هي الغرابة أن يصدر من معطل عايش أوضاع القهر والبطالة مثل ما صدر من معطلين كفاهم الله شر البطالة ، فأصبحوا موظفين في قطاع التربية الوطنية ، غرابة استوقفتني كثيرا وقلبتها كثيرا علني أجد جوابا شافيا غير ذاك الذي يقول بشأنه المثل الشعبي " الطمع طاعون " ، لا جواب يشفي الغليل عندما ينتصب من كان بالأمس رفيقا لك في درب النضال حاملا سوط الإقصاء أكثر من السلطات ، أو بتعبير آخر ، مشاركا السلطات في هدم نضالية المعطلين الشرفاء المنادين بتكافؤ الفرص والقطع مع سياسة المحسوبية والزبونية والولاءات خدمة للمصالح الذاتية الضيقة . ولتوضيح الأمور وجب تذكير الرأي العام الوطني والمحلي بمايلي : لقد عرفت مدينة خنيفرة على غرار العديد من المدن احتجاجات للمعطلين يطالبون فيها بالتشغيل وحفظ الكرامة ، واشتد وطيس هذه الاحتجاجات موازاة مع الحراك الفبرايري المجيد ، ليظهر في الأفق شبه اتحاد للمعطلين على مستوى مركز خنيفرة تم الإجهاز عليه بتدخل قوى خفية كانت تسعى لأن تستفيد من الولاء والانضواء تحتها ، كونها كانت إطارا نقابيا سعى بكل ما يملك من قوة لإجهاض مسلسل الاتحاد المذكور ، وذلك تصريفا لأجندة صراعية مع إطار حقوقي ، ليصبح بذلك هم المتناطحين النيل من بعضهم البعض ، ولأن الأحقية التاريخية كانت في يد الجمعية الوطنية لحاملي الشواهد المعطلين بالمغرب ، فقد سعى الكثير من السابحين عكس التيار والمرضى بهوس تعكير أجواء التماسك من أجل المصالح العامة للمعطلين إلى خلق جبهة أخرى للصراع ، جندوا لها المقرات والإملاءات ، وادعوا أنهم بمقدمهم ذاك يرجون تحصين حقوق المعطلين فخلقوا ما يسمى ب " الحركة التصحيحية العميقة من داخل الجمعية الوطنية لحاملي الشهادات المعطلين " إسوة بما كان يجرى أيضا داخل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من طرف محسوبين على الحركة التصحيحية ذاتها ، التي كان شغلها الشاغل هو تفتيت الحراك الشعبي بخلق أجواء صراع بانت و للأسف الشديد نتائجه على الجسم النضالي بتراجع الاحتجاجات الشعبيىة التي كانت تقودها حركة 20 فبراير المجيدة ، هؤلاء الذين سعوا إلى ذلك لم ينطلقوا كما هو متعارف في أدبيات النضال الشريف من نقذ ذاتي تتبلور على أساسه التوصيات ، بل كان غرضهم هو زرع الشتات ، فتجلت بوضوح حقيقة مساعيهم عندما تم طردنا من مقر إحدى النقابات بداعي سعينا إلى جر المعطلين إلى طريق الصدام مع السلطات ، وقد نسي المفكرون " الأجلاء " أنهم قد دفعوا بتلك المجموعة من المعطلين إلى التورط في الدعاية لشعارات فارغة من بينها " المبادرة الوطنية للتنمية البشرية " كيف ذلك ؟ الجواب كالآتي : عمالة إقليمخنيفرة كسرت شوكة اتحاد المعطلين بتوريط أولى المجموعات التي كانت تقول أنها تنتمي إلى " الحركة التصحيحية للجمعية الوطنية لحملة الشواهد " في مسلسل " المبادرة الوطنية للتنمية البشرية " ، وذلك بقبول مشاركتهم في مشاريع تبدو على الورق سهلة لكن الواقع شيء آخر ، وذلك بعد تأسيس إطار جمعوي سموه " جمعية إدماج " ، ليتم بعد ذلك الدخول مع العمالة في مفاوضات وصلت حد استغلال ذات المعطلين في أنشطة دعائية من بينها الدعاية للدستور الذي نجني ويلاته الآن ، ولأن حبل الكذب قصير فقد بانت نوايا الكاتب العام للعمالة الذي كان هو العقل المدبر للاحتواء في الوقت الذي كان فيه عامل الإقليم ، الذي جيء به للإصلاح طريح الفراش ، بل كانت فيه أمور الفساد تتعاظم يوما بعد يوم بعد أن رضخ هو الآخر للوبيات الفساد ، واستطاع تفريخ العديد من المقاولات التي أخذت نصيبها من كعكة " المبادرة الوطنية للتنمية البشرية " وانصرفت إلى حال سبيلها دون حساب ، وبعد ذلك تفتقت قريحة الكاتب العام