بعد المصادقة على الدستور الجديد الذي قطع نصف المسافة في الاستجابة لمطالب الحراك السياسي المغربي في التحول سلميا إلى ملكية برلمانية ونظام ديموقراطي حيقيقي وسط اشتعال ثورات الربيع العربي، وإثر الانتخابات البرلمانية التي توصف – رغم ضعف المشاركة- بأنها الأنزه والأكثر شفافية في تاريخ المغرب، وعقب أن وضع جانب كبير من الناخبين المغاربة ثقتهم في حزب العدالة والتنمية لقيادة المرحلة الحالية، أجدني كمهاجر مغربي مقيم بالديار الماليزية أتساءل عن موقع ملايين المغتربين المغاربة في الأجندة السياسية للنظام المغربي الرسمي. لا يخفى على أحد حجم المرارة والاستياء الذي يشعر به كل مهاجر مغربي، سواء اتجاه الأجهزة الصورية والشكلية التي نُصّبت ظلما وافتراء للتحدث باسم الجالية المغربية بالخارج، على شاكلة ما يسمى بوزارة الهجرة، أو مجلس اليزمي (نسيت اسم المجلس)، وغيرها كثير، أو اتجاه وزارة الخارجية وسفاراتها بالخارج، حيث ابتُلي المغاربة بسفراء و"دبلوماسيين" معظمهم يعيش خارج السياق والمنطق والتاريخ.. بلا هوية ولا طعم ولا فائدة.. إلا من مراكمة المصالح الخاصة، وتمضية الوقت في الحفلات والاستهتار والعبث الذي دفع المغرب وما يزال ثمنه باهضا في المنابر والمحافل الدولية.. أما آن الأوان للانخراط في اهتمام حقيقي وجدي بقضايا مغاربة المهجر، واحترام حقوقهم وذكائهم، خاصة وأنهم يشكلون قوة اقتصادية كبرى وكفاءات متقدمة في جميع مجالات العلم والمعرفة. أما آن الأوان لنفض الغبار عن وزارة الخارجية وسفاراتها وقنصلياتها بالخارج، وقد عششت فيها البيروقراطية والتخلف والمحسوبية، وتطهيرها بمساحيق الديموقراطية والكفاءة والنزاهة والولاء للوطن لتطهيرها من كل أشكال الفساد والتعفن. السيد عبد الإله بن كيران، الذي أبارك لحزبه تصدر نتائج الانتخابات، وله شخصيا رئاسة الحكومة وأتمنى له كل التوفيق والنجاح، كان قد زار ماليزيا سنة 2007 والتقيته قرابة الساعة بالفندق الذي استضاف آنذاك مؤتمرا برلمانيا للدول الإسلامية بالعاصمة كوالالمبور، وقد تحدثنا مطولا عن أوضاع البلد ومشاكل المهاجرين، وتكونت لديه صورة كاملة ورؤية واضحة، خاصة بعد أن عاين بنفسه أداء السفارة المغربية بماليزيا وطاقمها العجيب.. فهل ستستجيب الحكومة المقبلة لتطلعات مغاربة الداخل والخارج؟ سنظل دائما متفائلين وطموحين ومتطلعين إلى أن نرى بلدنا الحبيب يطوي المسافات ويرتقي سلالم التقدم والتنمية، فيكفينا ما أهدرناه من فرص سابقة.. والوقت غير مناسب إطلاقا لاختبار أنصاف الحلول وتقديم التنازلات، أو اعتماد أساليب الترقيع والتسويف والتبرير.. وتكرار التجارب المغشوشة.. فإما أن نكسب الرهان هذه المرة أو أن نغامر بوضع الوطن على صفيح ملتهب سيأتي على ما تبقى من الأخضر واليابس.. نضع أيدينا على قلوبنا، ونتمنى لبلدنا المغرب أن يكون النموذج الأمثل في التحول الديموقراطي السلمي إلى الأفضل والأحسن.. * إعلامي مغربي بوكالة الأنباء الوطنية الماليزية (برناما) www.bernama.com المدير التنفيذي للأكاديمية الدولية للغات والتدريب والترجمة بكوالالمبور www.viacademy.com رئيس رابطة الثقافة العربية بماليزيا www.arabmalaysiabridge.com