إحرشان: "البلوكاج الحكومي" بين القوة القاهرة والخيارات المتاحة نقل عن السيد عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المعين، من مصدر موثوق ولم يتم نفيه إلى حد الآن، قوله "إن القوة القاهرة هي التي منعت بنكيران من إشراك حزب الاستقلال في الحكومة، لكن سيبقي الحزب في الأغلبية، وعلى اتصال وتنسيق مع رئاستها".. هل، فعلا، ما يحدث من تعثر في تشكيل الحكومة ومن معاناة للسيد بنكيران في جمع أغلبية برلمانية يسند بها حكومته تنطبق عليه حالة القوة القاهرة؟ أم ينطبق عليه وصف آخر؟ في القانون، تعرّف القوة القاهرة بأنها الحادث الذي لا يمكن توقعه ولا يمكن دفعه مطلقا. ولذلك، ارتبط المصطلح بما يحدث قضاء وقدرا أو أيّ سبب آخر غير ناتج عن خطأ أو إهمال أو تقصير أو سوء تقدير أو سوء توقع.. وأول ما يترتب عن توصيف النازلة بالقوة القاهرة تحلل وإعفاء المتعاقدين من التزاماتهم عكس ما يترتب عن حالة الظروف الطارئة التي تتطلب إعادة توزيع الأعباء والاستمرار في سريان التعاقد؛ بالرغم من أنها، أي الظروف الطارئة، تنتج كذلك عن أمور خارجة عن إرادة المتعاقدين ولم يكن في الإمكان توقعها ولا دفع حدوثها وليست من عمل أحد المتعاقدين، ولكنها مع ذلك لا تجعل من تنفيذ الالتزام مستحيلا (كما هو الشأن في القوة القاهرة) ولكنها تجعله عسيرا فقط. ويضاف إلى ذلك أن الظروف الطارئة تكون عارضة عكس القوة القاهرة. بناء على هذا التعريف، يمكن استنتاج أن توصيف السيد بنكيران لرغبته في التحلل من التزامه (بالمعنى الدارج الكلمة وبالمعنى الشرعي العهد وبالمعنى القانوني التعاقد) بأنه قوة قاهرة غير دقيق؛ لأن ما يحدث من وقائع وصعوبات كان متوقعا من جهة، ويمكن دفع حدوثه من جهة ثانية. لقد كان متوقعا أن يعرف تشكيل الحكومة صعوبات بسبب نتائج الاقتراع التي أفرزت خريطة "مبلقنة" تجعل الحزب المتصدر رهينة للابتزاز وليس التفاوض؛ لأنه لم يحز أغلبية مريحة بسبب النظام الانتخابي، ولأنه لم يبذل مجهودا طيلة ولايته المنصرمة لإصلاح هذا النظام الانتخابي الذي يعلم مسبقا أنه سيكون أول ضحاياه، ولأنه مع هذا القصور في النظام الانتخابي لم يفعل مبدأ أخلاقيا كان يمكنه التقليل من أضرار هذا الخلل الانتخابي، وهو اشتراط توضيح التحالفات قبل الاقتراع ليكون الناخب على بينة من أمر؛، بل إن حزب العدالة والتنمية خالف وعده أثناء الحملة الانتخابية، حيث كان يعطي الأولوية لاستمرار تحالفه الحكومي بعد الانتخابات، وهو تحالف مشكل من حزب التقدم والاشتراكية والحركة الشعبية والتجمع الوطني للأحرار، ولكنه فاجأ الرأي العام بعد 7 أكتوبر بإصرار على جعل حزب الاستقلال جزءا من أغلبيته الحكومية. ولقد كان متوقعا صعوبة الارتكاز، في تقوية الموقع التفاوضي، الارتكاز على مخرجات الإرادة الشعبية انتخابيا؛ لأن ضعف نسبة المشاركة يجعل رئيس الحكومة في موقع ضعيف، لأنه متصدر للانتخابات بأقلية ناخبة