للعمالة وسعى حثيثا من أجل تفرقة التكتل الآخر للمعطلين في إطار ما كان يسمى ب " المجموعة المحلية للمجازين المعطلين بخنيفرة " ، فطرح عليهم ذات الخطة للاحتواء ، وتأسست على إثر ذلك جمعية " بدائل " وكان ذلك بمثابة النقطة التي أفاضت الكأس ، حيث لم يتفق جميع المعطلين مع الخطوة المتخذة ، فانشفت مجموعة جديدة سمت نفسها " مجموعة الحرية " ، وأخرى سمت نفسها " مجموعة الأربعين " ، فتقلص العدد لتظهر في الأفق معلومات جديدة تقول أن الجسم النضالي للمجموعة أصبح مخترقا من طرف مخبرين كانوا للأسف الشديد في المقدمة وذلك من أجل التنكر ، لينسحب أكثر من 7 أعضاء من الجمعية المذكورة مقدمين استقالاتهم ، فانقسم عدد المتبقين في المجموعة المحلية إلى قسمين هما " المجموعة المحلية للمجازين المعطلين بخنيفرة " التي احتفظت بالتسمية واحتفظت على المناضلين الشرفاء ، والمجموعة الأخرى التي قادتها جهات معلومة للمشاركة في مشاريع تبدو على الورق سهلة لكن في الواقع هي خندق لن يخرج منه المعطلون الذين تم الضحك عليهم ، وبعد الانقسام وتشكيل جمعية " بدائل " أيضا ، تقدم المعطلون من كل مجموعة بلوائح للسلطات للاستفاذة من الامتيازات المباشرة والمتمثلة في الحصول على أكشاك باستثناء مجموعة " الحرية " ، وقد حدد عدد الأكشاك في 10 أكشاك ، منح منها ثلاثة أكشاك للمجموعة المحلية للمجازين المعطلين ، وثلاثة أيضا لمن يسمون أنفسهم " فرع الشهيد والحركة التصحيحية " ، وكشكين لمجموعة الأربعين ، وكشكين أيضا لفلول المشاركين في جمعية " بدائل " المتمسكين بقيادة أخلفت الوعود وتحركها جهات معلومة . وبما أن التفصيل كان هكذا ، فقد ارتأت كل مجموعة أن تتعامل مع توزيعها وفق ما تراه صحيحا ، فسلمت " المجموعة المحلية " أكشاكها الثلاثة لثلاث معطلات ، أما الشهيد فقد اقترح ستة معطلين بمعنى معطلين في كل كشك ، وبخصوص المجموعتين الأخريين ، فقد سلمت هي الأخرى أكشاكها بصيغة فردية ، لكن ما أثار استياء العديد من المعطلين خاصة في مجموعة " الشهيد " هو عدم تنازل أربعة معطلين من ذات المجموعة عن الأكشاك ، وهم قد استفادوا من مباراة التعليم الأخيرة ، ونجحوا فيها وسيتخرجون بسلم 10 ، استياؤهم ازداد عندما كان رئيس جمعية " سند " التي شكلت من قبل المستفدين ، وهو أحد المستفدين من مباراة التوظيف يطالب إحدى المعطلات التي كانت تشاركه الكشك بتعويض مادي سيتنازل على إثره عن الكشك لها ، نفس الخطوة اتخذها أيضا المستفيدون الثلاثة الآخرون في تناقض سافر مع مبدأ تكافؤ الفرص ، ومع مبدأ من مبادئ " الجمعية الوطنية لحملة الشواهد " يقول أن أي امتياز يستغله أحد المعطلين هو في ملك الجمعية ، مما يعني أن توظيف المستغل لذلك الامتياز يعني لزاما عودته إلى حظيرة الجمعية للبث فيه ومنحه لمعطل آخر بالاستحقاق ، هي ذي الفكرة التي لم يستوعبها من يسمون أنفسهم فرع " الشهيد والحركة التصحيحية " التي يبدو أن فهمهم لها يعني الارتماء في أحضان السلطة وجمع الامتيازات والوظائف على حساب إخوانهم ، وكذلك تصريف أجندات ضيقة لتيارات نقابية غرضها هو استمرار اقتصاد الريع ، وتوريط المعطلين في خنادق لن يستطيعوا الخروج منها ، نحن كنا نعلم ماذا كانت تنويه قيادة من يسمون أنفسهم فرع " الشهيد " منذ أن تم طردنا من مقر النقابة ، لقد كانت بالفعل تبحث لها عن حلول ذاتية وهو ما تم ، وبالنظر إلى مباراة التعليم الأخيرة يبدو جليا ما استشعرناه ، جميع أعضاء القيادة ينجحون في المباراة والقواعد لا زالت تعيش في بطالة ، والحقيقة المرة هو أن تتواطأ جهات نقابية في هذا الملف المخزني بامتياز ، فإلى متى سيعي المستغّلون خبث النوايا التي تأتي على حقوق المعطلين ؟ .