عند استقلال المغرب، وفي تلك الظروف القاسية بأوضاعها الاجتماعية والاقتصادية والصراع السياسي الذي كان محتدما بين مختلف الأطراف الحاكمة منها أو الفاعلة في الميدان، كان سكان الحسيمة قلب الريف يرددون شعارات ذات مدلول عميق في مختلف التظاهرات التي قاموا بها احتجاجا على الأوضاع ورغبة منهم في تلبية مطالبهم وعلى رأسها ذلك الشعار التاريخي المتداول على نطاق واسع في الأوساط الشعبية خاصة: " الملك ملكنا وعبد الكريم زعيمنا" شعار وطني بسيط يعبر عن مطامح وطنية مشروعة تتجسد في الرغبة في العيش الكريم بجميع المغاربة وتحقيق وحدة وطنية تجمع بين جميع الجهات في المغرب : وسط، شمال، جنوب. أستحضر اليوم هذه الحقيقة التاريخية لأن البعض يلفق تهما فارغة المحتوى لسكان الريف من قبيل كونهم انفصاليين، ومما يؤكد هذا الطرح الوطني كون الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي لم يمس أبدا بشرعية الملك وبالثوابت وللسلطة المركزية عبر عنها في العديد من مراسلاته وخاصة عند نزوله في القاهرة. إن الملك لم يشكك أبدا في شرعية مقاومة مولاي موحند الشعبية رغم المحاولات اليائسة لبعض رموز وقادة الأحزاب السياسية الذين اجتهدوا بوسائل غير واضحة ومشروعة من أجل خلق هذا الصراع الوهمي والإيقاع بين الريفيين وباقي إخوانهم من المغاربة بنشر الشكوك والمخاوف وحبك الدسائس والمؤامرات. إخواني أخواتي: إن الريفي هو مغربي ملكي أمازيغي ومسلم، وهو أيضا متوسطي أندلسي بتعدديته المركبة التي تمثل عمق ووحدة العناصر المشكلة للهوية الوطنية المغربية، ومن يريد أن ينزع عنه أحد هذه الصفات فهو مخطئ ولا علم له بالتاريخ وبالتالي عليه أن يستفيد ويرجع إلى التاريخ ليقرأ كيف نجح الرجل الريفي في هزم جيش الروكي (بوحمارة) الذي ثار وتمرد على شرعية السلطان المغربي. فعلى يد الريفي تم وضع حد لتلاعبات وخزعبلات الروكي. وعليه كذلك أن يسأل أو يستقرئ صفحات التاريخ على وقائع وأحداث ما يعرف بمثلث الموت بين بورد وأكنول وتيزي وسلي الذي أرهب قواعد جيش الاستعمار الفرنسي وعجل التفكير في رحيله والجلوس إلى طاولة عقد المفاوضات التي أفضت إلى جلسات إيكس لبان الشهيرة.