بمجرد أن تلج الباب الرئيسي لمقر “مركز صنوان لتربية وتعليم وتأهيل الأطفال الصم” الذي تشرف عليه “جمعية التواصل للصم بطنجة”، حتى يثير انتباهك مجموعة من الفعاليات وهي مشدوهة تستمع بإمعان وبتركيز إلى مؤطرة شابة تقدم معطيات عن عالم “الصم”، اقترب موقع “لكم” ألقى التحية، ردت المؤطرة بأحسن منها وواصلت شروحاتها بطريقة سلسة تنم عن خبرة تواصلية معتبرة. كان هذا مشهد من مشاهد عديدة حفل بها أمس الخميس مقر “مركز صنوان”، الذي أعد لاستقبال الزائرين بطريقة غاية في النظام والزينة، وذلك في إطار النسخة الثانية من افتتاح الأبواب المفتوحة التي تنظمها “جمعية التواصل للصم”، تحت شعار آجي تتواصل معايا…. بلغتي”، والتي شهدت حضور فعاليات جمعوية وتربوية نوعية، كما عرفت حضور تلاميذ من مؤسسات تعليمية تنتمي لمختلف جهات مدينة طنجة. وحسب الجهة المنظمة فإنه تم تجند أطر المركز وتلامذته وإدارييه، بكل جد ومسؤولية لإنجاح هذه الدورة، وكان لافتا الشكل والطريقة التي أصبحت عليها القاعة الكبرى للمركز، وقد زينت وصارت في أبهى حلة، كما تم تقسيمها لعدة منصات، كل واحدة منها مخصصة لعرض منتجات التلاميذ الصم في الورشات، فهذه سميت بورشة التشكيل، وتلك ورشة الخياطة، كما أن فن الطبخ نال نصيبه من خلال ورشة مميزة، بالإضافة إلى ورشة للأعمال اليدوية، هذا فضلا عن منصة لنادي الشطرنج، حيث لوحظ اقتراح على كل من يقترب من منصة الشطرنج المشاركة في مباراة ضد تلاميذ المركر، مما عزز معه تبادل المشاعر الإنسانية الرفيعة التي جمعت الزائرين بالأطفال الصم الذين بدا على محياهم الفرح والسرور، قالت لنا مؤطرة أنه غير معهود بهذا الشكل. ولعل أبرز ما أثار انتباه الزائر هو تخصيص ورشة خاصة للتعريف بلغة الإشارة، وبالقاموس المنجز داخل المركز والذي ساهمت في مدرسات المركز حيث وصل عددهن 6 خبيرات بفضل التكوين والتكوين المستمر حسب مسؤولي الجمعية. كما أن الورشة الخاصة بالتعريف بطريقة تعليم الصم وكيف يكتبون كيف يتواصلون، عرفت إقبالا وحضورا كبيرا من طرف الزائرين، حيث تفاجأ الجميع بجمالية خطهم وكتابتهم، ونباهتم وسرعة إجابتهم على أسئلة الحضور، وهو ما ظهر من خلال الارتسامات التي كتبها زوار الأبواب المفتوحة في لوحة خصصت لهذا الغرض، حيث عبر أطر المركز عن كثير تأثرهم بالعبارات الجميلة التي كتبت. إدماج الصم في المجتمع وفي تصريح لموقع “لكم”، قال كاتب عام جمعية التواصل للصم، ان هذه الأبواب المفتوحة من بين أهدافها محاولة لإدماج الصم في المجتمع، وإبراز قدرات الأطفال الصم ومواهبهم وإبداعاتهم، والمساهمة قدر الإمكان في التحسيس بوضعية هذه الفئة قصد إدماجهم، هذا بالإضافة إلى التعريف بتحديات الطفل الأصم في المجتمع. الفن في سبيل دعم قضية الصم وأضاف نور الدين لجوي، أن الأنشطة والإشعاع الخارجي للمركز هو مهم جدا ويشكل دعم كبير لتلاميذ الصم، فعندما تقترب مناسبة معينة سواء كانت وطنية أو دينية تجدهم يستعدون بشكل مثير وبحماس لإبراز قدراتهم ومهاراتهم، مشيرا إلى أن سجلهم حافل بالإنجازات الفنية أبرزها ملحمة سبق وأن جسدوها بلغة الإشارة، ومسرحية “طربوشي الأحمر” التي فازت بجائزة “برنامج مدرستي قيم وإبداع” التي تنظمها مديرية التعليم بطنجة بشراكة مع السلطات الولائية. وأبرز المتحدث، أن التلاميذ الصم يعتبرون الفن نافذة وفرصة لإبداء الرأي والتعبير عن قضيتهم، بحيث هناك مسرحية حقوقية تبرز هموم وحقوق الصم، مضيفا أن فرحتهم تكون كبيرة وهم يقدمون هذه العروض ليؤكدوا للجميع أنهم لا يقلون شأنا عن الباقي، خاصة تلك التي تكون أمام الجمهور الذي بالمناسبة نؤكد أنه يكون حاضرا في مناسباتنا وأنشطتنا. فرصة للأسر الحاضنة للصم في ذات السياق، اعتبر كاتب عام الجمعية أن الأبواب المفتوحة تشكل أيضا فرصة للأسر الحاضنة للصم، لأن رؤية الأسر لأنشطة وإبداعات أبنائها الصم يخفف نوعا ما وإلى حد كبير المعاناة التي يعانون مع أبنائهم، وهم يلاحظونهم على خشبة المسرح، وأمام وتحت تصفيقات الجمهور. وقال لجوي، إنه حينما نعرض لمعاناة الصم، فإن هدفنا ليس هو نقل المعاناة إلى الآخر، ولكن الهدف هو أن يكون إحساس متبادل في ظل مجتمع متضامن، متآخي، متآزر، وهي الثقافة التي ننشدها. يشار إلى أن “مركز صنوان لتربية وتعليم وتأهيل الأطفال الصم” أنشئ سنة 2007 بدعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وتعود ملكيته الى جمعية “العون والإغاثة”، هدفه الدفاع عن الصم وتطوير مستوى الخدمات لديها، قبل أن تأتي مبادرة تأسيس جمعية متخصصة لرعاية الصم سنة 2015 عهد اليها فيها بموجب شراكة مع “العون والإغاثة” تسيير وتدبير المركز. وحسب “جمعية التواصل للصم” فإنها تمكنت بفضل جهود أطرها من تكثيف الجهود وببرامج عمل يومية وتتبع عن قرب من عقد شراكات، والاعداد لأنشطة اشعاعية والتنسيق مع الجهات المانحة الرسمية، كالتعاون الوطني للنهوض بواقع الصم وهو ما شهدته المرحلة الاولى 2015/2017 ، حيث استقبل الملك محمد السادس بعض أطر الجمعية أثناء تدشين المركب التربوي لتأهيل ذوي الإعاقة السمعية بطنجة.