يتضمن مشروع القانون المتعلق بالحق في الوصول إلى المعلومة في المادة 19 عددا هائلا من الاستثناءات ويضع العراقيل أمام هذا الحق المنصوص عليها في الفصل 27 من الدستور. ففي هذا المشروع، نجد أن استثناءات الدفاع الوطني، والأمن القومي الداخلي والخارجي يتم ذكرها بصفة عامة غير محددة ولا مشروطة، ودون أي ربط مع وجود خطر أو ضرر لأمن البلاد، فيصبح الحق في المعلومة مصادَرا بصفة شاملة فتغيب الشفافية ويظل التعتيم مهيمنا هيمنة مطلقة على مجالات واسعة ليس لها علاقة من قريب ولا من بعيد باحتمال المساس بالاعتبارات الأمنية، بل إنها مجالات تحتاج إلى يقظة مستمرة ودرجة عالية من الشفافية على المستوى الدولي لحماية مصالح البلاد. إن الرهانات كبيرة كما يظهر من نتائج مؤشر الدفاع في عام 2013. 1. نتائج مؤشر الدفاع عام 2013: احتمالات الفساد كبيرة جدا في إطار برنامجها حول قطاعات الدفاع والأمن، اشتغل الفرع البريطاني لمنظمة الشفافية الدولية مع الحكومات وقيادات القوات المسلحة والمجتمع المدني لتحسين معايير مكافحة الفساد في قطاع الدفاع. وقد شمل التقييم 82 بلدا في جميع أنحاء العالم تستأثر ب 94٪ من الإنفاق العسكري العالمي (في عام 2011)، أي ما يعادل 1600 مليار دولار أمريكي، حيث جرى تقييم كل بلد حسب على ضوء مختلف مخاطر الفساد المرتبطة بالدفاع الوطني. هذه الدراسة صنفت البلدان إلى ستة مجموعات حسب مستوى الشفافية ومخاطر الفساد: هي (أ)، (ب)، (ت)، (ث)، (ج) وأخيرا (ح). تشمل المجموعة (أ) البلدان التي لديها نقاط بين 83.3٪ و 100٪. على النقيض منها فإن المجموعة (ح) تشمل البلدان المغرقة في الفساد حيث حصلت على تنقيط تراوح بين 0 و 16.6٪. قليل هي البلدان التي تتوفر على مستويات عالية من الشفافية وترتيبات مؤسساتية قوية لمواجهة مخاطر الفساد (مجموعة أ). يوجد 57 من مجموع 82 بلدا أي 69٪ ضمن المجموعات (ث) ثم (ج) ثم (ح). إن الاستنتاج الرئيسي الذي يمكن استخلاصه من هذه الدراسة هو وجود احتمال الفساد في قطاع الدفاع في معظم البلدان، وهو ما ينطبق تماما على المغرب. 2. في المغرب يشكل التعتيم في ميدان الدفاع 83٪ في المعدل يأتي المغرب في مجموعة المخاطر العالية جدا (ج (مجاورا 18 بلدا منها أفغانستان والعراق ونيجيريا والمملكة العربية السعودية ... حيث حصل على 52 نقطة فقط من أصل 308، أي بمعدل 16.88٪. وبذلك يكون المغرب قريبا جدا من مستوى المجموعة الأخيرة التي حصل أعضاءها على نقط تتراوح بين 0 و 16.6٪. في المجالات الخمس التي شملت الدراسة مستوى المخاطر المحيطة بها (التوريد والصفقات، الجانب السياسي، تدبير المالية، تدبير الموارد البشرية وأخيرا العمليات) حصل المغرب على درجات منخفضة جدا، بحيث يبلغ معدل مستوى التعتيم 83٪، وينخفض هذا المعدل إلى مستوى 75٪ في حالة المخاطر السياسية والعمليات. ويتحقق الحد الأقصى من التعتيم (نقيض الشفافية) في مجال التوريد لمشتريات الدفاع ليصل إلى 95٪. وهنا من الجدير بالذكر أنه في كل بلدان العالم، تعتبر القوات المسلحة مؤسسات كبرى و من ثم فإن جزء لا يستهان به من مشترياتها ليس له علاقة مباشرة بالأمن القومي (المواد الغذائية، والملابس، والعقارات، الإسكان، والتجهيزات الإدارية ....) 3. المغرب : غياب الشفافية في كل مجالات إدارة الدفاع الوطني لكن في حالة المغرب، تشير الدراسة إلى غياب تشريعات تنظم صفقات ومشتريات إدارة الدفاع، وانعدام الشفافية والمنافسة، وغياب العقوبات في حالة التواطؤ وتضارب المصالح فيما يتعلق بالصفقات، وأخيرا غياب مساطر معروفة لتقديم الشكاوى والطعون. على ضوء هذه المعطيات، وفي ظل غياب التفصيل وغياب التحديد الدقيق لمجالات الاستثناءات المطلقة التي تضمنها مشروع القانون المتعلق بالحصول على المعلومة (المادة 19)، ما دامت الصياغة غير مرتبطة بمفهوم المخاطر الواردة – والتي يجب قراءتها على ضوء المصلحة العامة – فإن الحق في الحصول على المعلومة يكاد يفقد معناه، بالإضافة إلى انتهاك واضح لمبادئ دستورية أخرى مثل المحاسبة والشفافية والخضوع للمساءلة.