من القلية المشاركة وليس بإرادة شعبية. ولقد كان متوقعا جدا حصول تباين، يصل إلى التناقض، في تأويل الفصل ال47 من الدستور بسبب الغموض الذي صيغ به وغياب بدائل منصوص عليها بشكل قطعي الدلالة في الفصل نفسه حتى يتم تجنب اللجوء إلى فصول أخرى لفك الغموض والقصور في هذا الفصل. كما كان معروفا مسبقا صعوبة الاحتكام إلى الأعمال التحضيرية لإعداد الدستور؛ لأنها غير متاحة للعموم إلى حد الآن، بالرغم من مرور أكثر من خمس سنوات على صدور هذا الدستور. ولقد كان متوقعا جدا تمرد التجمع الوطني للأحرار بهذه الطريقة؛ لأنه اختار، قبل الانتخابات، التموقع بعيدا عن أغلبيته الحكومية أثناء تقديم الحصيلة الحكومية، وفضّل وزراؤه عرض حصيلة القطاعات التي يدبرونها بعيدا عن التضامن الحكومي المطلوب خلال نهاية الولاية. ولقد كان متوقعا كذلك خضوع السيد بنكيران للابتزاز عوض التفاوض. وقد نبه إلى ذلك الأمر باحثون كثر، وعبرت عن ذلك بشكل واضح في ندوة مباشرة بعد إعلان النتائج قلت فيها إن فوز العدالة والتنمية هو انتصار بطعم الهزيمة؛ لأنه سيخضع لابتزاز سياسي وليس تفاوضا كما هو متعارف عليه. ومن ثم، كان الأولى أن يستحضر حزب العدالة والتنمية ذلك ليضع سيناريوهات متعددة عوض التمسك غير المفهوم بوجود حزب التجمع الوطني للأحرار في أغلبيته، بالرغم من تمنع هذا الأخير واشتراطاته المبالغ فيها وغير المنطقية منذ الإعلان عن النتائج حين تسبب في تعطيل بداية المشاورات حتى يرتب بيته الداخلي، ثم بسبب اشتراطه التفاوض معه على أساس تحالف مع "الاتحاد الدستوري"، ثم، في مرحلة ثالثة، بسبب إصراره على استبعاد حزب الاستقلال من الأغلبية الحكومية. لكل ما سبق، فإن استحالة توقع ما حدث منتفية، ولا يمكن تفسير واقعة التعثر بالقوة القاهرة. العنصر الثاني في حالة القوة القاهرة هو استحالة دفع حدوث هذا التعثر، وهذا بدوره ينتفي في ما نعيشه منذ 10 أكتوبر، يوم تعيين السيد بنكيران، وقد مرت إلى حد الآن قرابة الثلاثة أشهر، وهي مدة كافية لاستنتاج مدى القدرة على تشكيل حكومة من عدمها، وهي المدة المتعارف عليها كمهلة لرئيس حكومة معين في النظم المقارنة. ولكن الذي لوحظ هو نوع من المراهنة على عنصر الزمن كحل لهذا "البلوكاج"؛ لأن الفصل ال47 من الدستور لا يقيد رئيس الحكومة المعين بمدة زمنية كافية، ولكن لقاء مستشاري الملك (المنوني والقباج) يوم السبت 24 دجنبر مع رئيس الحكومة المعين بمقر رئاسة الحكومة ونقلهما لرسالة الملك بضرورة الإسراع بتشكيل الحكومة وربط ذلك بانتظارات الملك والشعب شكل نوعا من التأويل العملي الملزم للدستور. وقد لوحظ خضوع رئيس الحكومة وحزبه له، بدون مناقشة. بل إن اختيار المستشار الثاني، مكلف بالمجال الاقتصادي وبالملف الإفريقي خصوصا، رسالة إلى رئيس الحكومة حول التداعيات السلبية للتأخر على السياسة الخارجية للمغرب وصورة المغرب والأوراش المفتوحة في هذا الصدد. وهذا