إن الأعمال الأدبية بمختلف أجناسها رواية او قصة أو مسرحية أو رحلة لها علاقة مباشرة بالإنسان، ذلك لأن موضوع الكتابة الأهم والأبدي هو الانسان إذ يشكل هذا الأخير منطلقا وموئلا، ويسعى الأديب في أعماله محاورة نفسه ومجتمعه وطرح قضايا تشغل فكره ووجدانه، ومحاورة قيمه والكشف عن خلاصة تمثلاثه للكون والحياة والإنسان، بناء على قيم تشكل المرجعية الفلسفية والخلفية النظرية لرؤاه، متوسلا في ذلك بما أوتي من موهبة وصناعة فن القول والخيال الخصب، اللذان يأسران بهما القارئ . القصة على سبيل المثال لا الحصر إحدى الوسائل التي يمكن من خلالها قراءة المجتمع ففيها نقرأ المجتمع بتفاصيله وهمومه وتمثلاثه وقيمه، نقرأ حياة الناس اليومية وأحلامهم، وفيها يكون صوت الكاتب صوت المجتمع إلى حد ما، أو على الأقل تعبير عن حساسية فكرية أو تصور يموج في صمت داخل بيئته. وإذا وقفنا عند أعمال يوسف إدريس أو غسان كنفاني أو مبارك ربيع أو عز الدين التازي أو الطاهر وطار …. سنجد في أعمالهم اهتماما بالإنسان وكشفا عن قيم ينتصر لها الكاتب ،قيم الحرية والعدل والمساواة والديمقراطية إما رغبة في ترسيخها وتعزيزها أو بكاء على فقدها وتمنعها أو محاصرتها. في هذه المقالة المتواضعة سأتناول موضوع القيم في المجموعة القصصية حب في العتمة للقاص رضا تنافعت، محاولا استقصاءها داخل هذه المجموعة والكشف عن المرجعية النظرية التي تستند إليها والأسلوب الفني الذي اختاره القاص وسيلة وقناة للتواصل من خلالها مع القارئ، وقد ارتأيت أن أقسم هذه المقالة إلى المحاور الآتية: مفهوم القيم الانسانية الأدب والقيم الانسانية سؤال القيم في المجموعة القصصية حب في العتمة ( الموضوعات والمعاني واللغة) 1 – مفهوم القيم الانسانية ورد في معاجم اللغة أن القيم مفردها قيمة وترتبط لغويا بمادة قوم والتي تمتلك عدة دلالات منها قيمة الشيء وثمنه، والثبات والدوام والاستقامة والاعتدال ونظام الأمر وعماده، وأقربها لمعنى القيمة هو الثبات والدوام والاستمرار على الشيء. أما اصطلاحا فالقيم هي جملة المقاصد التي يسعى القوم إلى إحقاقها متى كان فيها صلاحهم عاجلا أو آجلا أو إزهاقها متى كان فيها فسادهم عاجلا أو آجلا، وهي القواعد التي تقوم عليه الحياة الانسانية وتختلف بها عن الحياة الحيوانية، كما تختلف الحضارات بحسب تصورها للقيم، وهي بشكل ما موجهات للسلوك والعمل. وللقيم عدة خصائص تتميز بها: – ترتبط بنفسية الانسان ومشاعره – متغيرة وليست ثابثة نتيجة تفاعل الانسان مع بيئته وتغيرات الوسط المحيط، – تفاوت أولوية القيم وتفوقها على بعضها، وتطبيق إحداها على حساب الأخرى، – تعددها نتيجة اختلاف الحاجات الانسانية بين حاجات اقتصادية واجتماعية وسياسية ونفسية، ذات منطق جدلي. – نسبية فهي تختلف من شخص لآخر حسب الزمان والمكان. ومن المعلوم أن القيم تصنف حسب مجالاتها إلى عدة أنواع ( قيم دينية، واجتماعية، سياسية، وجمالية)،وللقيم أهمية عظمى في حياة الفرد في بنائه وتكوينه الفكري والوجداني …. من خلال : – بناء شخصية قوية ناضجة ومتماسكة وذات مبادئ، – حماية