ها زيفي يحاصرني تتبلد فروتي في السديم ترتج سحب جسدي كزلزال فأتلاشى في نسلي ذرات أراقب انزلاقي لعلي أصفو من غيمي أقبع في طيني كالظل أرى زيفي ثانية في علانيتي ينزوي في دخان العمر أرى وشم صداي في صحن النهار أرطم وجهي في مرايا الروح أتمزق كزورق من خشب وأعود أنشد صفوي في ملاك يسكنني في طفل يكبر في الورد كالشمس هاأشرب بحوري تراودني أكاليلي أسبح في عبيري كنسمة أجذف قواربي البعيدة إلى روض يشبهني وأسقي عنادلي بينابيع رحيقي. عبد العزيز أمزيان الأنا بين سلطة العري وغواية التجدد في قصيدة*نشيد الصفو* للشاعر عبد العزيز أمزيان هذه القراءة هي مجرد انطباعات وأفكار رسمها هذا النص الجميل في أفق انتظاري وأنا أتوقف عنده باندهاش، محاولا القبض على انزياحاته وزئبقية معناه، بانتقاء بعض العناصر التركيبية الصغرى والكبرى وتحويلها إلى علامات دالة،بغية تأسيس فرضية مؤقتة للمعنى ،تمكن حدسي من الكشف عن المؤشرات التي يمتح منها النص رؤياه لتمنحني ما سيكون أكثر انسجاما مع حدسي أثناء قراءتي على اعتبار أن كل نص أدبي لاينغلق في معني واحد ،بل قراءاته هي بمثابة سيرورة اختيار لما يفعله النص بي وما أفعله به؛ و أنا أغوص في أرخبيلاته،وأحاول القبض رؤاه وجدت أنه يشيد لحظته الجمالية من خلال رؤيا تأملية لكينونة ذات ، عاشت وتعيش تمزقها الوجودي بتوقد في الوعي، وحرقة في الإحساس؛حيث الذات /الشاعرة تتأمل صيرورتها من خلال سيرورتها ، فانسابت دفقاتها الشعرية بكل تلقائية عن طريق التداعي على مستوى حركتين زمنيتين تعبيريتين متجاذبتين ،بحيث ترسم نمطا من الرؤيا للوجود: 1-حركة الحاضر: التردي/العري/السقوط/ الزيف/الفناء/العدم 2-حركة الغائب:/التجدد/ الولادة/الحياة من خلال الحركة الأولى يقول النص: هازيفي يحاصرني ............ من منطق لغة هذا الاستهلال تبدو الصورة أشد قتامة ،فهاذا الزيف يحاصر الذات فتجد نفسها قد انزلقت في دوامة سحيقة من الفراغ السديمي، حيث لامعنى لوجودها ، وبالتالي لامعنى للحياة في سيرورة حلمها، لقد أدركت أخيرا أن زلزال الزيف قد أصابها وهوى بها في قاع البئر السحيقة البئيسة المظلمة حيث التلاشي ،وحيث الحياة تصبح مجرد ذرات زائفة لانهائية تسبح في اللامعنى ،يطالها المسخ،والضمور ،والتردي والسقوط و العري والمتاهة.... ترتج سحب جسدي كزلزال فأتلاشى في نسلي ذرات أراقب انزلاقي لعلي أصفو من غيمي ........ في الحركة الثاني حيث/التجدد/الولادة/الحياة: نجد الذات في صيرورتها هذه تأبى الانغلاق في وجودها الطيني السفلي: أعود أنشد صفوي في ملاك يسكنني في طفل يكبر في الورد كالشمس ........... فتنشد الصحو والصفو لمآلها من جديد، فهي تتمرد وتطمح لولادة جديدة: أسبح في عبيري كنسمة أجدف قواربي البعيدة إلى روض يشبهني وأسقي عناديلي بينابيع رحيقي ............... فالذات الشاعرة لم تستسلم بل تجدد نفسها بنفسها ،من خلال مرايا الروح الحالمة، تحاول القبض على الصفو والصحو الهارب منها، كطفل تجذبه لعبته عميقة الأحشاء ،يفتحها لإشباع حاجته من رغبة الاستكشاف،ولحظة الدهشة، والذات /الشاعرة هنا تسعى للخلاص من زيف واقعها ،وتعمل من أجل الخلاص من وضعيتها المتردية للقبض على حلمها/سعادتها/كينونتها،فالطفل /الشاعر يرى في مرآة البياض أناه الجديدة التي يحلم بها،فيعيش لحظة استعادة كينونته التي هربت منه في خضم ضغوط اللاحقيقي واللايقين واللامعنى الزائف... فهل تحتكم رؤيا الشاعر انطلاقا من هذا التصور إلى رؤيا البعث/ طائر العنقاء الذي ينهض من رماده؛أم رؤيا سيزيفية ،بحيث لاينهض إلا ليسقط من جديد؟أم هو الاحتماء النفسي بالذات من إجل غسل الروح، كما كانت عليه في البدء/الأصل/الأزل ،في طفولتها، بما تعكسه الطفولة من طهر ونقاء و صفاء: يقول: أراقب انزلاقي لعلي أصفو من غيمي أرى زيفي ثانية في علانيتي ينزوي في دخان أرى وشم صداي في صحن النهار أرطم وجهي في مرايا الروح أتمزق كزورق من خشب وأعود أنشد صفوي في ملاك يسكنني في طفل يكبر في الورد كالشمس .............. لاشك أن الذات /الشاعرة تحس بالتلاشي كلما انزلقت في مهاوي السقوط إلى طينيتها،ترفض الخنوع والاستسلام إلى أدرانها،فتتحدى زيفها، وترفض الضياع والزوال ،والفناء الروحي ،فلا تستسلم فتعود تنشد صفوها /ملاذها في طفل يكبر في داخلها كالورد...يشرب نخب بحوره ويسبح في عبير حلمه الشهي الذي يستسقي منه جداول الرحيق الأول الأزلي للوجود. شروط التعليقات الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن وجهات نظر أصحابها وليس عن رأي ksar24.com