كانت مصادفتي لإحدى المقالات التي كان عنوانها "العمى الايديولوجي" والتي ناقشت علاقة الايديولوجيا بالمشروع المجتمعي دافعا لي لفتح الموضوع على النقاش. والمقالة كانت قد خلصت الى المعادلة التالية : (العمى ايديولوجي=اجهاض أي مشروع مجتمعي). إن مفهوم الايديولوجيا من المفاهيم المركبة والملتوية، بحيث لا يتم تداولها الا بتداخل وخلط ، يبعث على عدم البراءة في اتخذاها آداة لتحليل النظم والبنيات الاجتماعية والسياسية.. هذا الخلط لم يحدث ولا يحدث على مستوى التداول اليومي لدى العامة فقط، ولكننا دائما نفاجأ باكتشافه في التحليلات والتأليفات الأكاديمية المتناولة لمفهوم الايديولوجيا. الشيء الذي ينبغي أن يدفع باتجاه توخي الحيطة في تناول المفهوم وتقليبه على مختلف الجوانب. سأحاول في هذه المداخلة عدم التسرع في طرح الخلاصات لما للمفهوم من خطورة، من أجل تقييم المعادلة التي أشرت اليها، واستبيان مدى عمقها وأحقية الخروج بها كخلاصة. والمداخلة ستكون مؤطرة بأسئلة من هذا القبيل: هل لابد أن يتوفر (العمى الايديولوجي) لتكون نتيجة المشروع المجتمعي هي الاجهاض؟ أم أنه يكفي توفر معنى الايديولوجيا؟ ثم إن قولنا العمى الايديولوجي يفترض وجود مستويات نسقية لهذا المفهوم ، بالتالي ألا يمكن ان تكون الايديولوجيا مفهوما قارا لا يتطور من مستوى الى أخر وهو دائما بمثابة العمى الذي يكبح نجاح المشروع المجتمعي؟. الايدولوجيا كمفهوم؟ ينطلق الأكاديمي المغربي عبد الله العروي في تفكيكه لمفهوم الايديولوجيا الذي حوله الى جذر عربي فأسماه الأدلوجة في كتابه "مفهوم الايديولوجيا"،(وهو اللفظة التي ارتأيت تبنيها) فحاول رسم مسار تشكل هذا المفهوم، وتناولاته في بعض المدارس الفكرية، ليخلص الى استعمالاته، بعد أن سلط الضوء على الجوانب الغامضة التي يحيل عليه مفهوم الأدلوجة. إن الأدلوجة عند عبد الله العروي مفهوم له استعمالات عدة، مرتبطة بطبيعة الخطاب، فإذا ما تعلق الامر بالحقل السياسي فالمفهوم يتحدد بكونه مجموع القيم والافكار والاهداف التي تهدف هيئة سياسية معينة الوصول اليها، بالتالي يتعين أن تكون حركة هذه الهيئة في محيطها السياسي متناسقة مع روح الأدلوجة المتبناة. أما الاستعمال الثاني فيتعلق بالأنساق والقوالب التي تؤطر التفكير والسلوكات الصادرة عن عناصر المجتمع وتتحكم فيها، نتحدث هنا عن القواعد الخفية وغير الخفية الناتجة عن التفاعل التاريخي لعناصر الثقافة والتي تقوم بسحب ضمير الجماعة على ضمير الفرد. وهكذا تستمر تلك القواعد في رسم المسارات التي سيسلكها المجتمع. أعتقد أن هذين الاستعمالان يكفيان للخوض في الأدلوجة وعلاقاتها بأي مشروع مجتمعي، خاصة وأن الأيديولوجيا يتم الافراط في استعمالها في الخطاب السياسي، الى درجة أنها تحكم نظرة الأحزاب والتوجهات السياسية الى بعضها البعض، فكل حزب يرى في الاخر خصما أدلوجيا باعتباره يتبنى منطق أخر في التفكير أو في طرح هذا التفكير ويتبنى معتقدات مغايرة أو حتى باعتباره يشذ في حمله لطرح