ذ:زايد جرو السيد حدو رجل بسيط ' نشأ نشأة متواضعة بين أحضان أسرة متعددة الأفواه ' مشبعة بالأخلاق النبيلة 'أدرك أبوه رحمة الله عليه ' نبوغه منذ أن تعلم التحكم في لجام الحصان 'درس كما يدرس أهل قريته' في مدرسة طينية تعددت فيها المستويات 'ومعلمه كان الحُسن في طلعته كأنه القمر ' والحلاوة قي كلامه كأنها المسك والعنبر كما يقول , فتعلم منه ما لم يتعلمه في بيته الصغير والكبير 'وبتوجيهاته حصل على المراتب الأولى ' وارتقى في السلم الدراسي بنخوة 'زاده حفظ بعض أجزاء القرآن الكريم مكانة بين شيوخ بلدته حين تجتمع على بعض التمر والحليب بالمسجد بعد التشييع والتأبين رحمة الله على الأحياء و الأموات . كانت فرحة أمه وكل امرأة تشبهها عظيمة حين تم اختياره في العديد من المباريات بعد دراسته الجامعية ' وأحس بنشوة لا تعادلها نشوة لأنه الوحيد والوحيد في قريته ' الإنسان المتميز لكن لا يخفي أحباءه وأعداءه' أنه يعيش بينه وبين نفسه المتناقضات 'فهو ليس هو 'له رغبة كبرى في معرفة كل الأشياء عن الناس 'كل كبيرة وصغيرة 'ولا يهدأ له بال إلا بعد أن يعرف كل الأمور عن أصدقائه أين وصلوا وماذا جنوا 'لا يريد أن يتفوق عليه أحد ' يريد أن يكون وحيدا حتى في وحدته' فحين يسمع بأن ابن الجيران قد نجح يموت غيظا ويزداد هما 'إنه الحقد طبعا 'لم يخفف من وقعه ما حفظه من القرآن الكريم ' والحديث النبوي الشريف وما تعلمه من الدراسة والشيوخ. بدأ عمله بجد وهو وعد قطعه على نفسه ' أن يكون مخلصا 'وأن يعمل بتفان فشهد له الناس في أيامه الأولى بذلك 'لكن المرض الذي لم يستطع الخلاص والتخلص منه كما قال ' هو ميله لخلق الجفوة بين كل العاملين'معه وكلما ازداد علمه ازدادت تعاسته بل كبرت في عقيدته النميمة التي لا تفارقه كظله 'يُصَبح عليها ويُمَسي , محاولا قدر المستطاع أن يبقى كما هو مخلصا لدلالة اسمه" حدو" الذي يصنع الحد بين الجد واللعب وهو اللعب والتلاعب كله لكن دون جدوى . استقرت حياته الاجتماعية وكَبر في عين قبيلته ' فقرروا أن يكون مرشحهم يدافع ويرافع عنهم 'وعن كل مطالبهم ويمثلهم بين يدي السيد القائد والسيد العامل 'رشحوه دون مشاورته فرتبوا كل الأمور, لأنه منهم ولم يعلموا ما يعشش بداخله من جشع وطمع ,وما يميل إليه من عظمة أكبر من عظمة المتنبي ' يرى نفسه عبد السميع وعبد العليم الذي يوقع أسفله ' يرغب أن يصبح قائدا أو رئيسا أو أي منصب يحقق به تفوقه ومرضه .ولسذاجة أهله قال أكبرهم : "قد اخترناك وفضلناك على "السي عدي" ' لما عرفناه فيك من إخلاص وتفان' ولا نريد أن تَرد طلبنا 'فأنت منذ الآن مرشحنا لأنك أعلم بعلم الإدارة والمخزن..." فقال :"أنا منكم ولن يعلو الحاجب على العين 'فاصنعوا بي ما بدا لكم' فلن أخذلكم ما دمت في هذا المنصب "' فقرأ الناس الفاتحة وأصبح رئيسا قبل موعد انتخابات الرئاسة . امتلأ قلبه فرحا ومكرا وردد بين نفسه' ما من مرة : يا لتفاهة قبيلتي , فهم لم يعلموا بعد الوحش الذي يسكنني ' فماذا لو علموا ما أكن لهم وما أنوي فعله ؟... ولما دقت ساعة التصويت ,كان الناس في الموعد وحصل على نسبة عالية من الأوراق الرابحة ..