نقيض ما ظلت تحمله تصريحات الكثير من الفاعلين الحزبيين، وضمنهم رئيس الحكومة، حول عدم تأثر البلاد بغياب حكومة. وخاصة تصريح بنكيران، وهو رئيس حكومة تصريف الأعمال، أثناء لقائه بشبيبة حزبه في بيته يوم السبت 19 نونبر عندما قال لهم: "لا أخرج كثيرا من البيت لأني لا أرى داعيا لذلك، إذا كانت هناك مشاكل أحلها هنا وإذا كانت هناك وثائق تحتاج إلى التوقيع أوقع عليها هنا، وإذا كان هناك من استقبال أقوم به هنا". ولعل هذا التصريح هو ما يفسر سبب اختيار مستشاري الملك للقاء يوم السبت، وهو يوم عطلة، وفي مقر رئاسة الحكومة، وهو مكان عمل. وربما في ذلك رسالة أخرى، وهي تعثر سير عمل حكومة تصريف الأعمال التي لم تعقد منذ تعيينها سوى ثلاثة اجتماعات يتيمة واضطرارية، وهي: المجلس رقم 221 يوم 24 أكتوبر 2016، وكان اضطراريا للمصادقة على مشروع مرسوم 877-16-2 المتعلق بوقف استيفاء رسم الاستيراد المطبق على العدس بعد الارتفاع المهول لثمن هذه المادة والخوف من التداعيات الاجتماعية لذلك؛ والمجلس رقم 222 يوم 15 دجنبر 2016، وكان اضطراريا كذلك للمصادقة على مشروع مرسوم 1010-16-2 المتعلق بفتح الاعتمادات اللازمة لسير المرافق العمومية والقيام بالمهام المنوطة بها، وكذا المصادقة على مشروع مرسوم 1011-16-2 الخاص باستخلاص بعض الموارد عن السنة المالية 2017. ووجه الاضطرار واضح بسبب تعثر مصادقة البرلمان على القانون المالي ووجوب اتخاذ تدابير تنظيمية لاستمرار المرافق العمومية؛ المجلس رقم 223 يوم 27 دجنبر 2016، وكان اضطراريا ليس بسبب جدول أعماله، وقد أدرجت فيه بشكل غير استعجالي نقطة وحيدة هي المصادقة على مشروع قانون رقم 82.16 الخاص بتصفية ميزانية السنة المالية 2014؛ ولكن تصريح الناطقة باسم الحكومة ركز على تداعيات المشكل مع موريتانيا عوض مشروع القانون هذا الذي بدا غير ذا أولوية واستعجال. ومقابل هذا التعثر في عقد اجتماعات الحكومة، وكان الاجتماع في الحالة العادية أسبوعيا كل خميس، هناك حركة نشيطة لوزراء القطب الاقتصادي بتزامن مع الزيارات الملكية لدول إفريقية وتوقيع على اتفاقيات، على المدى المتوسط والبعيد، لا ترهن فقط الحكومة القابلة، وهو شرط في صحة عمل حكومة تصريف الأعمال، ولكنها ترهن مستقبل أجيال بكاملها، وهو ما يناقض طبيعة مهمة تصريف الأعمال كما هي متعارف عليها قانونيا، وكما يتعامل معها رئيس حكومة تصريف الأعمال ولكنه لم يحتج نهائيا. كما شكل هذا اللقاء تفسيرا مخالفا لتصريحات السيد بنكيران والعدالة والتنمية حول هذا التعثر، وهم الذين دأبوا على وصف ما يحدث من "بلوكاج" بأنه أزمة أحزاب ومشكلة سياسية وليست دستورية، ولكن اختيار المستشار الملكي عبد اللطيف المنوني، رئيس اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور، كان رسالة بأن المشكل دستوري. وقد كانت هذه هي الضربة الثانية التي تلقاها رئيس الحكومة الذي كان تفسيره بأنها