أعلن وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، السيد ناصر بوريطة، يوم الأربعاء الماضي بمدينة العيون، أن "أربع دول إفريقية على الأقل ستفتح قنصليات لها بمدينة العيون قبل متم سنة 2020″. وذكر بوريطة، خلال لقاء صحفي بحضور نظيره لدولة جزر القمر، السيد سويف محمد الأمين، على هامش افتتاح القنصلية العامة لجمهورية جزر القمر المتحدةبالعيون "أن هذه المدينة ستعرف أنشطة دبلوماسية مكثفة خلال الأشهر المقبلة، تشمل استقبال اللجن المشتركة بين المغرب وعدد من الدول الإفريقية، ومنتدى المغرب ودول المحيط الهادي الذي سيعرف مشاركة وزراء خارجية 12 دولة". وأضاف الوزير "أنه إلى جانب المبادرات الدبلوماسية، فإن هذه القنصليات ستعمل على تقوية وتعزيز المبادلات الاقتصادية والتجارية بين المغرب والدول الإفريقية". خطوة فتح قنصليات دولية في مدينة العيون مبادرة جيدة، ولها أبعاد سياسية ودبلوماسية مهمة بالنسبة للمغرب، في إطار تدافعه الدبلوماسي مع جبهة البوليساريوا التي تطالب بتقرير المصير من خلال طرح الانفصال. البعد الاجتماعي في الوظيفة القنصلية بالنسبة للدول المعتمدة لقنصلياتها في مدينة العيون، سيكون له أثرا محدودا في البداية لاعتبارات مرتبطة بتوطين الافارقة في الاقاليم الجنوبية للمملكة، لكن خلال هذه المرحلة يبقى المهم من الجانب المغربي، هو تعزيز الجانب الأمني لتحصين هذه المبادرة غير المسبوقة، لأن الطرف الآخر ممثلا في جبهة البوليساريو، سيعمل بدون أي شك في ذلك، على محاولة إجهاض هذا المكسب الدبلوماسي من خلال مناورات انفصاليي الداخل. يمكن لهذا التقدير أن يكون خاطئا، ويمكن له أن يكون صائبا، لأن جبهة البوليساريو ستحاول في جميع الاحوال، تدويل القضية من خلال إقحام آليات الاممالمتحدة، إما بشكل ذاتي عبر التلويح بامكانية العودة إلى الحرب، وإما عبر أطراف حليفة أو مساندة أو داعمة لطرحها الانفصالي، من أجل تسويق المبادرة كسلوك منافي لقواعد القانون الدولي. مبادرة فتح تمثيليات قنصلية في مدينة العيون المغربية عمل جيد، وخطوة دبلوماسية ذكية من الجانب المغربي، غير أنه كان سيكون من الأفضل لو استتبعت هذه الخطوة، مبادرات أخرى لدول أفريقية وأوروبية كبرى ومؤثرة، عوض الاقتصار على دول أفريقية صغرى وغير مؤثرة في القارة وحتى جالياتها المقيمة في المغرب قليلة جدا. المطلوب الآن هو تعزيز هذه المبادرة بمبادرات دبلوماسية أخرى ولا سيما من طرف الدول الكبرى التي تسوق نفسها كشريك استراتيجي للمغرب حتى يكون لها الأثر الأكبر عوض أن ينظر لها كبروبغندا دبلوماسية معزولة لا طائل منها في نزاع الصحراء.