساء أمريكيين عدة ب"عقيدة" معينة في السياسة الخارجية. ففي العام 1823 رفضت "عقيدة مونرو" (نسبة للرئيس جيمس مونرو) أي تدخل أوروبي إضافي في الأمريكيتين. وفي 1947 قضت "عقيدة ترومان" (الرئيس هاري ترومان) بان تساعد الولاياتالمتحدة الدول التي تحارب النزعة التوسعية السوفياتية. كما تغطي عبارة "عقيدة بوش" بشكل خاص فكرة حرب وقائية مثل تلك التي شنتها إدارة الرئيس السابق جورج بوش على العراق في العام 2003. وفي ما يتعلق بليبيا أعلن أوباما أن بلاده ستتحرك بالتنسيق مع حلفائها الدوليين وستساعد ضحايا أي أزمة إنسانية أو في حال وقع مدنيون "في شرك" المعارك. وما يدعم مقاربة أوباما هو بكل تأكيد التجربة العراقية المؤلمة والرغبة في عدم التعرض لاتهامات بالنزعة الاستعمارية الجديدة. ولفت الرئيس الأمريكي الخميس إلى أن "أحد أهم نجاحات مصر" حيث تنحى الرئيس حسني مبارك عن الحكم تحت ضغط الشارع، "هو أن المصريين أمسكوا كليا بهذا التحول"، معبرا عن ارتياحه "لأننا لم نر ظهور مشاعر عدائية للأمريكيين". وبدت الإدارة الأمريكية أحيانا تتأرجح بين دعم المتظاهرين المطالبين بالديمقراطية وبين أنصار أنظمة صديقة لواشنطن منذ أمد بعيد. وإذا كان أوباما دعا بحزم الزعيم الليبي معمر القذافي إلى الرحيل فإنه لم يذهب إلى هذا الحد مع مبارك. كذلك انتقد البيت الأبيض بشدة النظام الإيراني لقمعه التظاهرات لكنه ظل أكثر اعتدالا تجاه دول حليفة استراتيجية مثل البحرين واليمن حيث سقط متظاهرون قتلى. واعتبر انثوني كوردسمان من مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية أن مقاربة الإدارة الأمريكية براغماتية أكثر منها عقائدية. وقال "إن العقيدة هي سياسة نطبقها على الأمد البعيد ونذكر بها باستمرار. وليست هذه هي الحال" في الوقت الحاضر. وآخر مرة آتى أوباما على ذكر عقيدة للشرق الأوسط تعود إلى خطابه الذي ألقاه في يونيو 2009 في القاهرة عندما دعا إلى "انطلاقة جديدة" بين الولاياتالمتحدة والعالم الإسلامي. وقال آنذاك "إن أي نظام حكومة لا يمكن بل يجب ألا يفرض على بلد من قبل بلد آخر" مجددا أمنيته في رؤية "حكومات تعكس الإرادة الشعبية". *أ ف ب --- تعليق الصورة: باراك أوباما