أزمة أحزاب تستهدف استبعاد التحكيم الملكي وتفعيل الفصل ال42 من الدستور الذي ينص على أن "الملك رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات، وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة". كما شكلت الخرجات الإعلامية لبعض أعضاء اللجنة الاستشارية قبيل هذا اللقاء اتجاها معينا لتفسير غموض الفصل ال47 تارة بحق الملك في تعيين شخصية أخرى من الحزب المتصدر بسبب عدم التنصيص على رئيس الحزب، وتارة بحق الملك في تعيين شخص من حزب آخر، وليس الثاني فقط، رئيسا للحكومة، وتارة وصل التصريح إلى حد التحلل من إمكانية الرجوع إلى الأعمال التحضيرية كوسيلة وحيدة لفهم قصد المشرع بعد تصريح الأستاذ عبد العزيز المغاري، في ندوة نظمتها جمعية القانون الدستوري يوم الجمعة 23 دجنبر حول نتائج انتخابات السابع من أكتوبر، بأن اللجنة الاستشارية لا تتوفر على أعمال تحضيرية بالمفهوم المتعارف عليه للأعمال التحضيرية في الأنظمة الديمقراطية العريقة؛ لأنها كانت استشارية ولم تكن تأسيسية، ولم تكن ابتدائية ونهائية"، مؤكدا أن "ما راج فيها، وما تم التوصل إليه داخلها، لا يعد مرجعا للفصل بين تأويل وتأويل للمقتضيات الدستورية"، وأن "اللجنة لم تتبن ولم تعتمد في نهاية أشغالها محضرا رسميا لأشغالها، يمكن الرجوع إليه والاعتداد به" (تجنبا لأي التباس اعتمدت في نقل كلام الأستاذ المغاري على البيان التوضيحي الذي أصدره شرحا لما قاله في الندوة). كان يمكن للسيد بنكيران دفع حدوث هذا التعثر "البلوكاج" بوسائل دستورية وقانونية وسياسية ومجتمعية. فأمامه خيارات كثيرة من قبيل: تشكيل أغلبية حكومية بإشراك "الاتحاد الاشتراكي" الذي خرجت لجنته الإدارية "برلمان الحزب" في اجتماع 12 نونبر بقرار المشاركة في حكومة عبد الإله بنكيران وفوضت إلى المكتب السياسي للحزب التفاوض خلال المشاورات؛ لأن بنكيران بهذه الموافقة الاتحادية أصبح يتوفر على أغلبية مريحة مكونة من 203 برلمانيين وهو محتاج فقط إلى 198 برلمانيا (العدالة والتنمية: 125، التقدم والاشتراكية: 12، حزب الاستقلال: 46، الاتحاد الاشتراكي: 20. أي أن المجموع هو 203). ولكن لاحظنا تصريحات لبنكيران ترفض صيغة بلاغ اللجنة الإدارية وتشترط على الاتحاد الاشتراكي قبولا مبدئيا للانضمام إلى الائتلاف دون شروط، وبعدها يفتح النقاش حول البرنامج الحكومي والهندسة الحكومية بالرغم من أنه لم يتبع المنهجية نفسها تجاه اشتراطات أخنوش والعنصر التي وصلت إلى حد التصريح المهين لرئيس الحكومة يوم الجمعة 30 دجنبر بأنهما أعطيا مهلة يومين لبنكيران ليرد عليهما. لماذا هذا التشبث بالتجمع الوطني للأحرار بشروطه التعجيزية؟ ولماذا استبعاد الاتحاد الاشتراكي الذي أبدى رغبة في المشاركة؟. كان أمام بنكيران خيار ثان، هو استكمال مسطرة تشكيل الحكومة بما عنده من نصاب والذهاب إلى البرلمان (الفصل ال88 من الدستور) لنيل الثقة. وهنا قد ينال هذه الثقة وهو متوفر على أغلبية 203 وقد يتخلف الاتحاديون، فينال الثقة كحكومة أقلية أو يرفض مجلس النواب إعطاء الحكومة الثقة، ولن يتضرر رئيس الحكومة من ذلك؛ لأنه سيضع المسلسل كله أمام الاختبار وأمام الرأي العام من موقع قوة ومصداقية واحترام لإرادة الناخبين المشاركين بالرغم من قلتهم.. والمستفيد في هذا الخيار هو بنكيران؛ لأنه، في كل الأحوال وبناء على نتائج الاقتراع ومسار "التفاوض"، مضطر لتشكيل حكومة غير منسجمة وضعيفة وبإيقاع بطيء وبقرارات توافقية وبسقف لن يتجاوز الحد الأدنى في الإنجاز، سواء بالتجمع الوطني للأحرار أو بحزب الاستقلال أو بهما معا أو بدونهما لأنها ستشتغل بمنطق الإطفائي لتفادي التصدع الحكومي كأولوية. وكان يمكن أن ينال الثقة كحكومة أقلية، وستبقى حكومته ضعيفة تجاه مجلس نواب لا تتوفر فيه على أغلبية وتجاه مجلس مستشارين لا تتوفر فيه كذلك على أغلبية. وبذلك، فالتعثر آت ومن المصلحة الرجوع إلى الناخب عاجلا.. أو يمكن عدم نيل الثقة وحينها سنكون أمام حل البرلمان بمقتضى الفصل ال96 من الدستور من لدن الملك أو الفصل ال104 منه من لدن بنكيران وسيبقى هو الممسك بزمام المبادرة. وفي هذه الحالة سيسد الباب أمام إمكانية أي تأويل آخر غير إعادة الانتخابات. أمام السيد بنكيران خيارات كثيرة وهامش المبادرة أمامه واسع لترجيح أي واحد مما سبق من خيارات؛ ولكنه لا يستطيع تحمل الكلفة السياسية، لأنه - كما كرر في أكثر من مناسبة- لا يريد الاصطدام، ويبحث عن جهات مجتمعية تعدل ميزان القوى لصالحه دون تحمل كلفة ذلك، تكرارا لما حدث سنة 2011. ومن ثمّ، وجدناه يصدر عشية الاحتجاجات ضد الحكرة، بعد استشهاد محسن فكري بلاغا يمنع فيه أعضاء حزبه من المشاركة في هذه الاحتجاجات وفي الوقت نفسه يصرح هو وقيادة وقواعد حزبه بتأييد هذه الاحتجاجات ومباركتها !!؟؟. ولهذا، فالأصعب في تعثر تشكيل الحكومة هو البلوكاج الذاتي الذي يضعه رئيس الحكومة على نفسه، وليس البلوكاج الموضوعي الذي كان منتظرا ومتوقعا ويمكن تلافيه بتوضيح حقيقة "التحكم" وسببه والمتسبب فيه عوض مواجهة مظاهره وتجلياته والتكتم عن المتسبب فيه، بل مغازلته وتبرئته. يبرز المسار المتعثر لتشكيل الحكومة صعوبة الرهان على المدخل الانتخابي بشكله الحالي كمدخل للتحول الديمقراطي؛ لأن الأمر يتجاوز خلل النظام الانتخابي إلى قصور الدستور، نصا وتأويلا، عن الاستجابة للنوازل المعيشة واقعيا، وعجز الإطار السياسي عن استيعاب الطلب المجتمعي المتقدم جدا على العرض السلطوي. ولذلك، سيبقى المُخرج الطبيعي هو حالة العزوف الشعبي والشلل أو الضعف المؤسساتي لفائدة جهات سلطوية تدبر المرحلة دون تحمل مسؤولية سياسية أمام الشعب؛ لأنها تجد هيئات ومؤسسات ترضى لنفسها لعب دور المبيض لصفحات التدبير السوداء التي تفتقر إلى الشعارات التي رفعها المغاربة منذ عقود ورهنوا تفاعلهم ومشاركتهم بتحقيقها. هيسبريس