الفرد من الوقوع في الخطأ حيث تشكل القيم درعا واقيا، – الاستقرار والتوازن في الحياة الاجتماعية والفكرية، ومن مصادر القيم الدين من خلال التشريعات السماوية، والعقل الذي يمتلك القدرة على الملاحظة والفهم والتحليل واستنباط الخير أو الشر، والمجتمع إذ يعتقد أصحاب هذا الرأي أن لكل مجتمع ظروفه وخصوصياته وتطلعاته ومستقبله الخاص به وبالتالي فإن القيم التي تلائمه قد لا تلائم غيره من المجتمعات.وتتشكل القيم من المكونات المعرفية والوجدانية والسلوكية. 2- الأدب والقيم الانسانية محاولة فهم: تتفاوت درجات حضور القيم الانسانية بمفهومها الذاتي والابداعي في الأدب العربي بصفة خاصة، إلا أنه لا يكاد يخلو منها، وكلما كان حضورها قويا متداخلا مع القيم الجمالية، كان أعمق تأثيرا في النفس، وأكثر قدرة على التغيير نحو عالم أفضل وأحسن. يقول الدكتور الكفراوي: أعتقد أن أهم أعمال المعلمين الكبار أمثال شكسبير، وتولستوي وأنطوان تشيكوف وبورخيس هي منظومة الانتماء لحق الانسان تأكد ذلك قبل إقرار القوانين وإنشاء عصبة الأمم. كان الأدب هو متن الحقيقة الساعي لإحداث سؤاله الكبير وإجابته المهمة للإنسان الحق في الحرية والعيش الكريم في ظل سيادة القانون إذ يشكل الادب الصيغة المثلى التي عبر من خلالها الانسان عن قيمه. وإذا قرأنا نصا لجمال الغيطاني (حكايات المؤسسة) أو نصا لنجيب محفوظ وهو يعري الاستعمار، أو نصا لمحمد السلماوي وهو يفضح السلطة الفاسدة في مصر، كل هذه النصوص وغيرها تصور الانسان في صراعه مع السلطة من أجل فرض قيمه ورؤاه. هذا التوصيف يدفعنا للقول بأن القصة كجنس أدبي تعكس نثرية الواقع وصراع الذات مع الموضوع والصراع القيمي بكل تجلياته السياسية والاجتماعية والثقافية والعقدية، والتركيز على فرض القيم من خلال نقد الواقع السائد واستشراف الممكن، وإذا كانت القصة تنصب على الحاضر وتعالج الراهن بطريقة رمزية فإنها تحاول أن تجيب على قضايا وإشكالات ترتبط بالقيم وسبل تجسيدها أو الكشف عن مظاهر الخلل فيها. 3- سؤال القيم في المجموعة القصصية حب في العتمة صدرت المجموعة القصصية حب في العتمة للقاص رضا تنافعت سنة 2017عن دار سيلكي أخوين بطنجة، تقع في 137 صفحة ،وصدرت في طبعة ثانية عن المكتبة العربية للنشر والتوزيع بالقاهرة بعنوان جديد : “حب عاصف” وصورة غلاف مختلفة عن الطبعة الأولى. بعد الاهداء صدر المجموعة القصصية بمقطع من رواية أيمن العتوم ذائقة الموت يقول فيها:( لا تعرف الأيام على من تدور هل تعرف الساقية أنها تبعثر الماء وهي تدور ؟ كانت أعمارنا ماء متناثرا قد يصيب رداده الأرض فتخضر وقد يظل منكمشا على نفسه فلا يتجدد حتى يأسن أو ينضب، وقد يعلو حينا حين تكون الساقية في دورتها العادية، وقد يهبط حينا حين تكمل الساقية دورتها نحن نعلو مع الماء ونهبط معه ) . بعد هذا التصدير تتضمن المجموعة خمس قصص وهي على التوالي : اختفاء أخضر، حب في العتمة، مدرس في الخريف، زواج معلق، يزي. سأحاول أن أقف في هذه القراءة على تمظهرات القيم وصراعها داخل هذه المجموعة من خلال قراءة متأنية لقصة زواج معلق