في عهده ارتفع معدل دخل الفرد من 3500 دولار الى 10400 دولار يحتفل حزب العدالة والتنمية التركي السبت 3 نوفمبر، بمرور عشر سنوات على تولي الحكم، وعقد من الاصلاحات والنجاحات الاقتصادية التي غيرت وجه البلاد ولكن تبدو اليوم في تراجع ما يطرح تساؤلا حول نوايا الحزب الاسلامي التوجه. وفاز حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي اليه رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان، في الثالث من نوفمبر 2002 بالانتخابات العامة بنسبة 34% من الاصوات متغلبا على طبقة سياسية طغت عليها الفضائح وازمة اقتصادية غير مسبوقة، ووضع ذلك الانتصار حدا لاحدى عشر سنة من انعدام الاستقرار الحكومي لكنه اثار بداية قلق في الاوساط المتمسكة بالعلمانية نظرا للماضي الاسلامي لقيادات الحزب. وبعد عشرة اعوام يجمع المراقبون على الاعتراف بالنجاحات الهامة التي انجزها "حزب المصباح" --شعار الحزب-- وفاز بفضلها مرتين في انتخابات 2007 و2011. ففي المجال الاقتصادي، انجزت الحكومة اتفاقا مع صندوق النقد الدولي طهرت بقتضاه النظام المصرفي وفرضت انضباطا صارما في الميزانية ما ادى الى عودة الثقة وزيادة النمو، حتى ان تركيا سجلت اربع مرات نسبة نمو تتجاوز 8% في ظرف عشر سنوات. وارتفع اجمالي الناتج الداخلي للفرد الواحد خلال السنوات العشر ثلاثة اضعافه من 3500 دولار في 2002 الى 10400 دولار في 2011. ودون الشعور بمركب نقص ازاء الايديولوجيا الموروثة عن مؤسس الجمهورية التركية كمال اتاتورك، ضاعف حزب العدالة الاصلاحات السياسية معتمدا كمحرك لذلك، عملية الانضمام الى الاتحاد الاوروبي التي انطلقت في 2005. ومن مكاسبه، النظر الى القضية الكردية بمقاربة جديدة يحاول حزب العدالة التجاوب معها من خلال السماح بتعليم اللغة الكردية وانهاء المحرمات المحيطة بقضايا مثيرة للجدل مثل ابادة الارمن. واعتبر بسكين اوران المحلل السياسي في جامعة انقرة "انهم غير محدودين بالايديولوجيا التي تكونت في الثلاثينيات وبالتالي استطاعوا انجاز اصلاحات برغماتية وليبرالية". وتمكن حزب العدالة خصوصا من ترويض الجيش، حامي حمى الجمهورية الذي قام باربع انقلابات في نصف قرن. وبعد تهديد بالحظر بسبب انتمائه الى التيار الاسلامي، عرف الحزب كيف يرد بالحد تدريجيا من نفوذ الجنرالات واجراء عملية تطهير واسعة عبر القضاء ادت خلال 2010 الى ايداع اكثر من 300 ضابط وراء القضبان بتهمة تدبير محاولة انقلاب. ووصف فرحات كنتل عالم الاجتماع في جامعة شهير باسطنبول، تلك التغييرات بانها "ثورية" لكنه اكد ان تلك "الثورة" توقفت قبل سنتين منذ ان احكمت الطبقة البرجوزاية الاناضولية التي كانت تشكل القاعدة الانتخابية لحزب العدالة، قبضتها على الحكم، بعدما تخلصت من هيمنة العسكر. وكتب عالم الاجتماع "انني ارى مقاربة تسلطية وحتى شمولية، من طرف حزب العدالة، تزداد حدة مع الوقت" واعتبر بكسين اوران انه "حتى 2010 انجز حزب العدالة امورا مفيدة جدا ولكن منذ سنتين، بتنا نشهد كارثة حقيقية". ومن بين الاخفاقات يذكر عودة الخيار العسكري في النزاع الكردي منذ فشل المفاوضات مع متمردي حزب العمال الكردستاني والمأزق الذي آلت اليه المفاوضات مع الاتحاد الاوروبي. كما ان تركيا ضربت رقما قياسيا في عدد الصحافيين المعتقلين، والذين بلغ عددهم 76 في غشت 2012 حسب منظمة غير حكومية اميركية. فهل يجب التخوف من أسلمة الحكم في تركيا؟ يستبعد فرحات كنتل ذلك مؤكدا انه وان اصبح بوسع المحجبات دخول حرم الجامعات فان الحكومة لم تقر في ظرف عشر سنوات اي اصلاح يمكن اعتباره اسلاميا محضا. واعتبر الباحث ان ايديولوجيا حزب العدالة "تتضمن عناصر من فكر كمال اتاتورك والفكر التسلطي والمحافظ وربما من التيار الاسلامي لكن التوجه الاسلامي ليس العنصر الطاغي". ويدعم تحليله استطلاع نشرته في سبتمبر جامعة بوغازيتشي في اسطنبول اشار الى تراجع ممارسة الشعائر الدينية في المجتمع التركي، وكشف ان بين 2006 و2012 انخفضت نسبة الاتراك الذين يقولون انهم يؤدون الصلوات الخمس من 33.5% الى 28.2%. وسواء كان اسلاميا ام لا فان حكم حزب العدالة اصبح الان مهددا بصعوبات اقتصادية، حيث ان الازمة التي تعصف حاليا باوروبا، اكبر زبائنها، دفع تركيا الى خفض توقعاتها في النمو لسنة 2012 الى 3.2%. وقال سيف الدين غورسيل الاقتصادي في جامعة بهتشه شهير في اسطنبول ان "تحقيق معدل نمو من 3% ليس كافيا لاحتواء البطالة" في تركيا حيث يفترض استحداث 500 الف وظيفة سنويا لتلفية الضغوط الناشئة عن النزوح من الريف وزيادة النساء العاملات والنمو السكاني. واضاف "لذلك لا بد على الاقل من تحقيق نمو بمعدل 4.5 الى 5%"، مؤكدا ان "حزب العدالة يدخل مرحلة صعبة من تاريخه".