سمع الصبايا لحنا ينبعث من مكان ما، فرغبن عن التسلل إلى القصر ريثما يستمتعن، طفقن يفرزن أغصان الشجرة غصنا، غصنا، وحتى الأغصان كانت ترتج وتميس مع اللحن الرخيم. كان جانوس قد تحول إلى عصفور بحجم الحصوات التي كانت تثيرها أقدام الصبايا العارية , وعندما تحول إلى عصفور بات يكابد قسوة الريح وعنادها, وكان يحدج إلى الصبايا و هن يدندن مع اللحن الغلاب. من حسن حظه أنهن أطبقن أجفانهن، فلو رمقن بوابة القصر مشرعة لهبت إحداهن مسرعة ودلفت إلى حضرة الملك. عندما أخذته الريح في اعتلاءاتها المتماوجة , سدحته بين ريش عصفورة تراوغ حر الظهيرة على غصن فوق الشجرة نفسها التي لاذت إليها الصبايا.أحس جانوس بانتشاء لم يعهده في حياته، فظل يرسل زقزقته كأنه يذرع الخلود داخل متاهات ريشات العصفورة التي نفشت ريشها وأغمضت جفنيها مثل الصبايا.عندما مال جدع الشجرة كانت أقدام الصبايا مثل زنابق انبثقت من الأعشاب الناعسة، سرت رعشة في الزنابق البيضاء فأشرعن أجفانهم فصدح نفيرهن: ! لقد رحل جانوس يممن عتبة القصر، ولما يصح جانوس من سكرته بعد، كانت الشقراء تجهش فرحاً بملاقاة الملك ولذا كانت تسابق الزمن من شدة حنقها و كانت تتعمد أن تدهس الزهور برجليها، أما الأخريان فكانتا تفردان أيديهما وتهمس للورد: ! خدعناكم! خدعناكم! نحن صبايا الملك الأثيرات لكن العصفورة تنمرت في عليائها فانتفضت بسبب الوجيب الذي انمحق من رحابة الروض, فسقط جانوس عن قرة أعينه الأربع فأحس برطوبة صقيعية صاعقة وهو يتدحرج على الأغصان. كانت أشعة الشمس تخترق الأغصان، فدبت سخونة في جانوس فتحول إلى إلكترون, وبسرعة البجاسوس كان قد التهم المسافة التي تفصل الشجرة عن بوابة القصر و مضى يزعق ساخراً أمام البوابة، وهو يذرع العتبة من طرفيها وسراميجه تطقطق بتشفي, فعادت الصبايا أدراجهن و هن يجهشن حسرة على ملاحة وجه الملك الذي لم يرهن قط .