يعد الزمن مؤشرا رئيسا في بناء مفهوم الحكامة حيث تعتبر آجال الانجاز وتواريخ تسليم البضاعة او الخدمة العمومية أو الخاصة محددات أساسية للتدبير العصري . وتخوض المدرسة المغربية سباقا محموما مع الزمن لاستكمال حلقات الاصلاح وايصال مؤشرات الإنجاز الى مستويات الرضى المجتمعي . وتعد موضوعة الزمن المدرسي من أعقد مكونات المنظومة نظرا لتشابكها وتعالقها مع الزمن المجتمعي والفردي والمؤسسي ... وقد اختارت هذه الورقة اقتحام الموضوع من زاوية المدرس (ة) نظرا لأدواره ومكانته في مختلف الآنظمة التربوية ولندرةالدراسات التي تتناول الموضوع من هذه الزاوية . آملين الإسهام في طرح الأسئلة وفتح نقاش مثمر مع الفاعلين المباشرين على أكثر من صعيد . إذا كان إيقاع المجتمع يتأثر بالزمن المدرسي لاعتبارات موضوعية، فإن المدرس(ة) يلفه الزمن المدرسي في حركاته وسكناته ويشكل حياته المهنية والخاصة ويسمها بمظاهره ومتغيراته. فإذا كان التلميذ يتخلص من الزمن المدرسي بعد ولوجه الحياة المهنية بعد التكوين فإن المدرس يبقى ضمن إيقاع الزمن المدرسي لسنوات طوال بل يمتد ذلك حتى بعد مغادرته أسلاك وظيفة التدريس. ويتعامل المدرس مع الزمن المدرسي المتراتب على مستويين: مستوى عام أي وحدات الزمن المدرسي الكبرى، ومستوى خاص يرتبط بالزمن المدرسي في وحداته التي يشرف عليها مباشرة. يعد المدرس(ة) فاعلا رئيسيا في الزمن المدرسي فبدونه لا يمكن الحديث عنه أصلا. فعند غياب الأساتذة عن مؤسسة تعليمية تصبح مجرد بناية مهجورة تدخل ضمن الزمن المطلق لسائر الموجودات الجغرافية المحيطة بها وتنصهر فيه بدون حياة. وبالعكس فإن ولوج الأساتذة هذه البناية بمعية التلاميذ تدخلها شبكة الزمن المدرسي بنظامه المتراكب والذي يسير في اتجاه معين ومسيج بنصوص تنظيمية وقانونية. وعلى أساس ذلك سوف نحاول النظر إلى وحدات الزمن المدرسي الكبرى من زاوية نظر المدرس للبحث عن آليات اشتغاله بهذه الوحدات في سبيل تحقيق المسار المسطر في التوجيهات التربوية العامة. 1 - السنة الدراسية للمدرس(ة): تخضع السنة الدراسية للمدرس لتحديد قانوني يرتبط بقرار السيد الوزير حيث أن التعيين لأول مرة يستجيب لهذا القرار، كما يخضع لنفس القرار أي إجراء إداري آخر كالانتقال أو الالتحاق أو التكليف... ويترتب عن تحديد هذا التاريخ بموجب هذا القرار آثار مالية وإدارية واجتماعية ومهنية نجدها مسطرة في أي قرار صادر في اسم هذا الموظف. نفس الوضعية نجدها لكن في إطار أخف إداريا بالنسبة للمدرسين في التعليم الخاص حيث أن تحديد السنة الدراسية يتم من خلال منطوق العقد المبرم ما بين المدرس(ة) والمشغل. وتخضع السنة الدراسية لدى المدرس(ة) لمتغيرات عدة نجملها في ما يلي: * التلاميذ: كل سنة دراسية تتميز لدى المدرس(ة) بفوج أو أفواج من التلاميذ الجدد بالمعنى العام. حيث أنه حتى لو احتفظ بنفس التلاميذ فإنهم عرفوا نموا جسديا وذهنيا على مدى السنة جعلهم أطفالا أو مراهقين آخرين (Huget, 2003, p 30)، ومن تم أصبحت لهم حاجات جديدة وأصبحوا يتصرفون بطريقة مختلفة. كما أن لمعطى التكوين دوره في النضج. فالمعارف والمهارات والمواقف لا تمر أمام أعين التلاميذ دون أثر. هذا المتغير له أثره كذلك على المدرس الذي يجد نفسه أمام « جمهور» جديد يحتاج إلى وقت لحصول التناغم والألفة، وبين الزمنين اشتغال باطني على الذات