إلتقيتها صدفة في مطار طنجة حيث كنت متوجها إلى أمستردام بينما مريم - صديقة الجامعة -كانت مسافرة إلى مدريد لزيارة ابنها الذي يدرس هناك في كلية الصيدلة ، كانت صدفة رائعة و جميلة ... سلمتْ علي مريم بحرارة و بدأتْ تسألني عن حالي و عملي و أسرتي ... بكل مودة وحب و عفوية ، توقفتْ عن الكلام برهة كأنها تفكر في شيء ما ثم سألتني عن آخر مرة إلتقينا .. . فكرنا برهة ... ثم صحتُ : نعم آخر مرة رأيتكِ مريم كنتُ أنا أهيئ أوراق السفر الى هولاندا و كنتِ انتِ تستعدين للخطوبة ... إلتقينا في قيسارية سيدي بوحمد كنتُ أنا أشتري معطفا صوفيا و أنتِ إشتريتِ فستانا ورديا مطرزا بالحرير المذهب ! مازلت أتذكر و كأنه بالأمس ... سألتها عن خطيبها أحمد أقصد زوجها ، كنت أعرفه لكني لم أكن أرتاح إليه لغروره و تكبره ، كان يأتي أحيانا الى الكلية لملاقاتها... مريم إبتسمت كأنها افتكرت ذكرى عزيزة ، أخبرتني أنها لم تتزوج أحمد ! أخبرتني أيضا أنه في ذلك اليوم الذي إلتقينا فيه آخر مرة كان يوم خطوبتها ... إجتهدت أم مريم - ختي منانة كما كنا نناديها- في تهيئ كثير من أنواع المأكولات و الحلويات ، أيام و هي معتكفة في المطبخ ، سعاد، لبنى و سارة -أخوات مريم -جعلن من المنزل تحفة وغاية في النظافة و الجمال ، والد مريم - عمي رحال- الرجل المسن أعاد صباغة واجهة المنزل و لم تعد تراه إلا متنقلا بين البيت و السوق حاملا قفته أما مريم فلم يكن شغلها إلا نفسها و المرآة تتزين للخطيب القادم هذا المساء رن هاتف مريم ... كان أحمد ، بدم بارد و صوت متقطع أخبرها أنه لن يأتي ..... مريم تطلق صرخة كادت أن تخرج معها روحها ... تنهار و تسقط على الأرض . ختي منانة تبكي ، سعاد ، لبنى وسارة يلطمن خدودهن ، عمي رحال لا يدري ماذا يفعل ... لم يكن حزنهم عن العريس بقدر ما كان خوفهم على مريم الملقات على الأرض لا تحرك ساكنا تذكرتْ ختي منانة أن جارهم الجديد طبيب و يعيش رفقة أمه و أبيه و قد تبادلت مرة التحية مع أمه ... خرجت بسرعة ختي منانة و لم تعد إلا و برفقتها الطبيب الشاب الوسيم ... لم يمضي وقت طويل حتى استرجعت مريم وعيها بفضل الحقنة التي حقنها بها كمال الذي يأبى أن يغادر المنزل حتى يطمئن أكثر عليها ... جلس قرب رأسها ، همست له مريم : شكرا يا دكتور كمال : الشكر لك أنتِ أعطيتني هذه الفرصة ... فقد كنتُ أراك و أتحين الفرصة للكلام معك مريم يحمر وجهها و ترتبك في حركاتها كمال : أمي و أبي يرغبان في زيارتكم ... متى يمكن ذلك؟ مريم كاد أن يغمى عليها مرة أخرى لفرحتها و سرعان خفقان قلبها كمال : ممكن الآن ؟ تركتُ أمي قلقة عليك ... و تود أن تفاتح أمك في أمر يخصنا أنا و أنت ..... خرج كمال لإحضار والديه ... تنهض مريم مباشرة الى المرآة لإستكمال زينتها ، ختي منانة تدخل الى المطبخ ، سعاد، لبنى وسارة يعدن ترتيب المنزل ، عمي رحال يصلي ركعتين عسى ان يتمم الله بخير .. لا وقت للكلام الكل يشتغل كالآلة في سباق مع الساعة ! في تلك الليلة تمة خطوبة مريم لكمال ، الكل مسرور و منشرح إلا أم كمال فرغم سعادتها و غبطتها إلا أن في عينيها دهشة و استغراب ! إنحنى إليها أبو كمال قائلا : ما بكِ ؟ أجابته بدهشة : ما لم أفهم كيف ختي منانة إستطاعت تهيئ كل هذا في ظرف ساعة من الزمن !!! أرادت مريم أن تخبرني عن قصة زواج أختها سعاد إلا أن وقت طائرتي قد حل ودعت مريم متمنيا لها سفرا سعيدا .... و من يدري قد نلتقي في محطة أخرى