تفرغ لمنصبه الجديد فساعده أحد أقربائه' فعلمه بنود الطاعة ,لأولي الأمر ' وكيف يخاطب الساسة والقواد 'فمنحه بعض الجلابيب المقلمة التي لبسها ببيته ليتعلم المشية 'بها حتى لا يتعثر, استخف به أهله والمقربين منه أكثر ولم يطمئنوا لهذا التحول ولهذه المغامرة مع المجهول ,لكنه معجب أشد الإعجاب بهذا الدور المسرحي الذي سيمثله 'ويجب أن يتقنه , لكي لايعود لمنصبه الذي أعياه فيه التدوين ' والعمل صباح مساء .. أخذ منصب الرئاسة وركب سيارة المصلحة 'بلوحة مكتوبة حروف المغرب 'عليها باللون الأحمر'وجلب بعض العطر من مراكش 'و بعض الجلابيب من كل الألوان و أهداه بعض المتملقين الذين يعرفهم جلبابا رفيعا من صنع أهل وزان ' رفع هامته أكثر ومنحه قامة أطول ...انتفخت أوداجه 'وامتلأت عروقه بالدم الأحمر ,وابيضت بشرته وامحت بعض الندوب التي كانت في خده وأصبح وسيما جميلا ,يغيب ويتغيب كثيرا عن أهل عشرته ,فيزداد حقدهم وشكهم, وتمنوا لو عاد الزمان القهقرى ليعود كما كان في حياة الفقر والاستقرار. فكر في معاودة الزواج ولا يبقى معلقا بامرأة واحدة 'كما فعل ويفعل بعض المدراء والوزراء ' فخاف افتضاح أمره فتراجع ...فربما يوجد خلل في تاريخه ,يرغب في أمجاد الملوك والفاتحين الذين مروا فوق هذه الأرض ,وكتبوا التاريخ بدم القتل والاقتتال ,ولا شيء يوجعه ,لا الزمان ولا العواطف ,وكأنه قد مات قبل الآن ,تكونت لديه مناعة قوية وعجيبة ضد المصائب يحلل ولا يحرم ,ولا يتعب من الكلام الذي يسيل , ولا يبدل ولا يترك الأثر ,يرى في حلمه أصعب المشاهد وبدلا من أن يتعظ يقترب أكثر من المفاسد ...نسي الماضي القريب بل أصر على النسيان مشروعا للبقاء. رضي بعض أهل بلدته بعمله,فجلب لهم بعض متطلبات الحياة رغم دخل الجماعة البسيط وكبُر في أعينهم دون أن يعلموا انتفاخ أرصدته وممتلكاته العقارية ' بمراكش و فاس ومكناس و أكادير والرباط وسلا وما جاورهما, وضعف رصيده الأخلاقي ,وذلك لا بد منه فالصفقات تتطلب غض النظر ولابد من استلام الأظرفة المملوءة , وهو معجب بنفسه كل الإعجاب...ترقى في كل الأمور فأتقن التملق مع البسيط وغير البسيط ,يحلف باليمين على الكذب ' يُهاتف الشخصيات الكبيرة مسرحا فيقول :أهلا السيد الوزير ' أهلا السيد العامل وأهلا بقائد الدرك الملكي 'وعميد الشرطة 'وهاتفه مقفول ليخيف َمن بجانبه , وعندما يخلو لنفسه يردد باستمرار : إن ما أفعله باطل ,لكن سرعان ما يعود , ل اللا هو.. بدأت أيام الرئاسة تنفذ , وبلدته لا تزال راضية بعطائه ,لكنه عن نفسه غير راض , فرًق بين الأحبة' ويرى غدر الإخوة وتقاتلهم ,فيندس بين الركام وكأنه من أحفاد أوديب الضرير, فقال :"أين أنا الذي تعلمت الأخلاق من معلمي؟أين اناالذي أنا؟ ,أين العهد والوعد والأمانة والإخلاص 'وما حفظته من القرآن الكريم ؟ هل الذات الموجودة في هذا المكان وفي هذه اللحظة قادرة على البدء من جديد ' أم أن كل الإمكانيات أصبحت في طي النسيان ,؟" لقد تجاوز حدود الله ونسي وظيفة عقله وقلبه الذي لا يحن ,' جمع كل ذمامة , فتبلد إحساسه' ولم يقل شكرا لله بل ازداد خوفه من افتضاح أمره ' لأنه لم يكن صيادا شريفا يصيد الظبي بعيدا عن النبع ,أخطأ في دلالة اسمه الذي لا يميز بين الذي يجب والذي لا يجب .والتمس بعض العذر للذين يتشبثون بالكراسي رغم احتجاجات الشعب بالرحيل في العديد من الدول العربية, وغير العربية , فالدوام لله ودوام الحال من المحال " فكل شيء باطل وزائل أو زائل وباطل ",ربنا املأ قلوبنا برحمتك وقنعنا بما رزقتنا واحشرنا مع النبي المصطفى صاحب الشفاعة, وهيئ لنا من أمرنا رشدا . آمين يارب العالمين "والسلام عليكم ورحمة الله. إضاءة : حكايتي كالعادة ورقية ,خيالية لا أقصد بها أحد ا إنها قصة والسلام.