والآخر. * المستويات: يحيل هذا المصطلح على المجال البيداغوجي الصرف أي مستويات الأسلاك التعليمية. كما يمكن أن نجد في المؤسسة التعليمية مستويات أخرى يتعامل معها المدرس(ة) كواقع ضمن جماعة الفصل الدراسية. صحيح أن كل سنة دراسية ترتبط عند المدرس بتعامله مع مستويات دراسية مختلفة أي أعمار ومضامين وطرق عمل مختلفة. وغالبا ما يميل المدرسون إلى المحافظة على نفس المستويات حتى أصبحنا نلاحظ تخصص بعضهم في مستويات معينة. وبغض النظر عن الجدوى البيداغوجية لهذا الاختيار فإن الأمر لا يخلو من إيجابيات وكذا سلبيات تحتاج إلى دراسة مستقلة. قد يشهد المدرس ما بين السنة والأخرى تغيرا في مستويات التلاميذ من حيث الانتماءات الاقتصادية – الاجتماعية وكذا السوسيومجالية والإثنية – اللغوية خاصة وأن الحركة الانتقالية تحصل كل نهاية سنة دراسية. وبداية السنة الموالية قد تشكل تغييرا جذريا في طريقة تعامله السابق مع المستويات المشار إليها. وقد لا يقتصر تغيير المستويات الدراسية على سلك واحد كما هو متعارف عليه حتى الآن، بل قد يشمل تكليفات بالتدريس في أسلاك مختلفة على ضوء الخصاص والحركية التي يعرفها تدبير الموارد البشرية أثناء الفترات الحرجة التي سوف تشهدها المنظومة التربوية ) و- ت- و، 2004، منتديات( والتي تفترض سد الخصاص في الثانوي من الفائض الذي سوف يحصل في الابتدائي لعوامل ديموغرافية ومجالية. * المضامين: يرتبط هذا المتغير مع ما سبق ذكره، فالسنة الدراسية الجديدة تحمل معها كذلك تغيرا لدى المدرس(ة) في المضامين والمهارات والقيم المراد توصيلها لجماعات القسم. وهذا الأمر يفرض على المدرس تغيير زوايا نظره واهتماماته. وقد شهد المدرسون تغيرات كبرى على هذا المستوى في كل سنة من سنوات الإصلاح حيث عرف تغييرات في الكتب المدرسية والمناهج والبرامج وكذا ما تحمله هذه الوثائق من مقاربات وعدد مفهومية دخلت شيئا فشيئا في بداية كل سنة دراسية حتى استطاعت أن تحل محل الوسائل والوسائط القديمة. ويجد المدرس(ة) نفسه مجبرا على التعامل ثم التكيف معها. * الفضاء: قد يحمل رأس السنة الدراسية تغييرا على مستوى الفضاء لبعض المدرسين الذين غيروا مقرات عملهم لسبب من الأسباب. أو قد يكون تغيير الفضاء قد حصل في نفس المؤسسة بتغيير قاعات الدرس، ورغم بساطة هذا التغيير فإن له وقعا خاصا في نفسية المدرس(ة) خصوصا إذا دخل هذا التغيير في حسابات تخص العلاقات التراتبية داخل المؤسسة التعليمية... ويبدي كثير من المدرسين خاصة في السلك الابتدائي تشبثا بقاعات معينة ويمتعضون من أي تغيير. هذا التغيير الفضائي قد يكون جذريا من خلال الانتقال من العالم القروي إلى الحضري أو العكس مع ما يحمل هذا التحول من آثار على عدة مستويات. * الشركاء: يعمل المدرس(ة) ضمن مؤسسة تعليمية عبارة عن مدينة صغيرة إلى جانب شركاء في المهنة: أساتذة وكذا إدارة تربوية مع اقتصارها بالنسبة للإبتدائي على المدير(ة). واشتمالها في الثانوي على حراس عامين ونظار ومعيدين بل وتمتد خريطة الشركاء إلى الأعوان وبعض الفاعلين في منظمات المجتمع المدني المرتبطة بالمدرسة. كما لا يجب أن ننسى أن كل مؤسسة تعليمية توجد ضمن مقاطعة للتفتيش تتعامل مع جهاز تفتيش تخصصي ومقاطعة للتوجيه والتخطيط التربوي. هؤلاء الفاعلون والشركاء يؤثثون الفضاء الرمزي للمؤسسة بحضورهم الفعلي أو الرمزي. قد