وجد المنظمون لمهرجان السينما الإفريقية بخريبكة، الذي يعرف تنظيم دورته 16 انطلاقا من يوم السبت المقبل 22 يونيو والى غاية 29 من نفس الشهر، أنفسهم في حيرة لا مثيل لها ، بعد تنكر المجالس المنتخبة والعمالة للمهرجان، والذي يعد أقدم مهرجان للسينما بإفريقيا، بل هو شيخ المهرجانات على الإطلاق (الدورة الأولى انعقدت سنة 1977 ). فالمجلس البلدي لمدينة خريبكة كان قد أصدر قرارا بعدم المساهمة في دعم المهرجان، والذي ينعقد تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة، ولو بدرهم واحد ، ضاربا عرض الحائط المجهودات الكبيرة التي قدمتها المجالس السابقة في إخراج هذا العرس الإفريقي الى حيز الوجود، منذ دوراته الأولى، أو ما قام به المجلس حينما كان تحت قيادة الاتحاد الاشتراكي، حينما تم إعادة قطار المهرجان إلى سكته الصحيحة بعدما توقف لعدة سنوات، بتواطؤ من عدة جهات لا يهما الشأن الثقافي ولا الفني بالمدينة، بقدر ما يهمها المضاربات العقارية والبقع الأرضية والصفقات المشبوهة. فبعدما كان المجلس البلدي لمدينة خريبكة يدعم المهرجان ب 80 مليون سنتيم، جاء قرار إلغاء هذا الدعم باعاز من جهات وضعت نفسها وصية على الدين وعلى الأخلاق، كون مهرجان السينما مضيعة للأموال، وكون بعض المشاركين فيه يعيشون حياتهم بشكل مخالف لهم. متناسين أنهم ومعهم المجلس البلدي برمته ليس له أي تصور أو برنامج ثقافي بالمدينة، التي تعرف فراغا كبيرا بل مهولا وخطيرا على المستوي الثقافي والفني والرياضي، باستثناء مهرجان السينما الإفريقية ومهرجان عبيدات الرما والدور التنشيطي الذي يقوم به فريق أولمبيك خريبكة لكرة القدم، رغم وجود العديد من الجمعيات الجادة وذات مصداقية داخل خريبكة وخارجها، والتي تعمل بإمكانياتها الذاتية، أو بمساعدة بعض شركائها. والتي وضعت على كتفها إنقاذ المشهد الثقافي والفني والجمعوي بالمدينة. عمالة إقليمخريبكة، وفي شخص عامل الإقليم، والذي صادف تعيينه السنة الماضية إقامة الدورة 15 من المهرجان، كان خلال تلك الدورة قد أعطى وعودا كبيرة، كلها تصب في مساندة ودعم المهرجان ماديا ومعنويا، وإعطائه قوة دفع حقيقية من أجل إشعاع محلي ووطني وقاري ودولي، لكن لم يتحقق من تلك الوعود أي شيء، بل تقلص وتراجع دور عمالة الإقليم عن ما كان عليه سابقا، الى درجة أن مؤسسة مهرجان السينما الإفريقية هددت بتوقيف المهرجان في إحدى جلساتها مع عامل الإقليم، لما وجدته من انعدام التعاون في سبيل الدفع بفعاليات المهرجان نحو الأحسن. وبدوره سار المجلس الإقليمي لمدينة خريبكة، في نفس الطريق فالمنحة التي كان يقدمها لمؤسسة المهرجان، أسقطها تحت ذرائع غير واقعية، أهمها، أن المجلس الإقليمي لم يستفد من أي شيء بخصوص فعاليات المهرجان، كذا .... لم يتوصل بدعوات ولا بحقائب. ولم يكن حظ مهرجان السينما الإفريقية مع هذه المجالس والجهات الحكومية بأحسن من حظها مع مجلس الجهة التي صوت ضد مقترح دعم المهرجان، في حين دعم عدة أنشطة أخرى، لها علاقة بكل غاية مفيدة لدى أصحابها. وبعد لم تجد مؤسسة المهرجان السينمائي بجانبها سوى دعم المركز السينمائي المغربي، في شخص نور الدين الصايل أحد مؤسسي هذا المهرجان، منذ انطلاقته سنة 1977 والى اليوم، وهو الرئيس الفعلي للمهرجان، ودعم مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، والدعمان معا لا يتجاوزا 220 مليون سنتيم، ليطرح السؤال عريضا، كيف يمكن لمهرجان بهذا الحجم أن يقام بهذا المبلغ الزهيد، علما أن مهرجانات قارية مماثلة ترصد لها مبالغ مالية عشرات أضعاف ميزانية مهرجان خريبكة. فهل ستنجو الدورة 16 من مهرجان السينما الإفريقية من السقوط بريح الجهات الرافضة للفن والسينما والثقافة، واللاهثة وراء أصوات الانتخابات حتى ولو أضاعت وراءاها ميزانيات أضخم وأكبر من ميزانية المهرجان، أم أن هذه الدورة ستكون انطلاق منعطف آخر للمهرجان.