ومحاولة الكشف عن رؤية القاص رضا تنافعت لقيم الحب والحوار والعقل والقراءة. يروي السارد في قصة “زواج معلق” حكاية شاب مغربي(رياض)، يرحل لفرنسا من أجل متابعة الدراسة، وهناك بالجامعة الفرنسية يتعرف على طالبة فرنسية (إيميلي) تدرس معه، طالبة مجدة ذكية ، سحرته بشخصيتها القوية فأحبها وتعلق بها وفاتحها في موضوع الزواج، بعد تفكير عميق قررت إيميلي الارتباط به، لكن رياض اشترط على إيميلي أن تعلن إسلامها، حتى يتمكن من الارتباط بها.. تقول إيميلي: {لم أكن أتوقع أن الحب يتعثر بالدين والعقيدة، – لا يتعثر ولكنه يزداد اتقادا واشتعالا عندما تتوافق عقيدة الحبيبين. – لم يخطر ببالي من قبل أن أفكر في اعتناق الإسلام.. لم يخطر ببالي أن الحب له اتصال بالعقل – أتمنى ألا تفهمي موقفي غلطا…ولكن زواجنا لن يباركه والدي إلا بإسلامك.} ص96 في هذه اللحظة تختار إيميلي التفرغ للتعرف على الإسلام قرأت القرآن الكريم وتفاسيره وكتب السيرة وشروحها وتاريخ الإسلام، اعتكفت لما يزيد عن الأربعة أشهر لتقرر في الأخير اعتناق الإسلام والارتباط برياض. تقول إيميلي: { ولكن يجب أن تفرح لأنني أنقذت نفسي من الضلال والغي أكثر من فرحك بأننا سنتزوج أجمل شيء اكتشفته في الإسلام أن معانيه عالية…الإسلام يرفع أهله عن معاني التراب…} ص105 يقع تحول جذري في شخصية إيميلي وأثناء زيارتها للمغرب رفقة رياض من أجل التعرف على أهله وإتمام عقد الزواج. تتفاجأ إيميلي بهذا البون الشاسع بين تعاليم الدين الإسلامي وقيمه وسلوكات أفراد أسرة رياض. { كانت تظن أن تشدد الوالدين على أن تكون زوجة ابنهما مسلمة يعني أنهما ملتزمان بمبادئ الإسلام جملة … هل المسألة إذا مسألة مظاهر فقط؟ هل العقيدة عندهما مجرد قناع}ص 109. وقفت إيميلي تتأمل هذا المجتمع الذي يتناقض بين الخطاب والممارسة ويقيم بينهما أسوارا وحواجز لتجد الجواب {أن هذه الأمة التي لا تتمثل قيم الإسلام} لقد لخصت لها أسرة حبيبها رياض واقع المسلمين، لتقرر في الأخير أن تواجه رياض بحقيقة ما شعرت به وتواجهه بحقائق ألفها أو طبع معها تقول إيميلي: {حاول أن تنصت لضميرك…أن تتساءل لماذا نختار الإسلام وليس غيره؟ حاول أن تسأل نفسك أين يتجلى الإسلام في حياتك؟ هل تكفي فقط شهادتك بوحدانية الله وبنبوه محمد؟ أنت مسلم نعم ولكنك يا عزيزي لا تصلي..أنت مسلم ولكنك في الآونة الأخيرة صرت تقتل الوقت كثيرا، أنت مسلم نعم ولكنك قاطع رحم …أنا أتحدث معك بهذه اللغة الواضحة التي قد تكون حادة…ولكن كن على يقين أني أحبك}. لتقرر في الأخير العودة إلى وطنها وتترك له فرصة الإجابة على شرطها:{أنا مستعدة للزواج بك.. ولكن في انتظار أن تتمثل حقائق الإسلام ومبادئه وتعلم أي كنز أنت تحمله!