يحمل رأس السنة الجديد تغييرا لدى المدرس في جهاز التفتيش التربوي بحكم حركية الموارد البشرية وقد يترتب عن ذلك شكل جديد من العلاقات ومراكز الاهتمام. نفس الأمر قد يترتب عن تغيير في الإدارة التربوية جزئيا أو كليا. * المهام والمسؤوليات: قد يكون رأس السنة الدراسية بالنسبة لمدرس(ة) نهاية انتمائه لسلك التدريس وتكليفه بمهام الإدارة التربوية كما هو منصوص عليه في النظام الأساسي، أو قد يعود المدرس إلى مقاعد الدراسة في إطار التكوين للترقي أو تغيير الإطار صوب التفتيش أو التخطيط أو التوجيه التربوي )السكتاوي 2001، ص ص 193-199(، وقد شكلت للكثيرين نهاية السنة الدراسية نهاية المشوار المهني بالإحالة على التقاعد الطوعي أو لحد السن. إذن فبداية السنة الدراسية أو نهايتها ليست حادثا اعتباطيا طارئا في حياة المدرس(ة) المهنية فالسنة الدراسية كوحدة زمنية هي الرصيد الذي يرعاه ويحقق به مكاسب في الترقية والترشح للمناصب الإدارية والمسؤوليات والمشاركة في الحركة الانتقالية. وبما أن المدرس(ة) يعتبر فاعلا كسائر المتدخلين في المدرسة والمجتمع فإنه يخضع بدوره لظواهر السنة الدراسية كمساحة زمنية على عدة مستويات أهمها: أ- التغيرات الفصلية: فالمدرس(ة) يمارس مهامه خلال السنة الدراسية في ظروف البرد والحر ويتأثر بذلك على مستوى أدائه المهني والإنساني. ب - إيقاع وتواتر العطل المدرسية: غالبا ما يقسم المدرسون السنة الدراسية إلى مقاطع من العمل والراحة تجعلهم يبرمجون الأنشطة التعليمية في علاقة وطيدة مع مواعيد الاختبارات الدورية وضرورات إنهاء المقررات في أوقاتها المناسبة. ج- المعطيات الإجتماعية: وترتبط أساسا بأن السنة الدراسية تشتمل على مواعيد دينية واجتماعية كالأعياد والمناسبات، تعد لحظات متميزة بتغيير في الإيقاع والأنشطة. وغالبا ما تتزامن هذه المعطيات مع السفر وصلة الرحم والعودة إلى الفضاءات المفتقدة. د- خصائص العمل المدرسي: فالمدرس(ة) لا يتعامل مع مراحل وشهور السنة الدراسية بنفس الطريقة بل يمكن أن نتصور أن الشهور الأولى تكون بمثابة مداخل وتمرينات أولية لطريقة العمل، بينما تكون المراحل الأخيرة من السنة مراحل تقويمية أو استعدادات للتقويم. وبين هذه اللحظات يغير المدرس (ة) من أسلوبه خاصة وأن معاشرة جماعات القسم يترتب عنها آليات للتعاقد الصريح والضمني ) الضاقية، 2006، ص 20 (. إذن فالسنة الدراسية يراها المدرس ككتلة تتبدى أماه كمهام وأنشطة لابد من إنجازها وفق إيقاع معين لكنها تشكل شاشة دخان قد تخفي ورائها تغييرات في وضعيته الإدارية أو التربوية. ولن نجازف إذا قلنا على لسان أحد المدرسين أن لكل سنة نكهتها ومفاجآتها. 2 - أسبوع المدرس(ة): يشكل الأسبوع الدراسي الوحدة الرئيسية التي يشتغل بها المدرس(ة). فاستعمال الزمن الذي يسلم للمدرس في أول يوم عمله هو عبارة عن شبكة أسبوعية ترتسم عليها الحصص اليومية والأقسام المسندة له وكذا الفضاءات المخصصة لذلك. وبنظرة فاحصة على هذه الشبكة تبرز ترددات وإيقاعات معينة مرتبطة بالمواد الدراسية وكذا بجماعات القسم المعنية بهذه المواد. وعلى المستوى القانوني فالنصوص تحدد حصة كل سلك تعليمي أو مادة دراسية من خلال عدد الساعات أو الحصص الأسبوعية الواجبة، وكذا بالنسبة لأصناف المدرسين فكل إطار مرتبط بحصيص أسبوعي محدد وحتى ما سمي بالساعات التضامنية تمت