لقد تبخرت أحلام فئات عريضة من المغاربة بغد أفضل عنوانه التوزيع العادل للثروات وإعلاء كلمة القانون، ومحاربة أخطبوط الفساد، وتحقيق الرخاء الاجتماعي ..... وغيرها من الشعارات التي كانت تصدح بها حناجر كل تواق إلى شمس الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، فعلا تبخرت في بيداء كلها إحباط ومآسي. فمع مجيء حكومة بن كيران أطلق العنان للمخيال الشعبي ليرسم لوحة وردية تنطق عدالة اجتماعية وعيشا كريما ولا تتبلور على أرض الواقع ، ولا نخفي أننا توسمنا في حزب المصباح أملا عريضا وانعتاقا من أغلال بؤس اجتماعي جثم طويلا فوق أجسادنا وحوّل طوابير لا متناهية من شباب بلدنا إلى قرابين تفترسها الحيتان في عرض البحر. لكن للأسف الشديد ومع مرور الأيام باتت الأماني والأحلام في خبر كان. لأن حكومة بن كيران اختارت أن تسبح ضد التيار لتضرب أحلام أجيال برمتها عرض الحائط، وتمضي قدما في دوامة زيادات متتالية ألهبت الأسعار، فما كان للمواطن البسيط إلا أن يتجرع مرارة التضحية بقدرته الشرائية المنهكة أصلا. غير أن مسلسل الإحباط لا يتوقف عند هذه الحلقة، بل يمتد ليشمل قضايا شائكة راوحت مكانها حتى في ظل الحكومة الجديدة، كمعضلة التعليم التي زادت استفحالا بفعل حالة الفراغ والجمود الذي تمر به الوزارة الوصية. ولا يخلو قطاع الصحة هو الآخر من مشاكل معقدة، كالخصاص المهول في الأطر الطبية وضعف البنيات الاستشفائية عبر جل التراب الوطني ، ناهيك عن استحالة الولوج إلى الخدمات الصحية في المناطق النائية بسبب غياب المراكز الطبية، مما يضاعف من معاناة الساكنة التي تتجشم عناء التنقل إلى الحواضر الكبرى. إن حالة الاحتقان هذه، التي يعيشها المجتمع تشي بالكثير من الدلالات حول عدم قدرة الحكومة على التعاطي مع مجموعة من القضايا الاجتماعية والاقتصادية بالكفاءة المطلوبة. وتؤشر بذلك على حالة التخبط التي وسمت العمل الحكومي في كثير من الرهانات. بقلم : يوسف عيادي