معين، ما ينذر بعدم نجاح المشروع المجتمي. أما الحديث عن الأدلوجة والمجتمع فغالبا لا يتم تناولها الا في اطار أبحاث أكاديمية، بالخصوص عندما يكون الهدف من هذه الابحاث هو دراسة الظواهر المرافقة لتطور المجتمع وتفسير السلوكات الناتجة عن تلك الظواهر. فيتم الحديث عن أدلوجات باعتبارها مسؤولة عن هذا السلوك أو ذاك، وهنا تكون الأدلوجة فاعلة بقوة أو يتم تقديمها على هذه الهيئة، بحيث تكون منتجة للسلوكات ومسؤولة عنها. إن الحديث عن الأدلوجة في الحقل السياسي، وبالمنطق الذي تقدم، يعني عدم خلو أي توجه سياسي من الأدلوجة. بحيث كل توجه يعتقد بحيازته للحقيقة وللشرعية، وغيره مجرد مؤدلجين بأدلوجات واهية وكاذبة، أو على الأقل يتخذون من تلك الأدلوجة مطية لتحصيل أهداف براغماتية صرفة. إن الأمر يتعلق هنا بنظرة نقدية هدامة، تروم نزع الشرعية عن الأخر وتسفيهه. يمكننا القول أن نقيض الأدلوجة لا يمكن الا أن يكون أدلوجة (بالمعنى السلبي لها طبعا) ما دمنا بذاخل الحقل السياسي، وإن كان ذلك ستترتب عليه نتيجة مقلقة وهي عدم وجود شرعية، بالتالي عدم امكانية التوافق المنجح للمشروع المجتمعي؛ فكل حزب يرى في غيره خصما سياسيا وعدوا ايديولوجيا رغم ما يتم الحديث عنه الآن من عجز الأدلوجة اليوم في تحريك الفاعلين السياسيين. في الواقع القول بتراجع دور الأدلوجة يبدو كلاما صائبا، خاصة بعدما رأينا كيف تتحالف قوى سياسية كانت متناحرة في السابق. ولكن هذا القول سيكون غير ذي أهمية إذا ما أخذنا الأدلوجة كمفهوم متعدد الأبعاد والجوانب، وأنها قد تكون غير معلنة ولكنها كامنة في التكوين الشخصاني للأفراد ولا يمكن العدول عنها رغم ما يظهر من هذه التحالفات. ألم يقدم الفيلسوف الألماني نيتشه الأدلوجة على أنها مجموعة من الأوهام والتبريرات التي يتخذها الانسان لمعاكسة سَنن الحياة؟ وفرويد قدمها على أنها بمثابة أفكار ينتجها الانسان كنتيجة لفعل التعاقل والذي يهدف الى تبرير سلوكات الفرد المناوئة للذة؛فهاذان الطرحان يؤكدان رغم عدم انسجام المضون الذين يحيلان عليه، أن لمفهوم الأدلوجة جوانب معلنة ومصرح بها وأخرى خفية ومبطنة. ما يدفعنا الى عدم الانسياق وراء القول القاضي بعدم أهمية الأدلوجة في الحقل السياسي الراهن. الأدلوجة و نجاح المشروع المجتمعي: إن حالة التنافر والتجاذب التي تطبع الحقل السياسي في العالم العربي، يجب أن تستوقف المتكلمين في الأدلوجة، فحتى لو اكتفينا بالاستعمالين الأساسيين للأدلوجة والذين أشار اليهما عبد الله العروي في "مفهوم الايديولوجيا" سنجد أن الحقل السياسي والمجتمعي العربي تتوفر فيه أبرز سمات ومعطيات هذين الاستعمالين للأدلوجة. لقد قاد جمال عبد الناصر مشروعا مجتمعيا توخى التغيير والبناء، وقبله أسس محمد عبده وجمال الدين الأفغاني لمشروع إصلاحي توخى البناء والاصلاح. ولقد لاقى جمال عبد الناصر معارضة قوية ولا يزال رغم الشعبية الواسعة التي حظي بها، وما زلنا نسمع حتى يومنا هذا تفسيرات لعدم بلوغ المشروع الناصري مبتغاه، من