إضافتها على مستوى الأسبوع. وداخل هذا الحصيص الأسبوعي ينصب نقاش الفرقاء الإجتماعيين من أجل تخفيضه لتوسيع قاعدة التوظيف لحل مشكل البطالة وبالمقابل تتشبث الأطراف المشغلة بزيادة عدد ساعات الأسبوع لربح مناصب مالية. وتأتي أهمية ودور الأسبوع من معطيات متعددة ومتجدرة في الموروث الإجتماعي ، فالأسبوع له محددات دينية عقائدية حيث يبدو يوم الجمعة كمنارة تتميز بالصلاة الجماعية واللقاء وبواسطتها يتم شبك المجال الزمني، كما له محددات اقتصادية حيث يشكل يوم السوق الأسبوعي في البادية مناسبة للتواصل وربط العلاقات. وحتى في المدينة فإن أغلب الأسر تخصص يوما للتبضع يدخل ضمن دروة الإنتاج والاستهلاك، كما لا يجب نسيان عطلة نهاية الأسبوع كمحطة اجتماعية ينخرط فيها المدرس(ة) على مستوى الحياة العائلية وكذا كلحظة استراحة واستعداد للأسبوع الموالي. إذن فالإيقاع الأسبوعي يبدو أن له ثقلا معينا في بناء الإيقاع المدرسي العام، وبناء أنشطة الحياة المدرسية عليه ليست اختيارا اعتباطيا (Champy, 1994, p 375). إلا أننا لابد من الانتباه إلى أن الأسبوع الدراسي لدى المدرس ليس كتلة متجانسة، فوحداته الصغرى أي الأيام تختلف اختلافا كبيرا ، فاستنادا إلى علم الوثائر الحيوية (Chronobiologie) وعلم الوتائر النفسية Chronopsychologie وتحليل الإيقاعات Rythmanalyse تتأسس مساحة الأسبوع على لحظتين متناغمتين: - لحظة الشهيق Inspiration والتي تحيل على النشاط والحيوية والانفتاح والإلهام. - لحظة الزفير Expiration والتي تحيل على الارتخاء والإجهاد وطرد ثاني أكسيد الكربون وكذا نهاية مرحلة (Bachelard, 1950, p 148) وإذا كانت لحظة الشهيق هي لحظة نشاط فإن اللحظة الثانية هي لحظة تعب. ومن خلال البحث الميداني حول الايقاعات يتبين أن أيام السبت والإثنين والجمعة هي أيام مرهقة بالنسبة ل 80% من عينة البحث إلا أن يوم السبت هو الأكثر إرهاقا لدى 45% من الأساتذة المستجوبين ) الضاقية، 2002، ص 37 (إذن فهذه المعطيات قد تكون مهمة لإعادة النظر ف ي بنية الأسبوع الدراسي وطريقة توزيع المكونات المعرفية والمهارية داخله. نعود إلى استعمال الزمن الخاص بالمدرس (ة) والذي يتسلمه في يوم محدد ينص عليه قرار وزاري لنشير إلى أن هذه الشبكة لا تكون تامة إلا بعد أن يتدخل فيها المدرس عبر تعيين المواد الدراسية والأنشطة التي سوف تؤثثه خلال السنة الدراسية بالنظر إلى إكراهات المادة أو المواد الدراسية، وبتوافق مع الإدارة التربوية والتفتيش الذي تكون له الكلمة الأخيرة في قبول أو رفض التوزيع الذي يخضع لضرورات ديداكتيكية من خلال التتابع والتزامن والتوازي. ومن ليس له استعمال زمن يعتبر فائضا عن الحاجة. إذن يصبح استعمال الزمن أداة لإيقاعية خاصة مرتبطة بالمواد وكلما ارتفع الإيقاع والتردد إلا وكان للمادة ثقل على مستوى المعاملات والنقط وآثارها على التوجيه والتخصص، وإن كان هذا الأمر لا يبرز في الإبتدائي والإعدادي فإن مؤشراته حاضرة في تردد المادة أسبوعيا في استعمال زمن التلميذ والمدرس. 