أكد محلل سياسي أن اختراق "هاكرز" مغاربة في الآونة الأخيرة للمواقع الإلكترونية الجزائرية أو تلك التابعة للبوليساريو، لن يجدي نفعا في المعركة التي يخوضها المغرب على المستوى الدولي لصالح قضية الصحراء، ولن يؤثر في أصحاب هذه المواقع لتغيير مواقفهم تجاه هذه القضية. ومن جانبه، اعتبر خبير إعلامي مغربي أن مثل هذه الحروب الالكترونية هي جزء من الحروب المعلوماتية الجديدة، وتكون أهدافها الرئيسية نفسية ومعنوية ترمي إلى التأثير في الطرف الآخر بأدوات لينة ومرنة مختلفة عن الأدوات العسكرية. وجدير بالذكر أن قراصنة مغاربة قاموا قبل أيام باختراق وشل العديد من المواقع الرسمية الجزائرية ومواقع تابعة للبوليساريو، وذلك ردا على أحداث العيون في الصحراء يوم الثامن من نوفمبر / تشرين ثاني الجاري، والتي اتهم المغرب صراحة السلطات الجزائرية والبوليساريو بتدبيرها، حيث قُتل عدد من أفراد القوات المغربية بوحشية على يد انفصاليين موالين لجبهة البوليساريو. دون جدوى واخترق الهاكرز المغربي في ظرف أيام قليلة مواقع إلكترونية عديدة، منها موقع سفارة الجزائر بواشنطن حيث وضعوا في الصفحة الرئيسية للموقع العلمَ المغربي مرفرفا، مع صورة لخريطة تبرز الوحدة الترابية للمغرب مُرفَقة بعبارة: "الصحراء مغربية... واخترق هؤلاء القراصنة أيضا مواقع وزارة الداخلية والجماعات المحلية ووزارة التربية ووزارة البيئة بالجزائر، وقاموا بشل حركتها لعدة ساعات متواصلة، كما تم اختراق موقع ما يسمى بحكومة البوليساريو وسفارتهم بالجزائر... ويرى الدكتور سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة فاس، أن الانترنيت يعد مجالا لأنواع جديدة من الحروب والتدافع التي تتفاوت أهميتها في الشكل والمضمون والهدف المتوخى، مشيرا إلى أنه من أخطر هذه العمليات تلك التي تستهدف قرصنة معلومات ومخططات في غاية السرية من مواقع الأعداء والأصدقاء على السواء. وأضاف المحلل السياسي في حديث للعربية نت أن عمليات شل المواقع الالكترونية لمدد محددة تبقى من أبسط هذه العمليات وأقلها خطرا لأن أصحاب المواقع يحتفظون بنسخ لمواقعهم كما أنهم يقومون عادة بإزالة آثار الاختراق بسرعة كبيرة جدا. وشدد الصديقي على أن اختراق المواقع الإلكترونية لن تجدي نفعا في المعركة التي يخوضها المغرب على المستوى الدولي لصالح قضية الصحراء، كما أنها لن تثني أصحاب المواقع المخترَقة على تغيير مواقفهم تجاه القضية. واعتبر أن هذه الاختراقات سوف تجلب في أحسن الأحوال نوعا من الرضا على النفس لمن يقود عمليات الاختراق، مبديا تعجبه من بعض وسائل الإعلام المغربية التي تنقل أخبار هذه الاختراقات وكأنها فتح عظيم" على حد تعبير الصديقي. والأهم في نظر المحلل السياسي ليس هو اختراق أو تعطيل مواقع معينة، بل إنشاء مواقع ذات جودة عالية في الشكل والمضمون بمختلف لغات العالم قادرة على توضيح التصور المغربي من القضية للرأي العام العالمي وإقناعه بعدالة مواقفه. وتساءل المتحدث: لماذا لا تُنشأ مواقع إلكترونية موجهة خصيصا إلى الرأي العام الجزائري وإلى المغاربة الصحراويين الذين يتبنون الأطروحة الانفصالية، تخاطبهم بلغة هادئة ومقنعة مستندة إلى دراسات علمية جادة وإلى شهادة باحثين وسياسيين عالميين ينصفون الموقف المغربي، وليس اللجوء إلى ردود الفعل المنفرة والخطاب العاطفي السطحي. حروب فتاكة وبالنسبة للخبير الإعلامي الدكتور يحيى اليحياوي فإن هذه الحروب الإلكترونية، من قبيل اختراق بعض المواقع بشبكة الإنترنيت وتدمير أو تحريف مضامين مواقع أخرى، هي جزء من الحروب المعلوماتية الجديدة. ويشرح اليحياوي في اتصال مع العربية نت أن هذه حروب مسرحها الشبكات الرقمية وكذلك التلفزيون والإذاعة وما سواها، وتكون غاياتها الأساسية نفسية ومعنوية. واستطرد الخبير في التواصل أن هذه المعارك الإلكترونية ترمي إلى التأثير في الطرف الآخر بأدوات هي أبعد ما تكون عن الأدوات الخشنة التي تستعملها الجيوش النظامية أو الترسانات العسكرية القوية. وعاد المصدر ذاته ليؤكد على أن حروب المعلومات حروب قديمة قدم الإنسان وقدم الحروب "المادية" أيضا، لكنها باتت اليوم تمتطي أساليب جد متطورة بحكم التطورات التي طاولت تكنولوجيا الاتصالات والحواسيب وأنماط إنتاج الصورة المرئية والكلمة المكتوبة. ويضيف: لو علمنا أن كل المرافق الحساسة باتت اليوم مرتكزة بهذا الشكل أو ذاك على بنيات الشبكات الإلكترونية، ومصممة لتسهيل سريان المعلومات داخل هذه الشبكات، لتبين لنا مدى هشاشة هذه النظم، وقدرة الأفراد على اختراقها وتدميرها أو الإفادة منها كرد فعل استباقي. من هنا، يؤكد اليحياوي، تتبين أهمية الأمن المعلوماتي الذي تُرصد له ميزانيات ضخمة هنا وهناك، وتبرز أيضا مسألة ارتباط هذا الأمن بمفهوم الأمن بصورة عامة. وخلص الخبير إلى أن القصد هو القول بأن الحرب اليوم أصبحت تشتغل بصيغة الجمع، وإحدى هذه الصيغ صيغة الحرب الإلكترونية التي لا تقل قوة ولا فتكا بالقياس إلى الحروب التقليدية.