استحق منتخب تونس أن يكون أفضل السفراء العرب الاربعة في المونديال الافريقي ، حيث صعد مبكرا إلى دور الثمانية بعد خوضه مباراتين في المسابقة ، ليحمل مع المنتخب السوداني شعلة الكرة العربية في البطولة الافريقية .. واليوم يلعب المنتخب التونسي على صدارة مجموعته مع المنتخب الجابوني المشارك في الاستضافة، بعد أن تأهل الفريقان إلى دور الثمانية بعد الجولة الثانية من مباريات المجموعة ، ويحسب للمنتخب التونسي تحقيق ذلك الإنجاز بتنويع طرق اللعب بداية من الفوز على الشقيق المغربي المدجج بالنجوم معتمداً على استراتيجية دفاعية، ثم التحول إلى استراتيجية هجومية متوازنة في مواجهة منتخب النيجر الذى أبدى مقاومة شرسة حتى تمكن عصام جمعة من توجيه طعنة له في الدقيقة الاخيرة بهدف أوضح قيمة الخبرة والصبر على المنافس حتى اللحظة المناسبة ، ليصعد نسور قرطاج مبكرا للدور الثاني ويلعبوا مباراة اليوم لتحديد ترتيبهم واختيار منافسهم في هذا الدور، وبعيدا عن النتيجة امام الجابون ، فلابد للنسور أن يتسلحوا بالحيطة والحذر الذي لعبوا به أمام المغرب ، ليتمكنوا من ترويض منافسهم القادم في دور الثمانية ويفتحوا أمامهم طموح المنافسة الحقيقية على اللقب ، وهو ليس ببعيد الان عن الطموحات التونسية لفريق يضم في صفوفه نجوم على شاكلة المساكني . ** وبعد خسارة المنتخب المغربي لمباراتيه في الجولتين الاولى والثانية وخروجه المبكر والمفاجيء والمحبط لجماهيره، فإن عليه أن يبحث اليوم عن حفظ ماء وجهه أمام النيجر .. وربما يكون ذلك الخروج مقدمة لثورة كروية جديدة في المغرب لوضع النقاط فوق الحروف لمدرسة كروية كبيرة فشلت في تحقيق التتويج الافريقي طوال تاريخها رغم إمتلاكها عناصر الموهبة والابداع والتقاليد الكروية .. وعموما فعلامة الاستفهام على الاداء المغرب لا تزال تفرض نفسها في البطولة وماسبقها ! ** أما عن أحلى المفاجأت العربية ، فبلا شك كانت تأهل صقور الجديان السودانيين إلى دور الثمانية بعد غياب طويل .. وقد أشدت بأداء المنتخب السوداني رغم خسارته أمام كوت ديفوار بهدف في مباراته الاولى، وقلت أن هذه الخسارة مع ذلك، منحت صقور الجديان، ثقة في النفس وأملاً في إمكانية التعويض سواء أمام أنجولا أو بوركينا فاسو، وتبقى معادلة النجاح الممكن للسودانيين في حالة إذا ما لعبوا بنفس طريقة مواجهتهم مع الايفواريين بعد هدف دروجبا ! وبالفعل حقق لاعبو المنتخب السوداني ذلك وكانوا رجالاً ، فلم يصابوا بالهلع، ولم يهابوا الأسماء الكبيرة من المحترفين في اوروبا ، ولا المنتخبات ذات الاسماء المرعبة، وبعد أن أفلت منهم المنتخب الايفواري واجهوا المنتخب الانجولي بقوة وجسارة ، وانتزعوا التعادل مرتين بعد أن كان الانجوليون يتقدمون بل وكادوا يخطفون الفوز .. وكان هذا التعادل يمثل أول نقطة يحرزها المنتخب السوداني منذ 36 عاماً، وكانت مباراتهم الاخيرة في المجموعة ملحمة من الصمود والشجاعة ، فقد تحملوا عبء اندفاع لاعبي منتخب بوركينا فاسو الذين كانوا يلعبون بروح النمور الجريحة لتحقيق فوز اعتباري يحفظ ماء وجههم بعد خروجهم المبكر ، ولكن صقور الجديان تماسكوا وتمسكوا بالامل البسيط لتحقيق الفوز في انتظار "هدية" ايفوارية ، إذا ما لعب زملاء دروجبا بروح اللعب النظيف واستطاع الصقور تحقيق الفوز 2/1 بأداء بطولي وتألق للجميع وخاصة الحارس أيمن الهادي الذي منع عدة أهداف ومرر هدفا بتسديدة من مباشرة إلى الهداف مدثر "كاريكا" فسجل منها الهدف الثاني الحاسم بعد مراوغة الحارس البوركينابي وسبق لكاريكا نفسه أن سجل الهدف الاول ، ليفوز الصقور ويستحقوا هدية الافيال بعد رفعوا رصيدهم إلى أربع نقاط ، ليتجاوزا انجولا ويتأهلوا إلى دور الثمانية بعد 42 عاماً من الانتظار، ليتجدد الامل السوداني في المزيد من التقدم وهذا أمر ممكن في مواجهة زامبيا التي هزها بعنف المنتخب الليبي من قبل و أثبت أنها ليس بالمنتخب المنيع .. وما أطلبه من الاشقاء السودانيين أن يواصلوا التحلي بالثقة وإرادة النصر ، وألا يستمعوا لصيحة التراجع والتواضع بالتأهل إلى دور الثمانية وأن ليس في الإمكان أبدع مما كان ، وأقولهم لا يزال لديكم أبدع مما كان ، وما يمكن أن تثبتوه ، وكلنا ننتظر منكم ذلك . ** ويستحق المنتخب الليبي الذي خرج من الدور الاول رغم تحقيقه رصيد أربع نقاط بعد أن فاز على المنتخب السنغالي الكبير 2/1 ، يستحق كل تقدير واحترام،بعد أن غادر مسرح البطولة مرفوع الرأس ، وبعد الخسارة في المباراة الاولى بهدف في وقت قاتل امام غينيا الاستوائية ، والعرض القوي امام زامبيا التي أفلتت بالتعادل 2/2 عندما تقدم الليبيون مرتين بعناد وجسارة في أسوأ حالة أرض ملعب مملوء بمياه الامطار والمطبات والوحل، ثم كان الختام بفوز له مغزاه على السنغال ونجومها المشاهير الذي خرجوا برصيد صفر كبير من البطولة بعد ثلاث هزائم ، أوقعها وأكثرها إيلاما لهم الهزيمة أمام المنتخب الليبي الذي حرمهم من حفظ ماء الوجه في أسوأ بطولة للسنغاليين، ليثبت رفاق أحمد سعد أنهم قادمون في الفترة المقبلة لصنع ربيع كروي في ليبيا بعد معاناة كبيرة في ظل العهد البائد.