قبيل أنه تبنى قالب أدلوجي غريب وضيق لا يتسع للموروث الثقافي والتاريخي للشعب المصري والشعب العربي عموما، وهذه تفسيرات غالبا ما تقدمها التيارات التي تحمل الخطاب الديني. وفي المقابل يرد مناصرو عبد الناصر أن تلك التيارات تحمل أدلوجات رجعية ومن شأن تمكنها من السلطة أن يعصف بشكل الدولة الحديث (المنشود). أما فيما يتعلق بمشروع محمد عبده وغيره فتمت ولا زالت تتم مجابهته، على أنه مشروع يهدف الى بعث ثراث السلف والرجوع اليه، بالتالي فهو مشروع أدلوجي صرف على اعتبار أنه يتقيد بنمط تفكير محدد وحدود ولا يستطيع التجرد منه أو حتى إعادة قراءته قراءات عصرية. الوضع اليوم لا يختلف كثيرارغم انكماش مستوى التنظير السياسي بفعل عدة عوامل، يبقى أبرزها: _ تتويج رحلة الأمة في سعيها للتحرر والاستقلال بعد الغزو الامبريالي بأننظمة استبدادية، والمستبد هو دائم الغرور برأيه وطرحه كما يشير الى ذلك عبد الرحمان الكواكبي. كنتيجة لذلك تمت محاصرة التنظير السياسي أو توجيهه على الأقل. ما أعطى الانطباع بتبدد أهمية الادلوجة لدى الاتجاهات السياسية. _تراجع الجماهير عن الالتفاف حول التوجهات التي زعمت حملها لمشاريع مجتمعية، بسبب خيبات الأمل المتتالية. وبسبب الشرخ الذي اثبت بين عمق هذه الجماهير وبين الخطابات السياسية. إن ما أسميناه بتراجع التنظير السياسي خاصة في العقدين الأخيرين، لا يعني بالضرورة تراحع الأدلوجة، بل الأخيرة كانت دائما ثاوية في مختلف التوجهات سواء ظهر ذلك أم لم يظهر. لقد انطلقت محاولات الاصلاح عندنا في المغرب عندما استفاق "أهل الحل والعقد" على صدمة التفوق المتسارع لأهل الضفة الأخرى في كافة المستويات وخروجهم للتوسع. في هذا الوقت بالتحديد انطلقت تجارب اصلاحية في مناطق أخرى من العالم. حصل أن نجحت اليابان في الالتحاق بركب الحضارة الجديدة، ما يعني نجاح مشروعها المجتمعي. في المغرب باءت كل التجارب بالفشل، وكثيرة هي التبريرات التي يحفل بها التاريخ الرسمي، وكلها تركز على جانب المؤامرة الامبريالية، التي ما كان لها أن تسمح بنجاح المشروع النهضوي المغربي. رغم ما لهذه التفسيرات من احتكاك بالحقيقة فإنها تخفي ما هو أهم وهو عدم توفر شروط المشروع النهضوي، والتي تبقى الشمولية من أهمها. بحيث لم يكن الأمر يتعلق سوى بخطوات ارتجالية رامت المحافظة على مركزية السلطة القائمة وضمان وجودها. منذ خروج فرنسا الرسمي من المغرب وعودة محمد الخامس، كان التوجه الذي سيتجهه المغرب واضحا، ففي الوقت الذي انفتحت فيه أنظمة مغاربية مثل الجزائر وليبيا على التوجه اليساري، رأى النظام المغربي أن ينفتح على الرأسمالية والغرب، فاختار التعددية السياسية(الحزبية بالأحرى)، الشيء الذي فتح الباب أمام تأسيس عدد من الهيئات السياسية والحزبية ذات توجهات وهويات أدلوجية مختلفة زعمت وتزعم حملهالمشروع مجتمعي. إن القول أن مجرد وجود الأدلوجة في قلب أي مشروع مجتمعي سيؤدي به الى الفشل في بلوغ أهدافه، لقول ينطوي على عدم الدقة.. فالأدلوجة في حد