ستة عقود ونيف ،والعدو الإسرائيلي يحاول عبثا حسم صراعه الباغي مع الفلسطينيين ، وبالرغم من آستخدامه لكل طاقته العسكرية المتوحشة ،والسياسية الخبيثة لإذلال الشعب الفلسطيني وطمس هويته، ونفيه بل لإلغائه من التاريخ ،فخسئ ولم ينل غاية مطمحه ووهمه ، ورغم كل الدعم والدلال المتوفرين له،من قوى الإستكبار الصهيوماسونية ، لم يستطع كبح جماح المقاومة المباركة ، التي ازدادت على العكس شراسة و ضراوة، فيما أصبح هو أكثرتعصبا وتشددا و ضيق أفق ، و تبعثر نسيجه الديموغرافي ، فصار أكثر شرقية،ولم يعد ينتصر في حروبه الإفترائية ،والتي أمست في عقر دارالمشروع الصهيوني ، ولم يعد يحدد لها البدايات ولا النهايات،ولم تعد كما توهم آستباقية أو وقائية ، ومضمونة النتائج، ولم يعد الإنتساب الى التساحال يشكل آخر الشرف و كل التميز، فأصبح بلا عمق جغرافي و ديموغرافي ، واكتشف أخطر عيوبه و أقواها ، فجبهته الداخلية رخوة جدا بل في النزع الأخير ،وأصبحت المغتصبات نقطة ضعفه الكبيرة ، بسبب تعدد عرقياتها وألوانها ،ولم يكن على بال العدو الإسرائيلي أن يحرق مواطنوه يوما ذواتهم ،آحتجاجا على ضنك العيش والفساد وشظف الحياة جراء التمييز،يعني نار ملتهبة سياسيا وأمنيا ،ويزيد من حماوتها الإنقسام العمودي والأفقي حيال حكومة البغيض نتنياهو، كل هذا يعني أن المشروع الصهيوني لم يعد مشروعا جاذبا و مغريا لحثالة الشتات. وبسبب غطرسته وتهوره وسياسته اللامجدية و رفضه الدائم الإعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني ، فإنه جرب مرة أخرى حربا همجية جديدة ،كانت شرارتها اغتيال الجعبري أحد كوادر المقاومة ،فلم يكن في حسبانه المركب أنها الطعنة النجلاء في قلبه النجس تماما حين أمطرت صواريخ المقاومة تل أبيب والكنيسيت وبيوت القادة والساسة ،وهو كابوس ما كان للهمجي أن يحلم به أبدا، فقد توقع أن تسقط الصواريخ على كيانه الزائف من جهات عدة إلا من قطاع غزة ، ولكنها سقطت ، وشاهدها القاصي والداني تغير صفاء أجوائه بالسديم، فأين القبة الحديدية ؟وأين الوعيد والثقة الزائدة بالنفس ؟ كله كذب لم يمنع ذلك! فكل هذا البغي والتوحش ،لأن إسرائيل تعتبر القطاع كيانا معاديا تقوده مقاومة غير ملتزمة بالتنازلات المفضوحة المبرمة بينها وبين سلطة عباس وزمرته الداعرة ممن آمتطوا صهوة ليفني العاهرة ،فباعوا ؟؟؟ فالقطاع بالنسبة للعدو هو العدو،والغامض الكحلي و سيظل مشروع عدو دائم ،والغزاويون مشاريع شهادة لهم التسنيم ، ففي ملهاة عامود السحاب وانسياب العدوان على المقاوم، تزامن هذه المرة مع عدوان ثان ،بدايته التهديد بإطاحة المفاوض في الضفة الغربية ،الذي أصر على التوجه إلى الأممالمتحدة وهو ما اعتبره العدو خروجا من منظومة أمنه الهش ،وخرق لبنود صفقة أسلو الموبوءة وكل هذا طبعا بدعم معتاد من الحاضنة واشنطن التي أيدت الهجوم البربري للجيف تحت مسوغ الدفاع عن النفس ،فالمقاوم والمفاوض أصبحا سيان للعدو، في حين أن المفاوضات ويسميها الكثيرالتنازلات كانت السبب الصريح في خصامهما القديم ،فكيف يعلن أبو صواريخ عبثية انه عائد للمفاوضات هذه المرة بآسم الدولة ، وتحقيق ما فشل فيه تفاوضيا،وكلنا يعرف أن ماحققه يبقى مجرد مكسب رمزي،لن يكون له أي أثر فعلي في كسب رهان ما يسمى قضايا الوضع النهائي ،بسبب فاعلية اللوبي الصهيوني في مختلف المنظمات والهيئات الدولية ،وتلويح واشنطن بورقة الفيتو الجائر،بالإضافة الى تشردم الموقف العربي وقربه إلى الغيبوبة، بل قد يكون عامل آحتقان وتناحر جديدين،في ظل غياب اللحمة الوطنية ،وعدم التوافق والتفاهم بين المفاوض والمقاوم على استراتيجية جديدة تكون فيها الأولوية للوطن فقط ،وتمنع إراقة الدماء مرة أخرى على منحر خلافاتهما الايديولوجية التي أزالت الوقارعنهما ،الأن أحرى بهما إعلان تعاقد وطني بامتياز، قطباه يد ممدودة وعصا غليظة ، كما قال الراحل أبو عمارفي الأممالمتحدة (جئتكم وفي يدي غصن زيتون وفي يدي الأخرى بندقية) ،وهنا الحكمة ، والسر في صنع ملحمة الحرية لوطن شرفكم بالإنتماء إليه . دون ذلك سيبقى المفاوض بيدقا يشحذ الفتات فقط ، ويتحكم في قراراته حمد العتال الذي بايع اليهود على السمع والطاعة والداعم الخلفي لخراب الأمة ، أما المقاوم فهو بالنسبة للعدو حالة شاذة يجب آستئصالها ،وستبقى صواريخه هاجس رعب لكل مغتصب ،وضاغطا سياسيا لحرق القطاع كل مرة وجعله محنة وكابوسا لايطاق ،وسيحضى بتكالب جديد من الحكام العرب المتقاعسين الى درجة التواطؤ،الذين اختاروا الوساطة الأقرب إلى القوادة وهذا مايجيدونه ،عوض أن يكونوا طرفا مباشرا في القضية ، وينضاف الخزي الى الحزن حين ترى صبيانهم يتسابقون إلى غزة العزة ،في زيارات لاتتجاوز الساعات لأخذ الصور وصنع مجد واهم، على حساب جراح واآلام ألآف المكلومين المستغنين عن زيارة شرذمة الحناكل. فأهل فلسطين في حاجة الى فتح المعابر ودخول المساعدات ،وقطع الغازعن العدو وإلغاء كل المعاهدات وقطع العلاقات الديبلوماسية السرية والعلنية ،أما السلاح فهم لا يطلبونه ،لأنهم يدركون جيدا أن طواغيث الأمة يكدسونه للفتك بشعوبهم . أمام المقاوم والمفاوض فرصة تاريخية لرسم البداية ،وتحقيق حلم الدولة الفلسطينية عربون وفاء لكل الشهداء والأسرى والأرامل واليتامى والثكالى والمهجرين ،فلا أحد يطلب المغانم على حساب الذين دفعوا المغارم ،وعاشت فلسطين حرة أبية . المصدر: http://www.lemonde.us/2012/12/blog-post_2.html