3 - يوم مدرس(ة): يعيش المدرس(ة) وحدة اليوم الدراسي من منظور يوم عمل يتباين من خلال بنية استعمال الزمن الأسبوعي حيث أن موقع اليوم ضمن الأسبوع يعد حاسما في إعطائه إيقاعا خاصا ناتجا عن السوابق واللواحق. ويعد الضوء والظلام أهم الحوادث المكونة لليوم، وتبقى الوقائع الأخرى ناتجة عنها باعتبار ما سبقت الإشارة إليه في إطار تحليل الإيقاع الزمني. يبدو تحديد بداية اليوم الدراسي سهلا بالانطلاق من شبكة استعمال الزمن عبر الحصة الأولى من الدرس سواء تحددت في الصباح أو بعد الظهر. لكن أبحاث علم الوثائر الحيوية والنفسية تعتبر أن اللحظات الأولى قبل النوم هي التي يمكن اعتبارها انطلاقة لعدادات اليوم الدراسي. حيث أن نوع وجبة العشاء ومكوناتها وتوقيتها هي المتحكمة في ساعة انطلاق النوم ونوعيته ومن تم شكل الاستيقاظ... وكل هذه المعطيات تعد محددات أساسية ليوم العمل المفترض اعتمادا على متميزات النشاط/الحيوية، والتعب / الفتور (Magnin, 1993, p 105) والتي تعطي الشعور الإيجابي أو السلبي بانسياب الزمن المهني اعتبار عنصر الاستراحة التي تساهم في تحمل العناء. يمكن متابعة مسار هذا اليوم بشكل مقتضب عبر المحطات والأحداث التالية: * التنقل: يعد التنقل من وإلى المؤسسة التعليمية حدثا ملازما للمدرس(ة) ومؤثرا على يومه الدراسي . ومن خلال الدراسة الميدانية يبرز أن المدرس يكلفه التنقل معدلا يتجاوز 35 دقيقة في كل رحلة من وإلى المدرسة، لكن هذه المدة قد تصل في الواقع إلى أكثر من ساعة ونصف وقد تكون في حدود دقائق، حسب التوزيع المجالي للوحدات المدرسية. كما أن هذا المعطى يتأثر بشكل وصيغة استعمال الزمن في الأسلاك التعليمية الثلاث، حيث أن التوقيت المكيف المعمول به في بعض المدارس الإبتدائية في العالم القروي يؤدي إلى اختزال التنقل بنسبة 50%، لكنه يطرح مشاكل أخرى تتعلق بالتغذية والراحة والبنيات المتوفرة. يطرح هذا المعطى كذلك وسيلة التنقل التي تبدأ من المشي على الأقدام 11% وحتى استعمال سيارة خاصة 17% مرورا بأشكال النقل العمومي والسري والدراجات العادية والنارية وما يترتب عن ذلك من آثار صحية وعلى مدى إنجاز الدروس في وقتها. كما أن للبنية التحتية ارتباطا وثيقا بهذا العنصر فالطرق والمسالك الوعرة، إن وجدت، تشكل عائقا أمام المدرس في المناطق القروية مما يزيد من كلفة التنقل المادية والجسمية والنفسية (Vermeil, 1987, p 60) . * التغذية: تعد مؤشرا بيولوجيا مهما على تمثل الزمن وتحمل انسيابه، ونجد أن هذا الحادث مرتبط أشد الارتباط بما تمت الإشارة إليه كالانتشار المجالي للمؤسسات التعليمية والتنقل وصيغ استعمال الزمن، وكذا العادات والتقاليد المغربية في توقيت ونوعية الغذاء. وإذا كان هذا الأمر لا يخلق مشاكل في السلكين الإعدادي والتأهيلي فإنه مطروح بحدة في الإبتدائي، بل وقد يخلق مشاكل بين الأساتذة ومحيط المدرسة من آباء وتلاميذ حيث تتحول بعض المدارس إلى مطاعم مفتوحة في فترات معينة مما يؤدي إلى هدر الزمن المدرسي نظرا لغياب بنيات خاصة بهذه العملية في مؤسسات معزولة يحيط بها الفراغ ويتسرب إليها التعب والجوع في كل لحظة. * أوقات العمل: طرح ويطرح التوقيت نقاشا واسعا لدى المدرسين سواء في الحواضر أو في القرى أو المناطق الشبه حضرية. وتطرحه الجهات الرسمية في إطار التغلب على الخصاص في الموارد البشرية وكذا كخيار ضمن خيارات التغلب على المراحل الحرجة في التطور الإنمائي المستقبلي للنظام التربوي ، فمن المنتظر أن ترتفع الأعداد في السلكين الإعدادي والتأهيلي وتتراجع أعداد تلاميذ الإبتدائي )و-ت-و، 2004( . أما بالنسبة للمدرسين فهم يقترحون تخفيض ساعات العمل للحد من الإرهاق الذي يؤثر سلبا على مستوى الأيام حيث اعتبرت عينة البحث الميداني أن يوم السبت هو الأكثر إرهاقا بنسبة 45% يليه يوم الإثنين 19% والجمعة 16% أي أن هذه الأيام الثلاثة وحدها تعتبر متعبة لدى أزيد من 80% من المستجوبين مما يعطي مؤشرات دالة على إمكانيات إعادة النظر في اليوم الدراسي لدى المدرسين. 