ذاتها إذا كانت منفتحة بطبيعتها وليست مغلقة، وإذا كانت إفراز لمحاولة العقل البشري البحث عن سبل الحقيقية، وإذا كانت لا تدعي المطابقة المطلقة مع الواقع في طرحها، واذا كانت لم تصل الى قوقعة دغمائية. فإنها قد تكون عامل يدفع باتجاه نجاح المشروع المجتمعي بما هي منظومة من القيم والافكار التي تحض على الالتزام والعمل والانجاز. إن هذا الكلام يدعونا الى الاستنتاج بوجود جانب مضيء وأخر مظلم في بنية الأدلوج، بحيث قد تتجلى في دغمائيات مسدودة، وقد تتجلى في أفكار ناتجة عن ممارسة سامية لفعل التفكير، ما يجعلها تعكس نسبة الفكر وقابليته للمساءلة والنقاش والاعتراض عليه بنتائج ممارسات أخرى للعقل. انطلاقا من كل ذلك يمكنني أن أجرأ على استخلاص مفهومين أخرين ثاويين في مفهوم الأدلوجة، وهما "الاطروحة" و"الأغلوطة"، فالاولى تمثل ايمان أصحابها بنسبية الفكر وقابليته لأن يُتجاوز بفكر أخر، بحيث لا تعدو عن كونها مجرد رأي أو رؤية قد تكون مصيبة الى أبعد الحدود ولكنها ترفض ادعاء ذلك، كما أنها لا تشن الحرب على باقي الأطروحات، وإنما تحاول مناقشتها بعد الانصات لها واحترام حقها في الوجود، ولا يمكن للأطروحة أن تحمل أصحابها على العصبية. في المقابل نجد الأغلوطة تمثل اعتقاد أو مجموعة من الاعتقادات الراسخة، والناتجة عن تفاعل غير سليم للعقل مع معطيات الحياة، الشيء الذي يجعلها تؤدي الى بروز أفكار متطرفة، تدعي احتكار الحقيقة والصواب، وعدم أهمية أفكار الغير أو هامشيتها مع الاستبعاد المتواصل لإمكانية الحوار. إن الأغلوطة ستؤدي بالضرورة الى فشل أي مشروع مجتمي ونهضوي، ان لم نقل أنها ستكون سبب في كل اضطراب يشهده المجتمع، وحتى ان كانت تبدي رغبة شديدة في التغيير فإنها لا يمكن أن تصل الى تغيير الا من طريق فوضوي غير محسوب. من هنا نستخلص أن في مفهوم الأدلوجة ينطوي على مستويين، سميت أحدهما "أطروحة" والأخر "أغلوطة"، الأول قد يؤدي الى نجاح المشروع المجتمعي والاخر يقوم بتقويضه بالضرورة. الأحزاب المغربية والأدلوجة والمشروع المجتمعي: في البداية تتعين الاشارة الى أن توظيف مصطلح الأدلوجة في علاقتها بالهيئات السياسية، ليس الهدف منه هدفا قدحيا، بقدرما هي محاولة لرصد بنياتها الأدلوجية وتشخيصها. على اعتبار أننا نستعمل الادلوجة هنا على أنها تلك المنظومة من الآراء التي تتأسس على نظام قيمي مقبول، والذي يحدد توجهات وسلوك ا|لأفراد تجاه أهداف يطمح الوصول إليها إما لمصلحة المجتمع أو لمصلحة مجموعة من الأفراد أو حتى لمصلحة فردية. ظهر أول حزب سياسي في المغرب سنة 1934 كرد فعل ضد الاحتلال وسياساته، بالتالي لم يكن التأسيس على منظومة فكرية معينة وأدلوجة معينة هو الأهم، ولكن كان الأهم هو التفاف مختلف القوى الشعبية حول مشروع المقاومة واصطفافها لمواجهة الاحتلال. وهذا لا ينفي وجود أحزاب كانت لها هوية أدلوجية واضحة كالحزب الشيوعي المغربي الذي تأسس بداية الاربعينيات والذي يعتبر حزب التقدم والاشتراكية سليله. لقد ظهر على الساحة