}ص 114. إذا حاولنا استقصاء ما في هذه القصة من قيم أخلاقية ومعرفية وتربوية، سنجد أنها تحضر بكثافة، إن قيمة الحب كقيمة إنسانية رفيعة تجمع بين شاب وفتاة من بيئات مختلفة وخلفيات مرجعية متباينة، استطاعت أن تجمع بينهما، لكنها لم تستطع أن تؤلف بين قلبيهما إذ انتصر السارد {رضا تنافعت} لقيمة الدين كعقيدة تحتل الصدارة في سلم القيم، وهنا يقدم السارد العقيدة ليس بشكل ظاهري أو فلكلوري فقط ليؤثث به المشهد، وإنما يجعل الدين {شكلا ومضمونا} وقيمة عليا محددا رئيسيا في استمرار العلاقة العاطفية أو توقفها. إن القاص رضا تنافعت في هذا العمل يخاطب المسلمين عامة من خلال شخصية إيميلي الفتاة الفرنسية التي استطاعت النفاذ لجوهر قيم الإسلام،الذي أحدث تحولا ذهنيا وفكريا ووجدانيا في شخصيتها لأنها تعاملت مع الإسلام وتعاليمه كقيم مثلى وليس من منطلق ظاهري لا يحمل من الإسلام إلا مسمياته ورسومه. استطاعت إيميلي أن تنفذ إلى جوهر الإسلام بفكرها وعقلها ولم تستسلم لنداء العاطفة والقلب، وفي هذا إشارة من السارد-رضا تنافعت – أن الدين كقيمة يعلو على كل القيم بل يؤطرها ويجعلها لا تستقيم إلا من داخل نسقه، ولا تحقق مرادها وغاياته إلا من خلاله، وهي دعوة للمجتمع كي يعيد قراءة ذاته ويعيد ترتيب أولوياته وفق مقتضيات المرجعية الاسلامية التي تدعو إلى الانفتاح الايجابي والبناء. من القيم التي نقف عندها في هذه القصة قيمة العقل فمعرفة حقيقة الإسلام وجوهره وتعاليمه السمحة ودعوته الإنسانية، توصلت إليها إيميلي عبر فعل القراءة والبحث، وإعمال الفكر والنظر، الذي اكتمل في ذهن الإنسان بعد مخاض عسير من خلال المقارنة والمقابلة بين مرجعية سابقة تتحلل وتتلاشى أمام مرجعية جديدة تفرض نفسها بقوة العقل الذي يرتفع عن التراب والطين ويرقى بها في عوالم جديدة، لتعيد إيميلي اكتشاف نفسها من جديد بواسطة عقل مؤيد بالوحي بتعبير طه عبد الرحمان. أيضا من القيم الحاضرة في هذا النص القصصي قيمة الحوار كأسلوب في الإقناع والتعبير عن الذات لقد كان الحوار بين{رياض وإيميلي} حوارا شفافا واضحا بلا أقنعة، حوارا يغلب فيه العقل على العاطفة، يقوم على الاستدلال والبرهنة، ظهرت إيميلي في حواراتها قوية واضحة جريئة. ولعل القاص رضا تنافعت يوجه للمجتمع بشكل ضمني أن مظاهر الخلل في مجتمعاتنا هو غياب الحوار الواضح والجريء، الحوار الذي تتطابق فيه المضامين مع العبارات والمدلولات مع الملفوظات دون مواربة ولا خداع أو خجل وتحرج. إن الشخصية الرئيسية عندما اقتنعت بفكرة انتصرت لها وحاولت أن تدعو لها بالحوار وأن تدافع عن خياراتها وقناعاتها وهي بذلك تتحول إلى داعية بعد ما كانت مدعوة إلى الإسلام. القاص رضا تنافعت يريد أن يقول لنا أن داخل كل واحد فينا داعية يجب أن يطلق لها العنان ليعبر عن حقيقة الإسلام وجوهره، ولكن بعد أن يتملك ناصية العلم، فالله تعالى يعبد بالعلم والدعوة إليه لا تكون إلا بالعلم والحوار وسيلة الدعوة إلى الله تعالى والدعوة لقيم الاسلام. اللغة في المجمعة القصصية : تميزت المجموعة القصصية حب في العتمة بلغة شفافة وعميقة وقوية، والظاهر أن رضا تنافعت يولي عناية كبيرة للغة التي ترتقي بنفسها لتكون في مستوى رؤيته وفي مستوى المعاني التي يشتغل عليها، وتحقق الإمتاع للقارئ وتجعله أسير أسلوبها وامتياحاتها المتنوعة. تعدد اللغات: المجموعة القصصية زاخرة بتعدد الأصوات، فالشخصيات لها رؤيتها وآراؤها الخاصة التي تعبر بها عن قناعاتها، وإن كان هناك تدخل من السارد بين الفينة والأخرى، نجد مثل هذا التعدد في قصة ‹مدرس في الخريف› فمحمود رجل التربية والتعليم الذي شهد على انحدار المستوى التعليمي:{ لأنه رجل يعيش حياته بمعاني السماء ويؤدي وظيفته بمنطق الضمير، كان أسفه يتضخم بتوالي السنين، وكأن الزمن الذي يتقدم لا يأتيه إلا بالأجيال التي تتأخر وتتردى…!