لما كنا أطفالا صغارا كثيرا ما كنا نذهب معا إلى سوق المرينة في نهاية الأسبوع ، و ذلك من أجل التمتع بمشاهدة الحلايقية مثل ذلك الرجل العجوز ذو اللحية الكثة ، الذي كان يحمل بين يديه قفازين باليين للملاكمة ، فيبحث عن شخصين من جمهوره الصغير لكي يتطوعا من أجل حمل أحد القفازين و إجراء مقابلة في الملاكمة . و قبل أن يبدأ العرض كان يقوم بخلق استفزاز بينهما من أجل خلق فرجة "حقيقية". بعد انتهاء المبارة كنت أتوجه مع بعض أصدقائي لمشاهدة بعض البدويين المتخصصين في تركيب حدوة البغال و الحمير. فهذا الحمار الذي ينهق هنا، و ذلك الذي يرفض تركيب حدوته ، بسبب آلام تسببها له المسامير، و أصحاب العربات و "الكراريس" يتحدثون فيما بينهم بصوت مرتفع و هم ينتظرون دورهم من أجل تغير حدوة بغلهم المسكين الذي أنهكه الجوع و الضرب، و أصبح منظره من فرط العمل المضني ليل نهار كهيكل عظمي لحيوان منقرض في متحف الزمان. مرت سنوات طويلة و جاءت سنوات أخرى، ذهب قائمون و جاء قائمون جدد، لكن أحوال المدينة و "بغالها" لم تتغير. كنت أعتقد دائما أن التطور سنة من سنن الحياة، لكن ذلك لم ينطبق على المدينة. فمع ازدياد عدد السكان تزايد عدد الكراريس و الحمير و البغال، و كأن قدرنا أن نكون خارج التاريخ. لا يختلف اثنان في ذكر مشاكل الكراريس و العربات التي تجرها البغال والحمير من أجل التنقل داخل المدينة. فمن حوادث السير التي تسببها إلى الأوساخ التي يخلفها روث حيواناتها، إضافة الحفر التي تسببها فوق الطرقات، و ما تحمل معها تلك الحيوانات المسكينة من ذباب و قاذورات، ناهيك عن الجانب الإنساني المغيب في هذه الظاهرة، إذ أصبح من العادي جدا أن ترى سائق عربة و هو "يقتل" البغل المسكين من الضرب ، حتى يوشك أن يوقف تنفسه، هذا كله في غياب واضح للمتدخلين الأساسيين بما فيهم المجتمع المدني. أما آن الأوان لوضع حد لهذه الظاهرة...؟ هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته * ملابو، جمهورية غينيا الاستوائية