السياسية منذ خروج فرنسا الرسمي هيئات سياسية متباينة كانت لبعضها هوية أدلوجية واضحة مكنتها من اكتساح الجماهير ومن لعب دور مهم في تشكل الخريطة السياسية المغربية. لقد اكتسح حزب الاستقلال ذا التوجه السلفي الحياة السياسة الوطنية حتى أصبح منافسا قويا للقصر باعتبار ضلوع رجالاته في الحركة الوطنية، لكن هذا الاكتساح سيتظآءل بفعل ظهور اتجاهات سياسية تقدمية ستمتلك جرأة المطالبة بإنهاء تقليدانية السلطة في المغرب، ما جعلها تدخل في صراع مع القصر. وعلى الرغم من قوة الاحزاب التقدمية وقدرتها المتزايدة على النفاذ في عمق الجماهير وتعبئتها إلا أنها لم تستطع أن تصوغ مشروعا مجتمعيا في بيئة مغربية يستوعب العناصر المشكلة لها. يقول أحمد الحليمي في احدى لقاءاته وهو من القيادات الفاعلة في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والذي ساهم في صياغة التقرير الايديولوجي للحزب: "..الأحزاب التقدمية لم تستطع أن تستوعب البعد الروحي، مثلا، في منظورها وتكوين مناضليها لتأسيس مقارباتها على أرضية منسجمة مع التربة التي نبثت فيها أصلا والتي تشكل لحمة وجدان قواعدها وضمان تقمص هذه الأخيرة لمشروعها المجتمعي..". إن كلام الحليمي يبرز بوضوح كيف ساهم الشرخ بين التنظير الأدلوجي وبين الوعي الجماهيري في عدم نجاح المشروع المجتمعي للتقدميين، هذا الى جانب عدم وضع أرضية للتعامل مع المؤسسة الملكية والتي لم تتأسس الا على المواجهة. يصرح الأستاذ محمد سبيلا في احدى المقالات على جريدة الاتحاد الاشتراكي حول مسألة المشروع المجتمعي:"أن الحديث عن مشروع مجتمعي أقرب ما يكون إلى المزايدات اللفظية، أو المبارزات الإيديولوجية، وذهب إلى أن إعداد مشروع يعد عملية في غاية العسر والتعقيد، وحتى في حالة إعداد ذلك المشروع البديل، فإن لتغيير المجتمع حدودا" إن المشهد السياسي المغربي لا يتضمن العناصر التي تشتغل من داخله والتي تنضبط لقواعد اللعبة السياسية فقط، بل ظهرت قوى سياسية أو بالاحرى لها مشروع سياسي، نخص بالذكر هنا جماعة العدل والاحسان والتي ستصبح أول قوة سياسية معارضة في المغرب تعمل خارج الساحة السياسية، وقد دخلت الجماعة هي الأخرى في صراع مباشر مع القصر وقد طالها الحظر طيلة مسارها ما جعلها "تتطرف" في رؤيتها للحل. وتدعي الجماعة حيازتها لمشروع مجتمعي شمولي منبعه الاسلام، وغالبا ما تقدم نفسها كمن يملك المشروعية في التحدث باسمه. هذا طبعا لن يجعلها الا في مواجهة دائمة مع النظام الذي يرفض أن تقاسمه السلطة الدينية أي قوة أخرى، كما فتحت عليها جبهات أخرى من قبل التيار السلفي بحكم صوفية خطابهاو من قبل الحركات التقدمية التي ترى فيها قوة مناهضة لقيم الحداثة. ختاما، يمكن القول أن المشروع المجتمعي لا يمكنه النجاح في ظل الانغلاق على الذات، والقطيعة بين مختلف التوجهات بدافع أدلوجات مغلقة؛ وإنما يجب أن يتوفر شرط الحوار وثقافة احترام حق الأخر في أن يستقل بفكره. كل ذلك الى جانب ضرورة أن يكون المشروع المجتمعي واقعيا وشموليا..