توفي الشيخ عبد السلام ياسين، المرشد العام لجماعة العدل والإحسان، على بعد أيام من انتهاء مؤتمر أكاديمي دولي بإسطمبول حول "مركزية القرآن الكريم في نظرية المنهاج النبوي عند الأستاذ عبد السلام ياسين"، وبعد متابعتي لأشغال ذلك المؤتمر والشهادات التي قدمت في حق الرجل تساءلت، وأنا الذي لست عضوا بجماعته، هل نال الشيخ ما يستحقه من أبناء وطنه، ليس باعتباره مؤسس جماعة وإنما باعتباره عالما مجددا لكل الأمة المحمدية، والتساؤل طبعا كان بصيغة استنكارية. توفي عبد السلام ياسين، الشيخ المربي والقطب العلم والمدرسة التربوية والسلوكية، وأحد مؤسسي العمل الحركي الإسلامي بالمغرب. وبذلك يكون بلدنا وعموم بلاد المسلمين قد فقدت عالما ربانيا كان نبراسا لكثيرين من أبناء الحركة الإسلامية، وتتلمذ على يده كثيرون، واستفاد من علمه وكتبه كثيرون، رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه وأبلغه درجة الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولائك رفيقا. وبوفاة هذا الرجل نفتقد أحد أعمدة البناء الإيماني والتربوي، وأحد الرجال المصلحين الرافضين للجور والإستبداد، المبشرين بدولة القرآن والعدل والكرامة والحرية. وليس المهم هنا من يتفق مع أفكار الرجل ومن يختلف معه، مدام القوم مجمعون على أنه من الصادقين الذين كانوا يردون الاصلاح في أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما استطاع إلى ذلك سبيلا، كذلك نحسبه ولا نزكي على الله أحدا. عزاؤنا أيها الشعب المغربي واحد، عزاؤنا أبناء الحركة الإسلامية واحد، عزاؤنا واحد في وفاة القطب العلامة المجاهد، الشيخ عبد السلام ياسين رحمة الله عليه. عزاؤنا واحد في هذا الرجل الذي امتدت أفضاله لتشمل عموم أبناء الحركة الإسلامية بالمغرب وخارجه، وليس فقط جماعته التي أسسها والتي نعزي جميع أعضائها واحدا واحدا في وفاته شيخهم ومعلمهم ودالهم على طريق الخير. و إن مثل هؤلاء النجوم لا يمكنهم أن يختزلوا في جماعة أو تنظيم أو حتى وطن لأنهم ملك للعالمين. وحالي في هذا ما قاله الإمام الشافعي تواضعا وأقوله إقرارا: أحب الصالحين ولست منهم لعلي أن أنال بهم شفاعة وأكره من تجارته المعاصي ولو كنا سواء في البضاعة عزاؤنا واحد أيها المناضلون من أجل الكرامة والعدالة والحرية، وإن العين لتدمع وإن القلب ليخشع وإن على قراقك أيها الشيخ الجليل لمحزونون ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لله وإن إليه راجعون.