}ص 83. كانت هذه حسرة محمود رجل التعليم على واقع التعليم الذي يسير نحو المجهول ويتجه نحو الهاوية بأجيال لا تفقه شيء، في حين نجد صوت الزهيد تلميذ محمود الذي لا يتقن القراءة والكتابة وقد بلغ مرحلة البكالوريا يفاجئ أستاذه بطموحه في أن يصبح رجل سلطة أو ممثل الأمة بقبة البرلمان {والله رغم وضعي وما تعرف عن مستواي إن لي لحلما عظيما…أريد أن أصبح رجل سلطة…أو قل أريد أن أكون نائبا من نواب الأمة..}ص 80. التناص من القرآن الكريم تناول رضا تنافعت في مجموعته القصصية مواضيع مختلفة:{الوفاء في العلاقة الزوجية، واقع التعليم، الزواج من أجنبية، ومعاناة المرأة}. إن هذه المواضيع ذات صبغة اجتماعية وفكرية تناولها بلغة رفيعة حاول فيها أن يرتفع بذائقة القارئ وأن يحقق له الهزة التي عبر عنها الجرجاني بالقيمة الجمالية، وجمالية اللغة نابعة من أصالة الكاتب وثقافته الموسوعية التي امتاح فيها من لغة القرآن-الكريم بشكل يتساوق والسياق الدرامي للقصص التي يعرضها، {مادامت أصرت إصرار إبليس في ألا يسجد لآدم فما عدت أصدق بأنها لا تدري}ص 49. نجد هنا اقتباسا من الآية الكريمة:﴿وإذا قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين﴾ البقرة ص34. في مقطع آخر من هذه المجموعة نجد :{أكتشف بأن الصراحة تجرح، تغرس الكآبة في القلب كأشجار الزقوم، طلعها كأنه رؤوس الشياطين}ص 50 اقتباس من الآية الكريمة:﴿إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم، طلعها كأنه رؤوس الشياطين﴾ سورة الصافات ص65 هذه بعض الامثلة على هذا التناص من القرآن الكريم معنى ولغة بما يفيد طبيعة العدة المعرفية عند القاص التي يشكل فيها القرآن الكريم معطى مهما وعنصرا مؤثرا في البناء الفكري والوجداني للقاص ومن تم في تحديد مواقفه وصياغة راه للكون والحياة والانسان. إن النص الذي يفتح عوالمه أمام القارئ كي يلج وسائل من خلالها ذاته ومجتمعه وتاريخه يستحق أن يكون نصا قصصيا بامتياز، إن القصة الحقيقية هي التي تحفر في الأرض لترينا عيوبنا سواء كانت أخلاقية أو اجتماعية أو فكرية وتدعونا إلى بناء رؤية محددة اتجاه القضايا التي تعترضنا سواء كان الخطاب صريحا أو مضمرا، رضا تنافعت ينوع في حكاياته وقصصه في أسلوبه وامتياحاته في اختيار شخوصه في تنوع الفضاءات وتعدد الفئات ليؤكد على رؤية مفادها أن جوهر الإنسان هو الأخلاق البانية بتعبير طه عبد الرحمان، عبر العقل الذي يتأمل ويتفكر بتمعن، وينتقد ويفكك البنى والأنساق الزائفة، ويحاور ويجادل بروح تقنع الآخر،ومن هنا يبطل مقوله التعارض بين المصلحة والأخلاق يقول طه عبد الرحمان:{فلابد لكل فعل إنساني أن يصطبع بصبغة أخلاقية إما ابتداء و إما انتهاء}.