4- عطلة المدرس(ة): يطرح موضوع العطلة عند المدرسين لبسا قانونيا وتربويا، فبالنظر إلى لائحة العطل المدرسية نجد أن وجودها مرتبط بإيقاع المتعلمين وأن المدرس بوصفه موظفا له الحق كباقي المستخدمين في عطلة سنوية محددة. فهل يتعلق الأمر بعطلة المدرس أم عطلة المتعلمين؟ عند الرجوع إلى الوثائق الصادرة عن الوزارة الوصية منذ فتح أوراش الإصلاح نجد أنها تعتمد تنظيما جديدا للسنة الدراسية يتأسس على دورتين أو فترتين تفتح الأولى بالتحاق المدرسين إلى مقرات عملهم وفق قرار لوزير التربية الوطنية يصدر في نهاية السنة الدراسية وينشر على نطاق واسع. حيث يتم وضع لوائح اللوازم المدرسية ويتسلم المدرسون جداول الحصص. ويتم تقسيم السنة إلى 6 فترات للدراسة الفعلية والفصل بين فترات الدراسة بفترات بينية. ويتم فصل الدورتين بعطلة مدرسية تتراوح بين 10 و 12 يوما مع إدخال العطل الدينية والوطنية في الحسبان ) و- ت- و، تنظيم، 2000( . إذن نلاحظ أنه لأول مرة يتم التنصيص على عطل لا يستفيد منها المدرسون من خلال هذه الوثيقة، حيث تعتبر أن الفترات البينية عطلا للتلاميذ أما المدرسون فينجزون خلالها مجالس الأقسام والمجالس التعليمية وأنشطة التكوين المستمر والأعمال المرتبطة بالمدرسة والمحيط وسوف تؤطر هذه المهام من طرف هيآت التفتيش. إلا أن الواقع المعيش يشير إلى أن استغلال هذه الفترات البينية لم يتم تفعيله بالشكل المنصوص عليه لعوامل متداخلة حيث تصبح كلها عطلا كسائر العطل. وعليه فتبعا للوثائق الرسمية المعنية تمتد العطلة التي يستفيد منها المدرس(ة) على حوالي 17 أسبوعا تشكل لحظات لتجديد العدد النفسية والمعرفية وصلة الرحم بالنسبة لشريحة كبيرة. هذه المعطيات النابعة من البحث الميداني كفيلة بفتح ورش موضوعة الزمن المدرسي على إمكانيات الحكامة وحسن التدبير.بل قد يمكن ذلك من طرح تساؤلات محرجة على المنظومة من قبيل مدى ومستويات هدر الزمن المدرسي والمجتمعي؟ثم الى أي حد تستفيد المنظومة من خبرة وقدرات المدرس(ة) ؟ في وقت يضيع كثير من وقته في عمليات لاتخدم المهمة التي وجد من أجلها في فضاة المؤسسة التعليمية . *مفتش التعليم الثانوي- نيابة أسفي هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته. مراجع - وزارة التربية الوطنية، المنتدى الوطني للإصلاح: المكتسبات والأفق، 2006، الرباط. - و- ت- و، تنظيم السنة الدراسية، غشت 2009. - السكتاوي، م، 2001، دليل الهيأة التعليمية في المغرب، البيضاء - الضاقية، ع، 2002، الجودة في التعليم والتكوين، البيضاء. - الضاقية، ع، 2006، مكونات الفعل التربوي )تلميذ – مدرس – معرفة(، البيضاء - Bachelard, G, 1978, La poètique de l'éspace, P.U.F. - Chabanne, J-L, 2005, Les défficultés d'apprentissage, NATHAN. – - Huguet, P, Bon ou mauvais élèves? Sciences humaines, N° 142, Sept 2005. - Magnin, P, 1993, Des rythmes de vie aux rythmes scolaires, P.U.F - Vermeil, G, 1987, La fatique à l'école, E.S.F.