ستحاول فرنسا مجددا تحديد يوم سنوي لاحياء ذكرى قتلى حرب استقلال الجزائر التي استمرت من عام 1954 الى 1962 وحربي الاستقلال في المغرب وتونس والتي أنهت حكما استعماريا فرنسيا دام لاكثر من قرن. ويجري مجلس الشيوخ الفرنسي اليوم تصويتا على مشروع قانون نحي جانبا لعشر سنوات. وربما تكون هذه خطوة أخرى باتجاه علاقات أكثر دفئا مع الجزائر في وقت تسعى فيه باريس لكسب تأييدها لتدخل عسكري تقوده الدول الافريقية في مالي لكسر شوكة المتشددين الاسلاميين. ورغم أن هذا التحرك يهدف الى انهاء خلاف حول أنسب موعد لاحياء ذكرى مئات الالاف من القتلى الذين سقطوا من الجانبين فانه يعتبر أيضا لفتة مصالحة قبل زيارة من المقرر أن يقوم بها الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند للجزائر في ديسمبر. وقال جي دارمانان رئيس اتحاد المحاربين القدماء الذين قاتلوا في الجزائر وتونس والمغرب «هذا أمر بالغ الاهمية بالنسبة لنا. ظللنا نقاتل من أجل هذا طيلة 50 عاما.». وتابع «قد يكون هذا مثار جدل داخل فرنسا لكن فيما يتصل بالعلاقات مع الجزائر فانه سيحسنها.» وكانت الجمعية الوطنية قد أقرت في 2002 مشروع قانون يجعل يوم 19 مارس 1962 موعدا لاحياء الذكرى لكن المشروع نحي جانبا بعد أن قال معارضون معظمهم من تيار اليمين انه سيشعل كراهية قديمة وسيمثل اهانة لمن اضطروا للفرار خلال تلك الاحداث. والان وبعد مرور عشر سنوات على ذلك ومرور 50 عاما على انتهاء الحرب في الجزائر ومع وجود اليساريين في السلطة بفرنسا أثار أعضاء اشتراكيون بمجلس الشيوخ القضية مجددا وطالبوا باجراء تصويت بشأن مشروع القانون. ويتمتع الاشتراكيون بأغلبية في مجلس الشيوخ منذ أواخر العام الماضي. واذا ما تمت الموافقة على المشروع سيصبح قانونا ساريا نظرا لموافقة مجلس النواب عليه قبل عشر سنوات. وأراد البعض موعدا بديلا في أكتوبر أو ديسمبر لاحياء ذكرى انتهاء حرب الجزائر وذلك لاستمرار اراقة الدماء لشهور بعد توقيع اتفاق سلام في 19 مارس في مدينة ايفيان الفرنسية. وقال البعض عام 2002 ان موعد 19 مارس يمثل الهزيمة وفقد الجزائر الفرنسية وهي تعليقات من شأنها أن تحرج اولوند اذا تكررت اليوم في وقت يأمل فيه كثير من الجزائريين أن يستغل زيارته لبلادهم في ديسمبر في توجيه اعتذار عن الماضي طال انتظاره. ويكن اولوند مشاعر خاصة للجزائر التي عمل بسفارة بلاده فيها عام 1978 ويحتاج الان لكسب تأييدها وهو يسعى لعملية تقودها الدول الافريقية لسحق ما يعتبره تهديدا متزايدا من جانب المتشددين المرتبطين بالقاعدة في مالي. ولا تعترض الجزائر على مساعي مجلس الامن الدولي لوضع خطة عمل في مالي لكنها تخشى أن تمتد الاضطرابات في جارتها الجنوبية اليها. وفي لفتة أخرى تحمل دلالة رمزية واضحة أقر اولوند الاسبوع الماضي بقتل جزائريين خلال اجتماع حاشد للمطالبة بالاستقلال عن باريس عام 1961 منهيا عقودا من الصمت الرسمي حول ما حدث. ويقول مؤرخون ان أكثر من 200 شخص ربما يكونون قد قتلوا في حملة الشرطة انذاك.