المكان .. حي دار غيلان سنة 1983 الساعة الرابعة مساء قبال سينما المنصور .. جمهور غفير يترقب بلهفة فتح شباك القاعة لشراء التذاكر لمشاهدة فيلم سيدنا موسى الوصايا العشر. حشد عظيم رجال وشباب من جميع أحياء المدينة .. مدير السينما يقف متباهيا خلف شباك الباب يقف بجانبه المستخدمون بهذه القاعة با حدو، وبا الرايس رحمهم الله و با بوغالب. ساحة دار غيلان مملوءة عن آخرها .. إقبال كبير على كل شيئ معروض للبيع . كشك با عليلو مكتظ بالزبائن بشترون الزريعة والسجائر وكذلك با السبتاوي .. وبا الشاف مول الصاكة.. المآكولات بكشك المعلم احساين .. الطرطية باعبد السلام بائع كليلنتي وشلاضة .. عسولة عند با عبد السلام رحمه الله والشامية عند المرحوم احميدة .. باعبد السلام بائع كليانتي .. مشهد عظيم لايمكنك التركيز على تفاصيله إلا بصعوبة . وماهي إلا لحظات ويرفع مدير القاعة يده إلى با حدو كإشارة منه لفتح شباك التذاكر، فتبدأ المعركة الضروس .. عشرات الشباب يتدافعون عرض مفرط للقوة. ضرب ووخز بأدوات حادة وآخرون يرفعون فوق الرؤوس يرفسون الرقاب للوصول إلى شباك التذاكر. كان ثمن التذكرة درهمان ونصف ، من يستطيع الحصول على تذكرته يدخل إلى القاعة لضمان مقعده بها. با الرايس يقف بالباب يتسلم التذاكر من المتفرجين ، يقصها إلى قطعتين يرد نصفها إلى صاحبها ثم يدخل إلى القاعة . هي مكتظة تعمها الفوضى ومنازعات حول المقاعد . با علال الرجل الطيب هو أيضا من مستخدمي القاعة يتحلى بالحكمة لحل جميع الخلافات والبحث عن المقاعد الفارغة للمتفرجين مستعينا بمصباحه المسطح الجميل الرابعة والنصف كل المتفرجين داخل القاعة ينطفئ الضوء وتتعالى الهتافات والصفير ثم يبدأ العرض ويعم الصمت . كانت مدة العرض ساعتين ونصف تتخللها استراحة قصيرة… بعد انتهاء العرض يخرج الجميع لكن بطريقة مختلفة ، هدوء وارتخاء وعياء من طول مدة الجلوس لكنه بات هينا لدى المتفرجين بعد الاستمتاع بالقصة ومشاهد الفيلم. تصورو معي كم كانت الفرجة تستهوي الناس بعكس هذا الزمان إشباع عارم من الفرجة..إغلاق للقاعات السينمائية ولاكتفاء بما تنشره مواقع التواصل الاجتماعي على الهواتف الذكية.وأجهزة اخرى. إننا أمام طريقتين مختلفتين للفرجة فأيهما تختارون…