معلوم أنه من المشاكل التي قد تصادف الفلاح كساب الأغنام مسألة رضاعة الحملان اليتيمة التي تولد ولا تجد ما ترضعه بسبب موت الأم أو مرضها ، فيكون الحمل الذي يعاني من هذه المشكلة مدفوعا لأن يبحث عن ضرع نعجة كيفما كانت ليأخذ قسطه من الحليب لكن النعجة التي يقصدها تصده وترفضه، ومع هذا الوضع يحتاج المربي إلى أن يبحث عن طريقة تجعل النعجة تقبل هذه الوضعية الجديدة، حيث يتم التحايل على أم بديلة من النعاج ولدت في وقت ولادة الحمل اليتيم وفقدت نتاجها، أو على نعجة ذات إدرار عال من اللبن يسمح لها بإرضاع حمل آخر. وحتى تتم عملية التحايل يدس الحمل اليتيم تحت النعجة الكفيلة لإرضاعه بعد أن يغطى بفروة الحمل النافق الميت، أو تؤخذ بعض إفرازات الحمل النافق ويدلك بها جسم الحمل المراد تبنيه ويقدم إلى النعجة لإرضاعه. وهناك طرق أخرى تتجلى في ربط رأس النعجة ومحاولة منعها من شم الحمل، أو ربط كلب قرب الحظيرة وبمجرد ما ينبح ستحمي النعجة الحمل وستتاقلم معه، أو يتم رش جسم الحمل أو مخطم النعجة بمادة نافذة تعطل لديها حاسة الشم. هي طرق كثيرة، لكن وصفتنا اليوم استعرناها لنتحدث عن واقع الأحزاب السياسية بالمغرب وفضائح الترحال السياسي، التي نسمع عنها يوما بعد يوم مع قرب الانتخابات التشريعية المهزلة، وفي الشبه بين حالات الحملان اليتيمة المتبناة وواقع الأحزاب المغربية حاليا وجوه كثيرة، اللهم في بعض الأمور التي سنأتي على ذكرها. عملية التكفيل أو التبني التي نسميها باللغة الأمازيغية "أسرام" أضحت كثيرة هذه الأيام، فإذا كانت النعاج كما هو محسوم علميا غير عاقلة، ويمكن التحايل عليها، فكيف سنسمي احتضان أحزاب معينة لمتحزبين خرجوا من دوائرهم الحزبية وهم في كامل صحتهم العقلية، والأخطر أنهم يريدون التحايل على شعب عاقل !!! إنه واقع مريض مخز يكشف عن الآفة الخطيرة التي أقعدت العمل السياسي بالمغرب، وأبقت على جماهير وطوابير مصطفة فاغرة أفواهها، أو واضعة الحناء على أفواهها باسم المقدس، الذي أضحى معه الحديث عن الفساد خطا أحمر يدخل ضمن الإساءة للدوائر العليا، وإن لم يتم التصريح بذلك دون لف، ففي الممارسات التي يتم السكوت والتغاضي عنها ما يفيد من التضمين والتواطؤ. ما يثير في مسألة الشبه بين الحملان المتبناة ورحالة الأحزاب السياسية، هو الاختلاف في نوعية مواد التحايل، فإذا كانت النعاج تتبني الحملان بتغطية الأخيرة بفراء الحملان النافقة فإن الأحزاب المستقبلة للراحلين تستقبلها بمدى تقرب هؤلاء إلى منطقة الفساد والظل المحمي. وإذا كانت تتبناها عن طريق تدليكها بإفرازات الحملان النافقة، فإن الأحزاب تتبنى الراحلين بمحاولة استوجاد وصفة التقارب ولو طارت معزة !!! ولتبرير الموقف يساق مبرر تقارب الرؤى بين الأحزاب اليمينية التي وقع بينها الترحال، وأنتم يا سادة تعلمون أن 34 حزبا من تلك الأحزاب لا مرجعية لها إلا التقرب إلى دوائر القرار، ونهب ما تبقى من الفتات أو التوغل إلى جيوب البسطاء. المثير أيضا في المسألة هو أن الأحزاب السياسية المغربية قد لا تتبى حملا عفوا رحالة متحزبا كيفما كان، لكن غالبا ما تبحث عن السمينة جيوبهم، على عكس المربي الذي لا يشغله إلا أن يجد الحمل اليتيم ما يرضعه. ختام القول، لا قشيب ولا جديد في معركة محسومة أصلا لصالح الفساد.