إن المتتبع لنتائج الانتخابات المحلية 2015 يقف مذهولا أمام تراجع كبير لليسار في الساحة السياسية بالمغرب وبالمقابل تعاظم المد الاسلامي مما يحيلنا على عدة تفسيرات للوضعية الحالية لليسار . إن الاسباب وراء هذا التراجع يمكن حصرها في ستة أسباب كبرى : اولا : لقد اصبح الخطاب السياسي لدى هذه الاحزاب متجاوزا ، وبالتالي فإن النخب ذات التوجه اليساري ظلت عاجزة على تجديد خطابها السياسي حتى يتلاءم و الظرفية الراهنة ثانيا : ضعف القيادات الحالية على اظهار كاريزمة جذابة ، واقتصارها على لغة الخشب والانفعالات التي تزيد في إضعاف صورتها أمام الرأي العام ثالثا : تملص بعض الاحزاب السياسية اليسارية من الشعار الذي رفعته في أوج عظمتها " الرجل المناسب في المكان المناسب" والانسياق بدورها وراء " أصحاب الشكاكير" ، فاعتبرت القواعد ذلك خيانة من هذه الاحزاب لمبادئها رابعا : الصراعات الداخلية حول المناصب و الكراسي و بناء الثروات والتحكم في السلطة و التماهي في الجاه والابتعاد عن المبادئ الكبرى للفكر الاشتراكي روح هذه الاحزاب خامسا : غياب التواصل مع القواعد و غياب التكوين و التأطير الحزبي للشباب الذي يعيش في الهامش أو في ظل الزعامات الكبرى لهذه الاحزاب ،مما يقتل روح المبادرة وروح التجديد و الابتكار داخل الحزب ويضيق الدائر الداخلية له ، وكذا تهميش سكان المغرب العميق في برامج هذه الاحزاب و الاقتصار على المدن الكبرى القريبة من مركز القرار سادسا : الخوف من الطبقة المثقفة و المتعلمة التي كانت الدينامو و المحرك الاساس لقاطرة اليسار و واضع خريطة طريقه و الانزواء نحو الشعباوية ، فأفقد ذلك هذه الاحزاب قوتها و صارت أحزاب "كراكيز. وسنختم هذا المقال بحكمة لبوذا يقول فيها : "لا تبقى في الماضي ، ولا تحلم بالمستقبل ، بل وجه عقلك نحو الآن ."