عنواني أعلاه "توقفوا عن تحويل الأغبياء لمشاهير" هو في الأصل حملة إعلامية انطلقت في الولاياتالمتحدةالأمريكية تهدف للقطع مع ما أصبحت تنتجه مواقع التواصل الاجتماعي من غباء عبر تشجيع التافهين الذين يسوقون بشكل يومي رداءتهم عبر الفيسبوك واليوتيوب والتويتر وباقي المواقع الاجتماعية التي تكلف صفر درهم. طبعا الوضع عندنا في المغرب ليس بنفس الانتشار الذي هو عليه بالولايات المتحدى الامريكية لكنه لا يقل عنه رداءة وربما يتجاوزه عبثا.. فأغلب ما نفتحه عليه أعيننا كل صباح، لحظة نلقي نظرة خاطفة على هواتفنا قبل مغادرة الفراش، هو مجموعة من الأخبار التافهة والسخيفة التي تلقى تفاعلا غريبا من طرف المغاربة وكأن مروجو السخافة وحدهم ما أصبح يبالي به المغاربة بعدما فقدوا الأمل في السياسيين والفنانين الرياضيين، بعدما ملوا من سياسة تنتج الفساد، وفن ينتج القذارة، ورياضة تنتج الفشل… نيبا، أدومة، إكشوان، حليوة، ساري كوول، سينا… هذه بعض النماذج التي أصبحت تلهم المغاربة وصاروا يتابعون أخبارهم وجديدهم بالتزام عبر اليوتيوب والفيسبوك والانستغرام.. نماذج لا تنتج شيئا، تنتج كلاما ساقطا فقط، فهم لا يرون في الحياة شيئا غير ما يوجد أسفل أحزمة بني البشر. تكوينهم لم يكن لا في اللسانيات ولا في الموسيقى ولا في المسرح ولا في السوسيولوجيا، ويا ليته كان في السيكسولجي… تكوينهم، من الواضح، للأسف أنه كان بالشارع، بالجانب المظلم من الشارع.. لا نعيب عليهم طريقة نشأتهم، ولا نعيب على أسرهم طريقة تربيتهم فلكل ظروفه ولكل صعوبات فرضتها عليه الحياة، فالتنشئة الصحيحة تحتاج لانسجام الأسرة أولا وهذا الانسجام لا يتحقق إلا بتوازن الجانب المادي والعاطفي والأخلاقي.. قلت لا نعيب عليهم كل ذلك لكننا نعيب على أنفسنا هذا الإقبال الغريب من جانبنا على ما ينتجونه، مشاهدتنا لهم ما يشجعهم على الاستمرار في إنتاج رداءتهم، نحن فقط من نتحمل المسؤولية في جعلهم يتوهمون أنهم أصبحوا نجوما ومشاهير.. إننا بهذه النماذج التي تسوق نفسها بشكل واسع أصبحنا نتجه نحو الهاوية بحق، فالجيل الصاعد المرتبط جدا بهذا العالم الافتراضي صار يؤمن أن المجد والشهرة والنجومية والمال يوجدون حيث توجد التفاهة، لقد صاروا يؤمنون أن الحل ليس في فصول الدراسة ولا في قاعات الرياضة ولا في معاهد المسرح والموسيقى… بل الحل يوجد في امتلاك هاتف ذكي و "سنطيحة" لا تعرف معنى للخجل ولسان يجيد نطق الكلمات النابية، ولا بأس أيضا إن توفر في الجسد ما يستحق أن يُكشف… وكم كانت الصورة بئيسة قبل أيام في معرض الكتاب بالدار البيضاء لحظة اختار مجموعة من الشباب الجلوس بجانب باب قاعة العرض ليتصفحوا هواتفهم بتركيز غريب، ربما للاستفادة من الويفي المجاني بالمكان، بدل الولوج لداخل القاعة واستطلاع عناوين الكتب على الأقل… أرجوكم من له القدرة على وقف هذا العبث فليفعل.. إننا بحق نتجه للهاوية..