يواصل البرلمان الإسباني الاستماع ومساءلة وزير الداخلية "فرناندو غراندي مارلاسكا" في قضية مأساة مليلية التي أودت بحياة ما لا يقل عن 23 مهاجرا. "مارلاسكا" الذي مثل مجددا أمام البرلمان، أعاد التأكيد على أن رد الحرس الإسباني على محاولات آلاف المهاجرين عبور سياجات مليلية كان متناسبا. وأشار وزير الداخلية الإسباني أن الخسائر في الأرواح البشرية التي وقعت في صفوف المهاجرين لم تحدث "في التراب الوطني الإسباني". وأضاف " "لقد قلتها وأكررها نحن نتحدث عن حدث مأساوي وقع خارج بلادنا"، وذلك خلال مثوله الثاني أمام جلسة عامة للكونغرس الإسباني. وتأتي تصريحات "مارلاسكا" بعد ساعات من تحقيق أجرته المنظمة غير الحكومية الدولية Lighthouse Reports التي يتواجد مقرها بهولندا، والذي نشرته العديد من المنظمات الدولية، وصحف مختلفة بما فيها "إلباييس"، والذي أكد وقوع بعض الوفيات داخل تراب مليلية، عكس ادعاءات وزير الداخلية الإسباني. وكشف التحقيق أن "بعض الأشخاص تم سحقهم على الجانب الإسباني من الحدود، وتم التخلي عنهم دون تلقي أي رعاية طبية"، وهو ما أكده أيضا تقرير نشرته قناة "البي بي سي" البريطانية. أما الوزير الإسباني فقد شدد على أن "الاعتداء الذي نفذه حوالي 1700 شخصا من المهاجرين كان عدوانا عنيف لا يطاق على الحدود الإسبانية". ومثل وزير الداخلية الإسباني اليوم الأربعاء، في الجلسة العامة للكونغرس الإسباني، للمرة الثانية خلال سبعين يومًا، في محاولة لتبديد الشكوك التي أعربت عنها المعارضة حول كيفية إدارة مأساة سياجات مليلية. وقام برلمانيون إسبان بزيارة ميدانية إلى سياجات مليلية خلال الأسبوع الماضي، وقاموا بمشاهدة مقاطع الفيديو التي سجلتها الكاميرات المثبتة لمحيط الحدود، مع الاستماع لشهادة الحرس المدني الإسباني. وبحسب الإعلام الإسباني، فإن الكتل البرلمانية لم تكن راضية على التفسيرات التي ساقها وزير الداخلية الإسباني، إلى جانب عدم تقديمه لبيانات دقيقة في الموضوع. وفي هذا الإطار، قال زعيم الحزب الشعبي الإسباني " في مليلية خوان خوسيه إمبرودا" إن وزير الداخلية يجب أن يتحمل مسؤوليته في هذا الملف، مستغربا كيف أنه في ذلك اليوم المشؤوم الذي وقعت فيه المأساة لم يكن هناك سوى خمسة عملاء من الحرس المدني لتغطية محيط حدودي يبلغ طوله 12 كيلومترًا، مضيفا "كان هناك خمسة حراس مدنيين وحوالي ثلاثة آلاف مهاجر جاءوا مهاجمين". وأشار إلى أن العديد من الحراس أصيبوا في السنوات الأخيرة نتيجة الهجومات العنيفة على سياجات مليلية. وشن "إمبرودا" هجوما لاذعا على وزير الداخلية، لافتا إلى أنه احتمي بالحرس المدني الإسباني للتغطية عن مسؤولياته، علما أن فعاليات كثيرة في مدينة مليلية طالبت بمضاعفة أعداد الحرس المدني. وأبرز أنه على "رئيس الحكومة الإسباني إجبار وزير الداخلية على تقديم استقالته، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فسيقوم بإقالته لأنه بعد ما حدث، لم يعد بإمكانه الاستمرار في الاختباء والكذب". من جانبه، طالب رئيس حزب الشعب بجز الكناري، مانويل دومينغيز، بإقالة وزير الداخلية بالنظر للمشاكل الخطيرة التي تعاني منها الجزر في مواجهة الهجرة غير النظامية. وأكد دومينغيز أنه "لا يمكن أن تظل جزر الكناري سجنًا ولا يمكن تحويل مياهها إلى مقبرة بسبب تدفقات الهجرة غير النظامية"، مطالبا بمزيد من الاهتمام من السلطة التنفيذية الوطنية للمشاكل التي تعاني منها الجزيرة.