هو أبو عبد الله محمد بن محمد بن جميل القصري المعلم ، لم أقع على تاريخ ولادته، ولا تاريخ وفاته، ولا يعرف مكان ولادته، وحسب بعض المعلومات أنه نشأ وترعرع بمدينة القصر الكبير الواقعة بشمال المغرب، فاشتهر بالقصري نسبة إليها، رغم العديد من كتب التاريخ والتراجم التي ورد إسمه بها لم تشر إلى تاريخ ومكان ولادته، ولم تتحدث عن الطريقة التي نشأ عليها ولا إلى تعليمه، ولا إلى ترجمة وافية لحياته، إلا نتفا قصيرة وأخبارا ضئيلة، ولا يذكر إسمه إلا عند الحديث عن تراجم بعض الأولياء والوليات المشهورين بالمغرب، رغم أنه كان من العلماء والفقهاء المعروفين، والذين برزوا في العصر الموحدي. وقد كان سيدي ابن جميل يعيش في أواخر القرن السادس وبداية القرن السابع للهجرة، أي في عهد الدولة الموحدية (524-667ه /1130-1269م )، التي ازدهرت في عصرها الحركة الفكرية والأدبية والعلمية، وظهر في عصرها مجموعة من العلماء والفقهاء والمتصوفة. والمعروف عنه أنه كان يزاول مهنة التعليم فعرف بالمعلم وكانت له كرامات ومناقب. و كانت له رفقة مع عدد من العلماء والصلحاء، وكان فقيها لأبي الحسن علي بن غالب الأنصاري الأندلسي القصري (484- 568 ه / 1092- 1173 م )، ولي مدينة القصر الكبير، حيث خلفه في القيام بمهمة الدعوة، وكان معاصرا لأبي عبد الله التاودي دفين مدينة فاس، والمتوفى سنة 580 ه /1185م ، وكذلك كانت له رفقة مع الولية الصالحة فاطمة الأندلسية، دفينة مدينة القصر الكبير، والمتوفاة حسب بعض المعلومات سنة 642ه / 1245م، وكذا الشيخ أبي مدين الغوت شعيب الأندلسي دفين مدينة تلمسان بالجزائر، المتوفى سنة 594ه /1198م، الذي أخذ عنه بعض العلوم. وجاء في كتاب " التشوف إلى رجال التصوف" عند ذكره لترجمة الولية الحرة الصالحة فاطمة الأندلسية، رواية عن أبي عبد الله محمد بن أحمد الزناتي عند وجوده بمدينة القصرالكبير ومصاحبته لابن جميل، قال: (بت ليلة عند أبي عبد الله محمد بن جميل ألقصري المعلم وبات معنا أبو عبد الله التاودي وأبو زكرياء السائح. فصلينا العشاء الآخرة ثم جرى ذكر طيب حوت القصر،وأبو عبد الله حاضر، فغاب عنا. فلما طلع الفجر طلبته أنا وعمر بن عيسى الكتامي، فلم نجده. فتفقدنا بيته الذي كان ينفرد فيه، فوجدناه مغلقا. فأتينا باب المصرية التي بتنا فيها فوجدناه مغلقا. فجلست أنا وعمر نرتقبه لنعلم من أين يأتي. فسمعناه قد دفع باب المصرية بيده وطلع فقلنا: ننظر إلى خفيه فإن وجدنا بهما بللا علمنا أنه لم يبت معنا، وكان في زمان الربيع، فوجدنا بلل الندى على خفيه وعليهما نوار أصفر من نوار المروج. فأخرج لنا حوتا لا يكون إلا في بركة على قدر ثمانية عشر ميلا من القصر. فعجبنا من أمره، فصلينا الصبح وذهبنا إلى فاطمة الأندلسية، فوجدناها تصلي صلاة الضحى. فلما انفتلت من صلاتها قالت لنا: لا تنكروا براهين الصالحين فإنها حق. ولقد ذهبت أنا والفقيه ابن صالح من قصر كتامة إلى مدينة فاس لزيارة أبي مدين. فبتنا معه في سماع كان عنده. فلما طلع الفجر دخل علينا رجل عليه عباءة، ففرح به الشيخ أبو مدين، وقال : هذا أخ من إخواني في الله تعالى، صلى البارحة العشاء الآخرة بمكة والطائف وسرى ليلته فطلع عليه الفجر بفاس فصلينا معه الصبح. وذبح له أبو مدين كبشا لضيافة).( الصفحتان رقم 331و332 من كتاب الشوف إلى رجال التصوف للتادلي المشهور بابن الزيات تحقيق أدولف فور.طبعة 1958). وأشير بأن هذه الرواية وردت كذلك في كتاب " أنس الفقير وعز الحقير" لابن قنفذ، الذي حققه محمد الفاسي وأدولف فور، بالصفحة رقم 91، طبعة 1965. وهكذا يبدو لنا أن سيدي ابن جميل كان ذا شهرة علمية، ومن كبار الفقهاء والعلماء، وأن بيته كان مقصدا للعلماء والفقهاء، سواء الذين يقيمون بمدينة القصر الكبير، أو الذين يفدون عليها ويزورونها، نظرا لما كان يتمتع به الولي سيدي ابن جميل من علم ومعرفة وبركة، و ما كانت تحظى به مدينة القصر الكبير من مكانة في عالم العلم والتصوف. وتوفي سيدي ابن جميل بمدينة القصر الكبير وأقبر بمقبرة الولي الصالح ابن غالب شرقي ضريحه، بشارع سيدي علي بن أبي غالب حاليا، (وكان قبره مسورا بجدار وعليه شجرة كبيرة، وعند إصلاح طوار الشارع المحاذي للمقبرة أزيلت الشجرة وجددت جدران مدفنه، أما عندما أقيم السياج الحديدي على المقبرة فقد هدم السور، ولم تبق إلا بعض آثار القبر، في حالة من الخراب والاندثار، فعسى أن يعاد له الاعتبارويحي إسمه، ويظهر أثره للعيان مرة أخرى).(كتاب تراجم أشهر أولياء وصلحاء مدينة القصر الكبير. مخطوط للأستاذ الحاج عبد السلام القيسي الحسني ). وهذا الأخير هو الذي يرجع له الفضل في كتابة ما نقش على الرخامة الموجودة فوق رأس قبر سيدي ابن جميل، عند تجديد قبره سنة 1423ه/2002م. وتجدر الإشارة إلى أن قبر هذا الولي في حاجة إلى عملية الترميم والإصلاح، نظرا لما أصابه من إهمال وانعدام الصيانة. شروط التعليقات الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن وجهات نظر أصحابها وليس عن رأي ksar24.com