وصف باحثون وفاعلون الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بمدينة الفنيدق بالمتردية، بعد أن أغلقت السلطات معبر سبتة، وتعمقت في سياق جائحة كورونا، مقدمين مجموعة من المقترحات لتجاوز الوضع المقلق. جاء ذلك في ندوة رقمية، نظمتها "مجموعة التفكير من أجل الفنيدق" نهاية الأسبوع، تحت بعنوان" مدينة الفنيدق ورهان تأسيس هوية اقتصادية جديدة؟" شاركت فيها فعاليات سياسة وقتصادية وبحثية. التهريب المعيشي اعتبرت البرلمانية خديجة الزياني في هذه الندوة التي نظمتها مجموعة تقدم نفسها أنها "مبادرة مدنية للتفكير والتواصل والترافع من أجل هوية اقتصادية جديدة للفنيدق بعد توقيف التهريب المعيشي بمعبر سبتة"، على أن التهريب المعيشي شكل تاريخيا النشاط الاقتصادي الرئيسي لسكان الفنيدق منذ أن كانت "قرية كاستياخوس" إذ كان الرجال يمتهنون هذا النشاط الاقتصادي بواسطة البغال، وهو ما أكدّه الأكاديمي عبد الرحمن الشعيري بكون التهريب المعيشي شكل منذ أواخر القرن19 عصب الحياة لسكان المنطقة، بل وكان له الفضل في نموها العمراني وفي خلق الثروة المحلية، كما كانت له بالمقابل انعكاسات سلبية خيمت بظلالها بشكل خاص في حقل التعليم. من جانبه تأسف الفاعل المدني الخليل الجباري على "الفرص الضائعة" التي فوتت على مدينة الفنيدق التنمية المحلية الحقيقية من خلال عدم ربط الدولة للفنيدق بالمحور الاقتصادي لميناء طنجة- المتوسط ثم فشل المشروع السياحي تمودة- باي بفعل ضعف المردودية وغياب إشراك الفاعلين المحليين. أرقام مقلقة على مستوى الأرقام، اتفق المشاركون في الندوة على تردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي بالفنيدق بعد قرار السلطات توقيف التهريب المعيشي و اغلاق معبر سبتة على إثر تداعيات جائحة كوفيد 19. وفي هذا السياق أوضح الفاعل الاقتصادي عبد النور الحسناوي بأن حوالي 30% من المقاهي والمطاعم والمخابز أفلست بفعل الركود الاقتصادي، مؤكدا على أن قرار اغلاق معبر باب سبتة كشف ضعف أداء المؤسسات المنتخبة والفاعلين الاقتصاديين والمنظمات المهنية. وبلغة الأرقام دائما، لامس عبد الرحمن الشعيري أوضاع المدينة فكشف عن اغلاق حوالي 600 محل تجاري في مختلف أسواق المدينة، وعن توقف مصدر عيش لحوالي 9000 من ممتهني وممتهنات التهريب المعيشي وكذا ل3600 من العمال القانونيين داخل سبتة بالاضافة إلى ركود كبير في قطاع التاكسي والكراء وأداء القروض الصغرى. هوية اقتصادية جديدة أجمع المشاركون في الندوة على ضرورة التأسيس لهوية اقتصادية جديدة لمدينة الفنيدق لكي تتجاوز وضعها السوسيو الاقتصادي الصعب، وفي هذا المضمار دعت البرلمانية خديجة الزياني إلى تفعيل توصيات اللجنة البرلمانية الاستطلاعية لمعبر باب سبتة والتي أوصت بتنظيم المعبر بانسيابية وبما يحفظ الكرامة الإنسانية لممتهني التهريب المعيشي في أفق إدماجهم في منظومة قانونية للتشغيل. وطالبت المتحدثة، بتعجيل إنهاء أشغال تهيئة منطقة الأنشطة الاقتصادية والتركيز على الهوية السياحية للمنطقة وخاصة السياحة الجبلية انسجاما مع الرؤية الرسمية للدولة. وفي سياق المقترحات، طالب خليل الجباري بفتح المعبر وفق ضوابط إنسانية وتنظيمية حديثة مع عودة الحركة التجارية بين الفنيدقوسبتة، مع التفكير في بديل اقتصادي جذري ومهيكل، معتبرا أنه يندرج ضمن هوية اقتصادية تجارية مرتبطة عضويا بميناء طنجة- المتوسط. هذا وأكد المتدخل، على أن التنمية الحقيقية لن تتأتى إلا بإرساء الدمقراطية كما هو متعارف عليها دوليا، وفي مقدمتها، الجهوية الموسعة والحكومات المحلية. وفي نفس المحور الاقتراحي ناشد عبد النور الحسناوي النخبة المحلية بمختلف مكوناتها إلى التفكير في صياغة أرضية لمشروع اقتصادي جديد للمدينة الحدودية عوض انتظار المشاريع الجاهزة المقترحة مركزيا. ودعا الحسناوي، إلى تطوير القطاع السياحي من خلال تحسين جاذبية المدينة (تطوير الأسواق نموذجا) وكذا دعم المقاولات المحلية لتسهم بشكل أكبر في التشغيل والتنمية . أما الباحث عبد الرحمن الشعيري، فقد قدم حزمة من المقترحات قسّمها إلى مستويين الأولى مستعجلة ومنها: – فتح المعبر بضوابط إنسانية لعودة الرواج التجاري للمدينة- تفعيل التشغيل في آلية التعاون الوطني- استثمار أكبر لمشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية- مواكبة شباب المدينة والمقاولات الصغيرة جدا للاستفادة من البرامج الوطنية للدعم الاقتصادي مثل "انطلاقة" و"المقاول الذاتي"، وعلى مستوى المستقبلي دعا الشعيري إلى صياغة هوية اقتصادية متعددة للمدينة الحدودية من خلال:- تثمين قطاع الصيد البحري والاستثمار في الاقتصاد التضامني والتعاونيات والصناعة التقليدية وتفعيل تقنية التحفيزات الضريبية لاستقطاب المستثمرين على الصعيدين الدولي والوطني.