جو شاحب ووجوه حالكة معفرة بعذابات الأزمنة الغابرة مناخ متقلب قاتل بحره وقره، الكل يسبح في عتمة الانفراد والتأمل اللامحدود ... إنها فعلا حياة الانتظار والترقب وشد الرحال إلى واقع مجهول مخمور بنشوة الفرج والارتماء في حضن الانعتاق. عقليات جاهلة تتخبط في الظلام والوحشية وتترصد لأسرار الآخرين للإيقاع بهم في دياجير الحماقات الصبيانية التي لا فكاك منها لكل من سمح لنفسه بالانغماس فيها، وحياة جهنمية تعلوها سحب الغدر والخيانة المحاطة على رؤوس الأبرياء. حياة متمردة هاربة من شواظ البطالة وتترقب الانعتاق، إلا إنها فوجئت بنار تتلظى على جنبات وعتبات المحفل الرهيب العتيق الذي يومئ بحمل النعش على الأكتاف إلى الأكتاف إلى أقرب مقبرة مقفرة يجوبها بين ليلة وأخرى الغراب والبوم والكلاب ... هكذا يلقى في الجب كل يوم بحلم من أعياه الانتظار وبصبر أمثال أيوب وسيزيف ... ويقتل الأمل في مهده ويقبر الطموح في صباه فيصبح الطفل كهلا وتصبح الطفلة عانسا ... وتتبخر كل الآمال ... آمال من أعياه الإنتظار!! المصطفى الحسناوي -